تزايد مؤشرات الركود العالمي

شهد القطاع التصنيعي داخل الولايات المتحدة "أكبر اقتصاد في العالم" تراجعا لأدنى مستوى له خلال ثلاثة أعوام، وتحديدا منذ حزيران (يونيو) 2020، حيث أكدت البيانات الاقتصادية الصادرة، مطلع الأسبوع الجاري، سلبية مؤشر ISM التصنيعي للشهر السابع من أصل ثمانية أشهر، وبأسوأ من توقعات الأسواق، حيث كانت تشير التوقعات إلى تسجيل المؤشر نحو 47.2 خلال يونيو الماضي، بينما سجل المؤشر ما يعادل 46 نقطة، وبأقل من القراءة السابقة التي سجلت 46.9 نقطة في أيار (مايو) الماضي. هذا يشير إلى تضرر القطاع التصنيعي بشكل كبير، ويعكس تأثر النمو الاقتصادي داخل أكبر اقتصاد في العالم من جراء رفع أسعار الفائدة. وكانت توقعات المستثمرين أن يشهد المؤشر ارتفاعا بثلاث نقاط، بينما كان التراجع بتسع نقاط، ما يعكس خيبة الأمل التي كانوا ينتظرونها من تحسن الأوضاع والابتعاد عن حالة الركود، خاصة بعد أن استطاع الاقتصاد الأمريكي أن يسجل نموا خلال الربع الأول من العام الجاري بأعلى من التوقعات، حيث سجل نموا بمعدل 2 في المائة، بينما كانت تشير التوقعات إلى تسجيله نموا بـ1.4 في المائة. وعلى الرغم من أن النمو كان أعلى من المتوقع إلا أنه شهد تراجعا مقارنة بالربع الأخير من عام 2022، حيث كان قد سجل نموا آنذاك بمعدل 2.6 في المائة.
وما يشير إلى حالة الانكماش والتراجع التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي، هو انعكاس منحنى العائد بين السندات، فقد ارتفع العائد لأجل عامين مقابل نظيره لأجل عشرة أعوام منذ العام الماضي، بل اتسعت الفجوة حاليا بين العائدين لتصل إلى 110 نقاط، وهو الفارق الذي لم تسجله منذ أوائل الثمانينيات الميلادية، ما يؤكد دخول اقتصاد الولايات المتحدة في حالة من الركود رغم عدم قبول "الفيدرالي الأمريكي" والجهات الرسمية الاعتراف به.
كما أن الضغوط التي يشهدها الاقتصاد العالمي منذ بداية جائحة كورونا ومرورا بالحرب الروسية - الأوكرانية، لا تزال تلقي بظلالها على أكبر الدول اقتصادا، فالصين التي تأتي في المركز الثاني اقتصاديا بعد الولايات المتحدة، سجلت تراجعا في معدلات النمو نهاية 2022. وتوقعت ثلاثة من أكبر بيوت الخبرة استمرار تراجع النمو في الصين للعام الجاري، حيث قلص كل من "جولدمان ساكس"، وبنك الاستثمار الياباني "نومورا"، ووكالة "ستاندرد آند بورز"، من توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين هذا العام.
هذا التراجع في المؤشرات التصنيعية الأمريكية، وتراجع النمو الذي قد تشهده الصين هذا العام، يعدان مؤثرين في بقية اقتصادات العالم، خاصة فيما يتعلق بالطلب على النفط، الذي يعد مقياسا دقيقا إلى حد ما على حالة الركود والانكماش التي يشهدها أكبر اقتصادين في العالم.
لذلك، انخفضت توقعات شركات الأبحاث العالمية بشأن أسعار النفط في الفترة المقبلة، فقد خفض كل من "جيه بي مورجان"، و"جولدمان ساكس"، و"بنك أوف أمريكا"، من توقعاتها لأسعار النفط حتى نهاية العام الجاري، وكانت بين 80 و86 دولارا مقارنة بتوقعاتها السابقة التي تجاوزت الـ 90 دولارا لبقية العام.
من جهة أخرى، قد يكون لهذه الأخبار تأثير في السوق السعودية كجني أرباح طبيعي، خاصة مع وصولها إلى مناطق مقاومة عند 11600 نقطة، علما بأن السوق لم تتخل عن زخمها الصاعد بشكل عام، ولا تزال تدفقات السيولة بمستويات إيجابية، والله أعلم بالصواب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي