غياب تنظيم ملائم للعملات المشفرة يهدد المستثمرين

غياب تنظيم ملائم للعملات المشفرة يهدد المستثمرين

أدى فشل بورصة إف تي إكس إلى حملة تنظيمية شديدة على عالم العملات المشفرة. وجهت هيئة الأوراق المالية والبورصات تهما مدنية ضد أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم – باينانس وكوين بيس – لزعمها بأنها فشلت في التسجيل لدى الجهة التنظيمية بصفتها بورصات للأوراق المالية.
لكن مستثمري العملات المشفرة في الولايات المتحدة لا يزالون في خطر نظرا إلى غياب إطار تنظيمي ملائم للعملات المشفرة، خاصة في حالة باينانس، التي اتهمتها هيئة الأوراق المالية والبورصات بخلط مليارات الدولارات من أموال العملاء. الحقيقة هي أن جاري جينسلر، رئيس الهيئة، كانت لديه فرصة إنشاء إطار لكنه فشل في التصرف.
في أيار (مايو) 2021، أقر جينسلر في شهادته أمام الكونجرس بأن المشكلة كانت في أنه "لا يوجد إطار تنظيمي" لبورصات العملات المشفرة للتسجيل في هيئة الأوراق المالية والبورصات. لكن في كانون الأول (ديسمبر) 2022، بعد ما فشلت "إف تي إكس" مباشرة، عكس جينسلر المسار، مدعيا أنه يجب على بورصات العملات المشفرة أن "تأتي وتسجل" في الهيئة.
لكن هل بإمكان بورصات العملات المشفرة التسجيل باعتبارها بورصات للأوراق المالية حقا؟ الجواب هو لا. لقد جعلت أنظمة الهيئة من الصعب فعل ذلك، وفقا لتقرير من لجنة تنظيم أسواق رأس المال، منظمة غير ربحية.
الأهم من ذلك هو أنه إذا سجلت بورصة عملات مشفرة بصفتها بورصة للأوراق المالية فلن يكون لديها شيء تتداوله. وذلك لأن بورصات الأوراق المالية المسجلة يمكنها فقط إدراج وتداول الأصول المشفرة التي سجلت في الهيئة كأوراق مالية.
وخمسة فقط من أصل 23 ألف أصل رقمي موجود مسجلة بالفعل لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات. تشكل هذه الأصول الرقمية الخمسة صفر في المائة من حجم تداول العملات المشفرة اليومي البالغ 230 مليار دولار. لن تكون البورصات قادرة على تداول الأصول الرقمية مثل بيتكوين وإيثر، فهما ليستا أوراقا مالية مسجلة وتشكل أغلبية التداول في الأصول الرقمية. يمكن للهيئة حل هذه المشكلة بسهولة باستخدام سلطتها التنفيذية للسماح بتداول كل من الأوراق المالية وغير المالية جنبا إلى جنب في بورصة مسجلة.
كما فشلت هيئة الأوراق المالية والبورصات في تكييف شروط الإفصاح الخاصة بها مع العملات المشفرة. يطلب من مصدري الأسهم وسندات الديون المسجلة بشكل معقول تقديم إفصاحات مستمرة عن العمليات، لكن هذا لن يكون منطقيا بالنسبة إلى الأصول الرقمية مثل بيتكوين وإيثر اللتين ليست لهما عمليات ولهما قيمة تعتمد فقط على العرض والطلب. اعتمدت السلطات القضائية الأخرى، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي واليابان، أنظمة إفصاح لتسجيل الأصول المشفرة التي تعالج هذه المشكلات.
يقتصر التداول في بورصات الأوراق المالية المسجلة أيضا بموجب القانون على الوسطاء المسجلين، لكن لم يسجل أي منهم لتداول الأصول المشفرة. مرة أخرى، جعلت هيئة الأوراق المالية والبورصات من المستحيل على الوسطاء التسجيل لتداول الأصول المشفرة لأن قواعدها تمنع هذه الأطراف من تداول الأصول الأخرى مثل الأسهم أو السندات. لا توجد طريقة تمكن الوسطاء من إدارة أعمال تجارية تتداول الأصول المشفرة فقط. على العكس من ذلك، تسمح جميع السلطات القضائية الرئيسة الأخرى للوسطاء المسجلين بتداول الأصول المشفرة إلى جانب الأصول المالية الأخرى.
أحد الخيارات المتبقية للبورصات هو تداول الأصول الرقمية التي لا تعد أوراقا مالية حصرا حتى لا تضطر إلى التسجيل كبورصات أوراق مالية. في الواقع، يبدو أن بورصة العملات المشفرة الجديدة – إي دي إكس ماركيتس، التي تدعمها شركتي سيتاديل سيكيوريتيز وفيديليتي، قد فعلت ذلك تماما. مع ذلك، لا يسمح هذا الحل لبورصات العملات المشفرة بتداول الأوراق المالية المسجلة والأصول التي لا تعد أوراقا مالية مع بعض. ولا يؤدي ذلك إلى توفير معايير بورصات الأوراق المالية التنظيمية لحماية المستثمر في بورصات العملات المشفرة.
فشل هيئة الأوراق المالية والبورصات غير الضروري في إنشاء نظام تسجيل لبورصات العملات المشفرة لم يمر دون أن يلاحظ تماما. اقترحت لجنة الخدمات المالية ولجنة الزراعة في مجلس النواب تشريعات لإنشاء نظام تسجيل قابل للتطبيق لبورصات العملات المشفرة، لكنه لا يزال في مراحله الأولى.
من الممكن أن تتمثل استراتيجية هيئة الأوراق المالية والبورصات في حظر العملات المشفرة بالكامل عن طريق إجبار البورصات على فعل المستحيل ثم مقاضاتها لعدم فعل ذلك. لكن تحديد ما إذا كانت الأصول المشفرة، أو أي أصول مالية أخرى في هذا الشأن، هي استثمارات ذات قيمة أم لا ليس دور هيئة الأوراق المالية والبورصات.
لكن من مسؤولية هيئة الأوراق المالية والبورصات إنشاء إجراءات حماية للمستثمرين تسمح لهم باتخاذ هذا القرار لأنفسهم بأمان، كما فعل المنظمون في جميع السلطات القضائية الرئيسة الأخرى للعملات المشفرة. وفي هذه المهمة الأساسية، فشلت هيئة الأوراق المالية والبورصات وجينسلر بشكل واضح، والنتيجة على الأرجح هي زيادة خسائر المستثمرين في المستقبل.

* أستاذ فخري في هارفارد ومدير لجنة تنظيم أسواق رأس المال

الأكثر قراءة