السوق السعودية بين مجموعة العشرين
يعد وصول أي دولة للعالمية أمرا في غاية الصعوبة لما تحتاجه من امتلاك اقتصاد قوي ووفرة مالية كبيرة ومكانة جغرافية مؤثرة، لذلك لم يكن مستغربا وصول المملكة للعالمية في عدة مجالات اقتصادية وسياسية واجتماعية، فالمملكة تمتلك دورا فاعلا في كل المجالات التي يحتاجها العالم، ولم تكتف المملكة بالوصول للعالمية، بل تبوأت مركزا لتكون الدولة العربية الوحيدة ضمن دول مجموعة العشرين، ويأتي ذلك اعترافا من كبرى دول العالم بمكانة المملكة وأهميتها ودورها البارز اقتصاديا وسياسيا بين دول العالم، حيث تمثل مجموعة دول العشرين أو ما يعرف بـG20 الدول الفاعلة والمؤثرة في الاقتصادات العالمية، وتستحوذ المجموعة على 90 في المائة من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80 في المائة من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثي سكان العالم.
لم تكتف المملكة بانضمامها لدول مجموعة العشرين فحسب، بل امتد طموحها لتكون ضمن الدول الأكثر إنجازا وتأثيرا بين دول المجموعة، ويأتي ذلك من خلال مجموعة من الإنجازات التي حققتها المملكة في مجالات عدة، فوفقا لتقرير كتاب التنافسية العالمية لعام 2023 احتلت المملكة مجموعة من المراكز الأول.
فقد احتلت المملكة المركز الثاني بين دول المجموعة للمرة الأولى في تاريخها، كما حققت المركز الأول في عدد من المؤشرات منها: كفاءة المالية العامة وتمويل التطور التكنولوجي، ودعم شراكات القطاع العام والخاص.
كما احتلت المملكة المركز الثاني بين دول المجموعة في مؤشرات أخرى منها: معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ونمو التوظيف وقدرة الحكومة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية وتشريعات البطالة والأمن السيبراني ودعم البيئة القانونية لتطوير التقنية.
فيما حققت المملكة المركز الثالث بين دول مجموعة العشرين في مؤشرات أخرى منها: قدرة الاقتصاد على الصمود ومعدلات التضخم والتحول الرقمي وتوافر رأس المال الجريء.
كما حدثت كبرى وكالات التصنيف الائتماني نظرتها لاقتصاد المملكة من مستقرة إلى إيجابية منها وكالة "ستاندرد آند بورز" ووكالة "فيتش" ووكالة "موديز"، كما صنفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD الاقتصاد السعودي الأعلى نموا في مجموعة العشرين لعامي 2022 و2023.
ولم تكن السوق السعودية "سوق الأسهم" بمنأى عن هذه المنجزات التي حققتها المملكة في عدة مجالات اقتصادية، حيث حققت السوق السعودية المركز الأول على مستوى مجالس الإدارات، والمركز الثاني في مؤشر الأسواق المالية، ومؤشر رسملة السوق وحقوق المساهمين، والمركز الثالث في مؤشر السوق المالية فيما استطاعت تحقيق المركز الخامس في مؤشر أسواق الأسهم "توفير التمويل للشركات" بين دول المجموعة.
لذلك لم يكن مستغربا أن تواصل السوق السعودية جذبها للتدفقات النقدية وزيادة معدل دخول الاستثمار الأجنبي إليها بعد توفير بيئة جاذبة استثماريا وقانونيا وتشريعيا، ولم تكن هذه السيولة لتدخل السوق السعودية لو لم تجد فيها كثيرا من الفرص الاستثمارية على المدى البعيد، لتبدأ مبكرا على بناء مراكزها الاستثمارية داخل السوق، حيث تجاوزت حصة الاستثمار الأجنبي ما يزيد على 400 مليار ريال ما يعادل أكثر من 3 في المائة من القيمة السوقية.
ولا شك أن الاستثمار في الأسواق يقوم على النظر البعيد لها، بينما من ينظر على المدى القريب ربما يفوت الفرص التي يتسابق إليها ولها المستثمرون حول العالم.