الصين تخطو بحذر لتخفيف أسعار الفائدة لمخاوف من البنوك واليوان
رجح محللون أن يخفض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة على الإقراض في محاولة لإنعاش الاقتصاد، لكن إحجام الشركات الخاصة والأسر عن الاقتراض يعني أن استمرار التيسير في السياسة قد يؤدي في النهاية إلى إلحاق الضرر بالبنوك التي تكافح بالفعل ضغوط الهامش.
وأوضح الاقتصاديون لـ "رويترز" أن التخفيضات في أسعار الفائدة لن يكون لها تأثير كبير في طلب القروض حيث تقوم العائلات والشركات بإصلاح الميزانيات العمومية التي تضررت من جراء فيروس كورونا وتسديد الديون، مما يجبر بكين على الاعتماد على التحفيز المالي وأدوات السياسة الأخرى لتحفيز الطلب.
وخفض بنك الصين الشعبي أسعار الفائدة الرئيسة للقروض الرئيسة للمرة الأولى في عشرة أشهر أمس، مع تخفيض أقل من المتوقع بمقدار 10 نقاط أساس لمدة خمسة أعوام، مما يؤثر في التسعير من الرهون العقارية.
ويتوقع معظم الاقتصاديين خفضا متواضعا آخر بمقدار 10 نقاط أساس في النصف الثاني، علاوة على خفض بنسبة 25 نقطة أساس في نسبة متطلبات البنوك، وكانت آخر مرة خفضت فيها نسبة الفائدة النقدية "كمية النقد التي يجب أن تحتفظ بها البنوك كاحتياطيات" في مارس بمقدار 25 نقطة أساس.
وللمساعدة بإيجاد مجال لخفض أسعار الإقراض، سيتعين على بكين السماح للبنوك بتخفيض أسعار الفائدة على الودائع، وهي مصدر رئيس للتمويل للمقرضين، مع هوامش صافي الفائدة وهو مقياس رئيس للربحية عند أدنى مستوياتها القياسية، وانكمش للبنوك الصينية بشكل حاد من 1.91 في المائة خلال نهاية العام الماضي إلى 1.74 في المائة خلال الربع الأخير.
وقال وانغ ييفنغ محلل في القطاع المصرفي "أعتقد أنه من المرجح أن تتخذ البنوك إجراءات في الربع الأخير من العام للسيطرة على تكاليف المطلوبات، مثل مزيد من خفض أسعار الفائدة لبعض منتجات الودائع، ولا يزال الضغط على البنوك من تضييق مستمرا".
وقالت شركة الامن التجارية الصينية في تقرير إن كل خفض بـ 5 نقاط أساس قد يقلل من أرباح البنوك الكبرى قبل الضرائب بما يصل إلى 1.8 في المائة، لكن خفض كل من معدلات الإقراض والودائع لن يساعد البنوك إذا لم ينتعش الطلب على الائتمان.
قال محللون إن جولة من تخفيضات أسعار الفائدة على الودائع من قبل البنوك منذ سبتمبر فشلت حتى الآن في تحفيز الاستهلاك، وقد يكون لمزيد من التخفيضات نتائج عكسية حيث يتضرر المدخرون من ضعف العائدات.
وشكلت القروض المنزلية الجديدة خاصة القروض العقارية والقروض الاستهلاكية 14 في المائة فقط من إجمالي القروض الجديدة في الأشهر الخمسة الأولى، بانخفاض 18 في المائة عن 2022 و40 في المائة عن 2021، في حين ذهب الجزء الأكبر من القروض الجديدة إلى الشركات، وبيانات البنك المركزي أظهر.
وأوضح جاري نج كبير الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة ناتيكسيس "الخفض البسيط لسعر الفائدة هو مسكن مفيد للأعراض ولكنه لا يمكن أن يخفف من المشكلة الحقيقية" مضيفا "الأسر والشركات غير متأكدة بشأن التوقعات الاقتصادية وإمكانية التنبؤ بالسياسة. وهذا يعني أن الحكومة بحاجة إلى فك العقدة بشأن اللوائح وتوفير مساحة أكبر للتنفس خارج السياسات النقدية والمالية".
ومع استمرار تراجع الثقة في أعمال القطاع الخاص، يمكن توجيه المزيد من الائتمان إلى الشركات الحكومية ومشاريع البنية التحتية. ومع ذلك يمكن أن يؤدي ذلك بدوره إلى تأجيج مخاطر الديون المعدومة في القطاع المصرفي والتشوهات الهيكلية، كما يقول الاقتصاديون.
وقال مسؤول تنفيذي في بنك حكومي كبير طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام "ظل الطلب على الائتمان للشركات المملوكة للقطاع الخاص ضعيفا إلى حد ما خلال الأعوام القليلة الماضية منذ كوفيد 19"، مضيفا "الآن بعد أن قامت الشركات بإصلاح ميزانياتها العمومية بعد إنهاء قيود كوفيد 19 في ديسمبر، فمن غير الواقعي بالنسبة لهم اقتراض الأموال لبناء المصانع وتوسيع السعة".
وقال الاقتصاديون إن الصين لا تزال على المسار الصحيح لتحقيق هدفها المتواضع للنمو في 2023 عند 5 في المائة، لكن التباطؤ الأعمق في الأشهر المقبلة قد يؤدي إلى المزيد من فقدان الوظائف ويغذي مخاطر الانكماش، مما يقوض ثقة القطاع الخاص.
وكان مجلس الوزراء الصيني قد ناقش الجمعة الماضي الإجراءات السياسية لدعم الاقتصاد. يتوقع المطلعون على السياسة أن تركز الإجراءات على تسريع الإنفاق على البنية التحتية، ودعم المستهلكين والشركات الخاصة، وتخفيف القيود على قطاع العقارات.
وقال تشانغ مينغ كبير الاقتصاديين في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وهي مؤسسة فكرية حكومية كبرى، إنه يتعين على بكين أن تنفذ بسرعة حزمة من السياسات الاقتصادية للقضاء على فجوة الإنتاج، التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، مضيفا أنه يتعين على الحكومة المركزية النظر في إصدار سندات خاصة بقيمة تريليون يوان (139 مليار دولار) لتمويل قسائم المستهلكين.
وقاومت الحكومة حتى الآن مثل هذه الدعوات لاتخاذ إجراءات صارمة، على الرغم من تعهد بكين بإعطاء الأولوية لتعافي المستهلكين، على الرغم من رياح النمو المعاكسة الكبيرة.
ومن غير المرجح أن تواجه الصين وضعا مثل الأزمة الاقتصادية في اليابان، وكتب الاقتصاديون في مورجان ستانلي في تقرير في التسعينيات، حيث لم تحدث صدمة مالية كبيرة في الاقتصاد الذي يعد الثاني عالميا في العالم "نعتقد أن الدروس التحذيرية من تجربة اليابان موثقة جيدا ويبدو أن تكرارها في سياق الصين يبدو أقل احتمالا بكثير".