الاحتيال الإلكتروني
اتصل بي أحدهم صبيحة اليوم ليهددني بإيقاف حسابي في المصرف الذي أتعامل معه بحجة أنهم طلبوا مني تحديث بياناتي ولم أفعل. شككت في أمره من نبرة صوت المتصل فماطلت وسوفت ورفضت كلامه، حتى مل مني وخرج من المكالمة بإغلاق الخط. لا أعلم إن كنت قد وقعت في الشرك أم لا بحكم خبرتي المحدودة في عمليات التهكير، لكني واثق أنني لم أعطه أي معلومات تفيد بوضعي أو حسابي أو علاقتي بالبنك.
مع طلب الستر، أسترجع حالات كثيرة تمر بنا يوميا ونشاهد بعضها كجزء من تحذيرات الجهات المختصة وتحذيرات أشخاص قد يكونون على علم، وقد يكونون أكثر بحثا عن المتابعات، وهي التي عصفت بتفكير كل من يدخل إلى دوامة الشهرة في الإنترنت ومواقع التواصل بالذات.
تجاوزنا مرحلة التطبيب وتوصيات المحامين وتعليمات المعلمين واستشراف الأسواق، فكل ذلك من الماضي، ومن يمارسه اليوم أقل قدرة على إقناع الكم الهائل من المتعاملين بقدراتهم رغم وقوع كثيرين في هذا الشرك الذي لا يخلو من الثغرات الخطيرة التي يمكن أن تستغل ضد كل المتعاملين في هذا العالم المغري بقصصه ونوادر من يحققون فيه الأرباح تلو الأرباح معتمدين على بساطة تفكير المتلقي وقد نقول تفاهته في حالات كثيرة.
من أين تأتي التفاهة، تسألونني، فأقول: إنها الشريحة التي تستهوي الباحثين عن الثراء بكل الوسائل بغض النظر عن قانونيتها أو أخلاقيتها. لهذا نشاهد كل يوم حالات ممن كانوا في قوقعة، ثم تحولوا إلى انفتاح خطير أثر في قناعاتهم وبعثهم باحثين عن سراب يرونه ماء فإذا وصلوه لم يجدوه شيئا، بل إنه يتحول إلى كابوس يتعاظم عندما يكون ذا علاقة بالأخلاقيات والحماية المجتمعية.
الاحتيال الإلكتروني يأتي في أشكال كثيرة وقد يكون بسيطا، وقد يرتفع إلى إنهاء حياة الأشخاص المغرر بهم، سواء كان الإنهاء فعليا أو عاطفيا أو دينيا أو حتى اجتماعيا ونفسيا. هؤلاء الذين لا يؤمن جانبهم، ويتعاملون مع البشر كقطع على رقعة شطرنج لا بد من عقوبة تطولهم وتنهي عددا منهم ليكونوا عبرة لمن خلفهم، والعقوبات التي نشاهدها قوية، لكننا بحاجة إلى أمرين: شجاعة الضحية وتطبيق العقوبة.