العلاقة المعقدة بين الأسهم والتضخم والنفط

نظريا، يؤدي تباطؤ الاقتصاد إلى ظروف غير مواتية في سوق الأوراق المالية، كما أن طلبات الاستثمار على سوق الأسهم تتراجع، ويمكن ملاحظة أن المستثمرين الأكثر خبرة وتبصرا بالأسواق المالية يفضلون أسهم القيمة على أسهم الدخل والنمو على المدى القصير عندما يرتفع التضخم ويتراجع الاقتصاد وترتفع الفائدة. وأسهم القيمة هي تلك الأسهم التي لها قيمة أعلى من سعر تداولها الحالي، ولها تدفقات نقدية ومستمرة. ومن أهم سمات أسهم القيمة أن تقلباتها السعرية محدودة مع الظروف الاقتصادية المتباينة. وعلى الرغم من ذلك لا يمكننا التأكيد على اتساق هذه المنهجية في جميع الأسواق والقطاعات، لأن النفط -على سبيل المثال- يؤثر عدم استقراره في جميع الأسواق المالية، حيث تدعو فرضية التدفق النقدي لجونز وكاول 1996 إلى أن سعر السهم يمكن أن يتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بسعر النفط، التأثير المباشر هو تأثير النفط في التدفق النقدي المستقبلي أو المتوقع، والتأثير غير المباشر يأتي من تأثيره في سعر الفائدة الذي يتم على أساسه خصم التدفقات النقدية المستقبلية، بمعنى آخر، أسعار النفط تؤثر في أسعار الأسهم بشكل مؤكد، وهي من خصائص النفط المستقرة إلى حد بعيد.
على الرغم من كل ما سبق، العلاقة بين التضخم وأسعار الأسهم ليست دائما مباشرة، ولا توجد منهجية يمكن تطبيقها بشكل مطرد لاتخاذ قرارات استثمارية في الأسهم، ولا سيما أن لكل سهم تحليلا خاصا به.
وإذا ما نظرنا من زاوية أخرى نجد أن البنوك وأسواق الأوراق المالية هي المكونات الرئيسة للنظام المالي، ولهذا نجد أن السيولة الإجمالية لسوق الأسهم تؤثر بشكل إيجابي في استقرار البنوك، ثم إن استقرارها، أي البنوك، يؤثر في النمو الاقتصادي العام والتقلبات في الدورات التجارية، وهنا تظهر قوة آثار أسعار الفائدة على المدى القصير، إضافة إلى ذلك فهم جوانب أخرى، مثل فهم توقعات التضخم وآثارها وما الاحتمالات الناشئة، لها دور حاسم في اختيار طريقة إدارة الاقتصادين الكلي والجزئي على مستوى صناع السياسات الاقتصادية والمستثمرين، فالشركات في سوق الأسهم والشركات غير المدرجة عندما تحجب مخاطر التضخم على الأرجح سيتحمل المستثمرون خسائر إضافية تتعلق بقرارات التخارج أو تغيير المراكز المالية بشكل خاطئ قد يكلفهم خسائر أكبر.
أخيرا، على الرغم من أن العلاقة بين التضخم وأسعار الأسهم ليست دائما مباشرة، إلا أن مراقبة العلاقة بينهما يمكن أن تساعد المستثمرين على فهم التحولات في الأسواق المالية، واتخاذ قرارات استثمارية أكثر فاعلية، أما العلاقة بين النفط والأسهم، فالمؤشرات تؤكد أن النفط مسطرة التحكم الحقيقية في أسعار الأسهم في جميع الأسواق العالمية على المدى الطويل، لأنه يؤثر في الاقتصاد الحقيقي، أي تكاليف الإنتاج والنقل والتوزيع للمنتجات، وبالتالي يؤثر في الأسواق المالية وأرباحها سواء في الأسواق المتقدمة أو الناشئة، لذا النفط من يتحكم في الاقتصاد العالمي على المدى الطويل أكثر من سعر الفائدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي