شركات اليابان تحت ضغط تعهد الرأسمالية المستدامة
بعد ثلاثة أعوام من اقتراح اتحاد الأعمال الياباني "كيدانرين" القوي بأن تتحول الرأسمالية إلى نموذج أكثر استدامة، أصبحت شركاته تحت ضغوط متزايدة من الحكومة والموظفين للعمل وفقا لهذا التعهد للنظر إلى ما وراء أرباح المدى القصير.
قبل وقت طويل من إعلان أكبر شركات أمريكا التحول عن التركيز على أولوية المساهمين في 2019، جادل رؤساء تنفيذيون في شركات يابانية باستمرار بأن رفاهية الموظفين والمجتمع يجب أن تكون لها قيمة كقيمة العوائد للمستثمرين.
لكن، خلال معظم العقود الثلاثة الماضية، مع صراع الاقتصاد للتخلص من الانكماش، قاومت الشركات رفع الأجور، وامتنعت القوى العاملة عن مطالبات الرواتب القوية. ولأنها تواجه تراجعا في السوق المحلية، استثمرت الشركات في التوسع في الخارج، ما أدى إلى انخفاض الاستثمار الرأسمالي المحلي.
يتعارض ذلك مع استراتيجية "كيدانرين" في تشجيع أعضائها على الإنفاق على توسيع صناعاتها في اليابان، لإنشاء "مجتمع أكثر عدلا وإنصافا" من أجل الحفاظ على النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
لكن الآن، على الرغم من ارتفاع أسعار المستهلكين في اليابان بأسرع وتيرة منذ ما يقارب 42 عاما، يقر المسؤولون التنفيذيون بأن نجاح حملة كيدانرين "لرأسمالية مستدامة" يتوقف بشكل كبير على ما إذا كان في إمكان الشركات دعم زيادات الأجور وإطلاق دورة مثمرة من زيادة الأجور والاستهلاك والأسعار.
يقول ماساكازو كوبوتا، نائب رئيس كيدانرين، "ستنمو اليابان إذا تمكنت من إحياء الديناميكية الاقتصادية من خلال تسهيل زيادة أجور العمال وتعلم مهارات جديدة وتنقل اليد العاملة". ويحذر من أنه "إذا فشلت، فستعود إلى العقود الثلاثة الماضية" من النمو المنخفض.
منذ أن تولى رئيس الوزراء فوميو كيشيدا منصبه في 2021، يدور نقاش حاد حول أي شكل من أشكال الرأسمالية هو الأنسب للاستفادة من الشركات اليابانية والحفاظ على النمو الاقتصادي.
كان كثير من التركيز ينصب على فلسفة كيشيدا لما يسمى بالرأسمالية الجديدة، التي تخفف بموجبها أولوية المساهمين لمصلحة اتباع نهج توزيع أكثر إنصافا للثروة والاستثمار في الأفراد والابتكار والتكنولوجيا الخضراء والرقمية.
قال كيشيدا في مؤتمر صحافي في حزيران (يونيو)، "نحتاج إلى الخروج من ثلاثة عقود من الانكماش واقتصاد خفض التكلفة وضمان مسار لاقتصاد سينمو من خلال الاستثمارات في المستقبل، حتى تصبح زيادات الأجور طبيعية. يجب ألا ندع هذه الفرصة تذهب".
بدأت اليابان تعاني التضخم – مثل البلدان الأخرى – بسبب أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا. ارتفعت أسعار المستهلكين، باستثناء الأغذية الطازجة والطاقة، أكثر من 4 في المائة في أيار (مايو).
ارتفعت الأجور بمتوسط يبلغ 3.66 في المائة في مفاوضات الأجور ربيع هذا العام، وفقا لاتحاد النقابات العمالية اليابانية، حتى إن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي توظف ما لا يقل عن 70 في المائة من الموظفين اليابانيين، تقدم أكبر زيادات في الرواتب منذ عقود.
مع ذلك، حافظ بنك اليابان على سياسته النقدية الفضفاضة للغاية، بحجة أنه لا يزال غير مؤكد ما إذا كانت زيادات الأجور ستستمر العام المقبل مع تراجع التضخم.
بالنسبة إلى "كيدانرين"، أحد مبادئه الأساسية لاستراتيجية الرأسمالية المستدامة هو "استعادة طبقة متوسطة كبيرة" بحلول 2030، بدعم من نمو الأجور.
انخفض متوسط دخل الأسر في اليابان إلى 3.74 مليون ين (26 ألف دولار) في 2019 من 5.05 مليون ين في 1994، وفقا لمكتب مجلس الوزراء، وكان الانخفاض حادا بين من هم في سن الـ 35 إلى 54 عاما بسبب ركود الأجور.
يقول كوبوتا، "إن ارتفاعات الأجور هذا العام يجب أن تترجم إلى زيادة في الاستهلاك، ولا سيما بين جيل الشباب. السؤال المهم هو ما إذا كان يمكن إنشاء دورة مثمرة لزيادة الأجور، حتى في ظل تضخم معتدل من 1 إلى 2 في المائة".
يقول بعض الاقتصاديين والمستثمرين إن ضغوط الأجور الهيكلية تتزايد بالفعل مع تقلص عدد السكان ممن في سن العمل في اليابان. لا يوجد مجال كبير لزيادة توظيف النساء والعمال كبار السن بسبب المستويات العالية بالفعل من المشاركة في سوق العمل، بينما لا يزال عدد العمال الأجانب محدودا.
وفي اليابان، حيث فضل الرؤساء التنفيذيون عبر التاريخ الحديث من منظور رأسمالية أصحاب المصلحة، لم يكن هناك مقاومة مثل التي شوهدت في بعض أجزاء الولايات المتحدة تجاه النماذج الأكثر مسؤولية بيئيا واجتماعيا للرأسمالية.
مع ذلك، تواجه الشركات عملية توازن دقيقة مع عودة أسواق الأسهم اليابانية إلى مستويات عالية لم تشهدها منذ 33 عاما بناء على الآمال المتزايدة بمعايير حوكمة أقوى وتحقيق أقصى قدر من عوائد المساهمين.
نفذت إصلاحات كبيرة لتحسين حوكمة الشركات خلال إدارة رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، ما أثار بعض المعارضة بين أعضاء "كيدانرين" ضد وضع قواعد رسمية لزيادة عدد المديرين غير التنفيذيين والإناث في مجالس إدارة الشركات.
"كنا نتجه نحو رأسمالية على النمط الأمريكي وقد أدى ذلك إلى زيادة أسعار الأسهم، لكن كانت هناك مجالات بالغنا فيها كثيرا"، كما يشير كوبوتا. لكنه يشدد على أن التحول إلى رأسمالية أصحاب المصلحة يتماشى مع الهدف الأوسع للشركات المتمثل في زيادة تقييماتها.
"ستظل رسالة إيجابية للمستثمرين الذين يتطلعون إلى الاحتفاظ بالأسهم اليابانية إذا تمكنت الإدارات من رفع قيمة الشركات على المدى المتوسط إلى الطويل"، كما يقول.