على المعلنين الحذر من إغراء الذكاء الاصطناعي

على المعلنين الحذر من إغراء الذكاء الاصطناعي

يحب يانيك بولوري، الرئيس التنفيذي لمجموعة هافاس للتسويق، السباحة في الصباح في البحر الأبيض المتوسط عندما يحضر مهرجان كان ليون الإعلاني. الأسبوع الماضي، لم يتمكن من الوصول إلى الشاطئ لأنه كان مشغولا بالكابينات المبنية لـ"ميتا "و"جوجل" و"دبليو بي بي" وغيرها.
الآن، يمتد الحدث الذي بدأ بشكل متواضع قبل نحو 70 عاما، متفرعا من مهرجان كان السينمائي، على طول طريق كروازيت إلى اليخوت المستأجرة والقصور المزخرفة. يضم الحدث مجال التلفزيون والبث ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التكنولوجيا وكل ما يتعلق بالإعلانات. ويرحب الآن بمؤسسات التعلم الآلي مثل شركة أوبن إيه آي، التي طورت برنامج شات جي بي تي ودول-إي.
جلست في مقهى الشاطئ الخاص بشركة دبليو بي بي للاستماع إلى جنسن هوانج، الرئيس التنفيذي لشركة نفيديا لصناعة الرقائق التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، وهو يعد بثورة في صناعة الإعلانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي. قال لجمهور مبهور من المسوقين: "ستنشئون مصانع ذكاء اصطناعي يكون فيها المدخل هو الإبداع، والمخرج هو المحتوى. ستولدون مليارات الإعلانات (...) للجمهور فردا فردا".
إن هذا النوع من الحديث المبهج دائما ما يلقى ترحيبا في كان، فهو رؤية للمستقبل حيث يمكن لكبار مسؤولي التسويق في الشركات القيام بأمور رائعة والشعور بأنهم يتبعون الاتجاه السائد. يصف مهرجان كان ليون نفسه الآن بأنه "مهرجان دولي للإبداع" ولا يحب أي مبدع يحترم ذاته أن يكون متشائما. تحت أشعة الشمس، وأثناء شرب عصير منعش، بدا أن الذكاء الاصطناعي احتمال مغر أكثر من كونه تهديدا وظيفيا.
لكن احذر من أثر الذكاء الاصطناعي. كانت آخر ثورة تكنولوجية في مجال الإعلانات التي وعدت بالكفاءة السحرية والاستهداف الدقيق للمستهلكين هي شراء الإعلانات المؤتمتة عبر الإنترنت. من الناحية العملية، كانت صناعة تكنولوجيا الإعلانات، التي تهيمن عليها شركات مثل جوجل، نعمة ونقمة بوضوح.
نحو ربع مبلغ الـ88 مليار دولار الذي ينفقه المعلنون الأمريكيون على شراء الإعلانات المؤتمتة يذهب هدرا، كما اشتكت مجموعتهم التجارية الأسبوع الماضي، حيث يستخدم الإعلان العادي 44 ألف موقع، بعضها مخادع. كما لاحظ بيتر ميرز، الذي يرأس وكالات الإعلام في "هافاس" قائلا: "لقد سلكنا طريق الجمهور المحدد بالإعلانات الآلية قبل عقد من الزمان وأغرتنا التكنولوجيا".
لا شك أن الذكاء الاصطناعي التوليدي له استخدامات في الجانب الإبداعي للإعلان. أحدها أنه يمكن أن يساعد الشركات الصغيرة على الارتقاء بمستواها أمام المنفقين الكبار على التسويق في شركة مارس وشركة دياجيو وما شابههما. وتميل العقول الإبداعية في الوكالات التي تشغل أماكن الضيافة الرئيسة في مدينة كان الأسبوع الماضي إلى أن تكون مكلفة عند الاستعانة بها: إذ يتعين الدفع لكل تلك الأطراف بطريقة ما.
لقد صادفت مثالين، أحدهما في سيريوس إكس إم، قناة الإذاعة عبر الراديو الأمريكية. تخطط القناة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج إعلانات لشركات صغيرة، وتقدم لها خيارات من العروض التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، ثم قراءة اختياراتها بصوت يولده الذكاء الاصطناعي، بدلا من "المواهب الصوتية" باهظة الثمن. من غير المحتمل أن تكون النتيجة مقنعة مثل الإنتاج البشري ولكنها ستكون أرخص وأسرع.
على نحو مشابه، استخدمت مجموعة مكان وورلد جروب التسويقية الذكاء الاصطناعي لصنع 42 ألف لافتة وقائمة طعام لـ8400 مالك لأكشاك الهوت دوج والبرجر المكسيكيين ممن هم عملاء مجموعة بيمبو للمخبوزات، العميلة لدى المجموعة. وبينما لا يمكن لعرض مصمم بالذكاء الاصطناعي للوجبات السريعة أن يجعلك على قدم المساواة مع ماكدونالدز أو كيه إف سي، فإن كل ذلك يساعد.
كما يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضا في الأعمال غير الفاعلة لتصميم حملات للشركات الكبرى. بدلا من الاستهزاء بالأفكار الأولية الكثيرة من البشر، يمكن انعاشها بواسطة الذكاء الاصطناعي ثم تركها - أو تخزينها في قاعدة بيانات للاستخدام المستقبلي - عند اختيار واحدة أو اثنتين. سيظل البشر ينتجون الإعلان النهائي، مع أتمتة الأشياء الروتينية.
لكن معظم الإثارة في مدينة كان كانت تتعلق بما يتجاوز عمليات دمج الذكاء الاصطناعي تلك. إنها تتعلق برؤية هوانج للتجزئة اللانهائية، أو ما أطلق عليه براد لايتكاب، رئيس العمليات في شركة أوبن إيه آي، "انتشار واسع" للإبداع. (التقينا في أحد المقاهي لأن شركة أوبن إيه آي جديدة جدا في المدينة لدرجة أنها تفتقر إلى كابينة خاصة بها، لكن أمهلها بعض الوقت).
الفكرة هي أن المسوقين لم يعودوا مضطرين لعرض الإعلانات نفسها لأشخاص مختلفين، بغض النظر عن هويتهم أو ما يفعلونه في ذلك الوقت. يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانية خفض تكلفة إجراء اختلافات صغيرة، من الألوان إلى الأشكال إلى موسيقى الخلفية، وفقا لتفضيلاتنا ووضعنا. فإذا كنت مسجلا في سجل رقمي على أنني أشتري قمصانا أرجوانية، فمن المحتمل أن أرى اللون الأرجواني.
إن هذا يثير حماس المعلنين، ولكن هناك بعض المطبات الواضحة. الأولى هي أن التقارب الزائد سرعان ما يصبح مخيفا. لا أمانع في أن يتم عرض إعلانات على إنستجرام لعلامات تجارية مشابهة، ولكن لو بدأت كل هذه الإعلانات بمحاكاتي، فسأشعر بالشؤم. هناك حدود لمدى العمق الذي أريد أن يتعلمه النموذج.
علاوة على ذلك، أتساءل عما إذا كان الأمر يستحق ذلك. قد تتمكن رقائق نفيديا من معالجة مليارات الإعلانات الفردية، ولكن لا توجد أسباب كثيرة لشراء الآيسكريم أو الكاتشب. في الواقع، نحن في الأغلب نأكلها للسبب نفسه كأي شخص آخر، وهذه هي الطريقة التي يعمل بها الإعلان دائما. قد تبدو تجزئة الإعلانات أمرا مثيرا، لكن هل هي معقولة؟
في الوقت نفسه، أتعاطف مع هيئات التحكيم المسؤولة عن توزيع الجوائز في مهرجان كان ليون في عقد آخر. فإذا كان هناك بالفعل مليارات من الإدخالات المحتملة بحلول ذلك الوقت، فسيحتاجون هم أنفسهم إلى بعض المساعدة من الذكاء الاصطناعي.

الأكثر قراءة