واشنطن تراهن على نيودلهي كقوة موازية للصين عبر اتفاقيات في أشباه الموصلات والفضاء
استقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن بحفاوة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم عبر اتفاقيات كبرى متعلقة بمحركات الطائرات المقاتلة وأشباه الموصلات والفضاء، في وقت تراهن واشنطن على نيودلهي كقوة موازية للصين.
ويحظى مودي باهتمام وترحيب كبيرين في الولايات المتحدة خلال زيارة الدولة التي تعد الثالثة لأي مسؤول في عهد بايدن إذ لم تخف واشنطن دعمها له رغم عدم ارتياحها حيال رفض الهند التخلي عن روسيا واتهام مجموعات حقوقية الزعيم الهندوسي القومي بالاتجاه إلى الاستبداد بشكل أكبر.
وفي تلميح مبطن إلى المخاوف في هذا الصدد، وصف بايدن اليوم الحرية الدينية بأنها "مبدأ جوهري" بالنسبة للهند والولايات المتحدة على حد سواء.
وجلس مودي، رئيس الوزراء الهندي الأكثر نفوذا منذ عقود، على مائدة العشاء مع بايدن الأربعاء قبل عودته اليوم إلى البيت الأبيض ليحظى بتكريم عسكري.
وسيلقي خطابا خلال جلسة مشتركة للكونجرس قبل العودة إلى البيت الأبيض لحضور حفل عشاء استعانت السيدة الأولى جيل بايدن لتحضيره بالشيف الشهيرة نينا كورتيس المتخصصة بالوجبات النباتية، علما بأن رئيس الوزراء يتبع نظاما غذائيا نباتيا صارما.
وأعلن البيت الأبيض أن الزعيمين سيجيبان على أسئلة الصحافيين لكن من دون تسمية المناسبة مؤتمرا صحافيا. يُعرف عن مودي تجنّبه دائما تقريبا أي تفاعل مرتجل مع الصحافيين على مدى أعوامه التسعة في السلطة.
وفي إحدى أهم الاتفاقيات التي أُبرمت خلال الزيارة ووصفها مسؤول أمريكي بأنها "طليعية"، وقّعت الولايات المتحدة على اتفاق لنقل تكنولوجيا المحركات في وقت تبدأ الهند إنتاج مقاتلات على أرضها.
وستحصل "جنرال إلكتريك" على الضوء الأخضر لإنتاج محركاتها من طراز "إف414" بشكل مشترك مع شركة "هندوستان إيرونوتيكس" للصناعات الجوية والتابعة للدولة الهندية.
وذكر مسؤول أمريكي بأن الهند ستشتري أيضا مسيرات مسلحة عالية الدقة من طراز "إم كيو-9بي سي غارديانز" MQ-9B SeaGuardians. وعام 2019، نفذت الهند ضربة جوية غير مسبوقة في الأراضي الباكستانية استهدفت معسكرا مفترضا لمجموعات متطرفة.
تأمل واشنطن بأن يساعد تعزيز العلاقة الدفاعية في التخفيف من اعتماد الهند على روسيا، أهم مزود للمعدات العسكرية لنيودلهي خلال الحرب الباردة.
ورفضت الهند الانضمام إلى الجهود الغربية الرامية لعزل روسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا واستغلت الأزمة بدلا من ذلك لشراء النفط الروسي بأسعار مخفضة.
وفي نقطة خلافية منذ مدة طويلة، أثارت الهند حفيظة الولايات المتحدة عبر بيع الولايات المتحدة مقاتلات من طراز "إف-16" إلى خصمتها التاريخية باكستان.
- الهند كمركز منافس للصين
وفي اتفاق آخر، ستستثمر مجموعة الشرائح الإلكترونية الأمريكية العملاقة "ميكرون" 800 مليون دولار في محطة لتجميع واختبار أشباه الموصلات في الهند، والتي يتوقع بأن تصل قيمتها إلى 2.75 مليار دولار بعد مساهمات من نيودلهي.
وأفاد مسؤول أمريكي بأن المحطة ستدفع قدما بهدف تنويع سلاسل إمداد أشباه الموصلات المتطورة، في وقت يقود بايدن جهودا منسقة لمنع تصدير الشرائح الإلكترونية الأكثر تطورا إلى الصين.
لكن "ميكرون" أعلنت أخيرا عن استثمار بقيمة 600 مليون دولار في معمل في الصين، رغم ضغط بكين على الشركة عبر الإعلان بأن شرائحها الإلكترونية غير آمنة لمشاريع البنى التحتية الأساسية.
ووافقت الهند التي تزداد قوتها في الفضاء خلال زيارة مودي على الانضمام إلى اتفاقيات "أرتميس"، وهو جهد متعدد الجنسيات تقوده الولايات المتحدة لإعادة البشر إلى القمر بحلول العام 2025.
وفي إطار هذا التعاون، سيعمل برنامج الهند الفضائي مع ناسا على مهمة مشتركة إلى محطة الفضاء الدولية العام المقبل، بحسب البيت الأبيض.
وتسعى الولايات المتحدة إلى توطيد العلاقة مع الهند منذ أواخر تسعينات القرن الماضي، إذ ترى أن الديموقراطية التي تعد أكثر من مليار نسمة تشاركها الرؤيا ذاتها حيال تحديات تشمل الصين والتطرف الإسلامي.
وسبق لبايدن أن استقبل مودي في البيت الأبيض في إطار قمة مجموعة "كواد"، وهي مبادرة تضم أربعة ديموقراطيات تشمل اليابان وأستراليا يُنظر إليها بشكل واسع على أنها تهدف لمواجهة النفوذ الصيني في آسيا.