الأخلاق قبل القيادة
قد يختلف الذين يفتشون في سير القادة المتميزين، خصوصا من وضعوا بصمات ساحرة في حياتهم العملية حول الأساليب والأدوات، والنهج الذي كان سببا للنجاح، لكن الأغلب -إن لم يكن الكل- يتفق على أن الأخلاق أحد أهم العوامل التي تلعب دورا بارزا وجوهريا. فهل من الضروري أن تكون الأخلاق حاضرة في رحاب القيادة؟
في الحقيقة تشكل القيادة الأخلاقية استراتيجية عميقة ومدخلا لأي منظمة تنشد النمو وتحقيق الأهداف، فمن خلالها تتحقق العدالة والشفافية، وتشجع العمل بروح الفريق، والمشاركة في صنع القرار، والاهتمام بالعاملين وتعزيز وجودهم وتطورهم. وأيضا تسهم في التخلي عن المفهوم الكلاسيكي للقيادة المبني على الوصاية والسلطة، وذلك وفق إطار أخلاقي إنساني راق.
لا تقف القيادة الأخلاقية على عدد من المفاهيم، بل تشمل احتراما وقيما وأخلاقا يعيشها القائد مع ذاته، ويمررها إلى المرؤوسين بأسلوب يشع لباقة ودماثة، بل من المهم أن يضع القائد لنفسه ميثاقا أخلاقيا ملزما، ومن خلاله يحكم بالمنطق على ما يحصل في العمل، وهذا يتحقق من خلال قيادة أخلاقية تتسم بعديد من السمات.
من أهم سمات القيادة الأخلاقية ألا تقبل الانحراف عن القواعد الأخلاقية، وتعترف بالأخطاء وتتصرف بنزاهة، والقادة يتمتعون بالأصالة ويتفادون المشكلات، وفوق كل ذلك عدم الفجور في الخصومة. هذه السمات تشكل القوة الوحيدة الجامعة التي لو حضرت في سيرة القائد، لصنعت منه نجما مشعا ونموذجا مشرفا تأتي سيرته على كل لسان.
قد يصيب الإنسان التغيير وهذه سنة الحياة، لكنه لا يصيب الأخلاق في ذاتها، فالأخلاق لا تزول ولا تظهر مع المنصب، لأنها أصيلة في الإنسان. بالمختصر، الأخلاق جناحا القيادة ودونهما يتوقف التحليق.