حذر المستهلكين وضعف النشاط التجاري.. نقاط ضعف الاقتصاد الصيني
سجلت الصين نموا متسارعا في الربع الثاني من 2023 بلغ 6.3 في المائة، الا أنه كشف نقاط ضعف يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، اذ جاءت المؤشرات ما دون التوقعات وأظهرت أن المستهلكين ما زالوا على حذرهم، ما يضع المسؤولين أمام مزيد من الضغوط لإقرار حوافز إضافية.
وتأتي المؤشرات المخيبة للآمال في أعقاب سلسلة أرقام في الأشهر الماضية بقيت دون المتوقع، وألمحت إلى أن التعافي الاقتصادي في حقبة ما بعد الجائحة بلغ ذروته، وأن على السلطات القيام بالمزيد لإعادة الزخم.
وأعلن المكتب الوطني للإحصاءات أن الاقتصاد نما بمعدل سنوي بلغ 6.3 في المائة بين أبريل ويونيو. وهذه النسبة هي أعلى من الربع الأول 4.5 في المائة، لكنها بقيت ما دون 7.1 في المائة التي توقعها محللون استطلعت وكالة فرانس برس آراءهم.
وأتى فشل الاقتصاد الصيني في تحقيق النسبة المتوقعة على رغم أن قاعدة المقارنة للعام الماضي كانت ما دون المعتاد، إذ كانت البلاد في حينه، خصوصا الكثير من المدن الكبرى، تخضع لسلسلة من الإجراءات الاحترازية الواسعة النطاق لمواجهة الجائحة.
ووفق قاعدة المقارنة بين ربع وآخر التي تسمح بمقاربة أقرب إلى الواقع الراهن، سجل الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 0.8 في المائة في الربع الثاني، أي أدنى بشكل ملحوظ من 2.2 في المائة التي سجلها بين يناير ومارس، وهي كانت أول ربع كامل بعد رفع القيود لمواجهة كوفيد.
وقال المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاءات فو لينغهوي إن الاقتصاد "أظهر زخما جيدا للتعافي".
وأضاف في بيان أن "طلب السوق تعافى بشكل تدريجي، عرض الإنتاج واصل الارتفاع، البطالة وارتفاع الأسعار كانا مستقرين بشكل عام، ومدخول السكان زاد بشكل ثابت".
إلا أن فو أقر خلال مؤتمر صحافي الاثنين بأن الاقتصاد الصيني يواجه "وضعا دوليا معقدا وصعبا، وتحديات شاقة للإصلاح والتنمية وضمان الاستقرار".
وعززت مؤشرات إضافية نشرت الاثنين الانطباع بأن تعافي ما بعد الجائحة بدأ يميل إلى التباطؤ.
وعرفت مبيعات التجزئة المؤشر الرئيس لاستهلاك الأسر في يونيو تباطؤا جديدا على ما أظهرت أرقام مكتب الإحصاءات الوطني.
ومع أن مؤشر المبيعات سجل ارتفاعا بمعدل سنوي مع زيادة نسبتها 3.1 في المائة إلا أن وتيرته أقل بكثير من المعدل المسجل في مايو مع 12.7 في المائة.
وكانت هذه الأرقام متوافقة مع استطلاع لآراء محللين أجرته وكالة "بلومبيرج"، لكنها تعكس ثقة متزعزعة للمستهلكين.
تحسن الإنتاج الصناعي بنسبة 4.4 في المائة في يونيو في مقابل 3.5 في المائة الشهر السابق.
وقالت خبيرة الاقتصاد إيرين شين من مصرف "إتش إس بي سي"، "يبقى الاستهلاك محرك الانتعاش. كان الانتعاش في بعض القطاعات ولا سيما الخدمات قويا" مشيرة إلى تسجيل نفقات "أضعف" مقارنة بمرحلة ما قبل الجائحة.
وبلغ معدل البطالة في صفوف الشباب بين 16 و24 عاما، مستوى قياسيا جديدا في يونيو مع 21.3 في المائة.
أما النسبة الإجمالية للبطالة فبقيت عند 5.2 في المائة، الا أنها تأخذ في الاعتبار المدن الكبرى حصرا.
وإزاء سلسلة المؤشرات المتواضعة في الأشهر الماضية، صدرت الكثير من الدعوات لدفع المسؤولين إلى الإعلان عن إجراءات لدعم الاقتصاد.
الا أن الخطوات الملموسة لا تزال محدودة، على رغم أن المصرف المركزي الصيني خفض معدل الفوائد الشهر الماضي، وتعهدت السلطات بدعم قطاع العقارات الذي يواجه صعوبات جمة.
وفي ظل محدودية الطلب، تتردد الشركات في التوظيف وتفضل الركون إلى مبدأ "فلننتظر ونرى" قبل توسيع عملياتها، وفق الباحث الاقتصادي في وكالة "موديز" للتصنيف هاري مورفي كروز.
وأضاف "للأسف... رفع الطلب يحتاج إلى تعزيز النشاط التجاري"، معتبرا أن "الجمود يبقي النشاط التجاري ضعيفا".
في الربع الثاني تستفيد أرقام نمو إجمالي الناتج المحلي +6,3 في المائة من المقارنة بالعام الماضي. ففي 2022 كان النمو في الربع نفسه متواضعا مع 0.4 في المائة متأثرا خصوصا بالإغلاق الذي كان مفروضا على عاصمة البلاد الاقتصادية شنغهاي.
وحقق إجمالي الناتج المحلي في 2022 زيادة بنسبة 3 في المائة، وبقي دون الهدف الرسمي المعلن 5.5 في المائة.
وحددت الصين هدفا لنمو إجمالي ناتجها المحلي لهذا العام عند مستوى 5 في المائة. وعلى رغم أن هذه النسبة هي من الأدنى للصين خلال عقود، أقر رئيس الوزراء لي تشيانغ بأن تحقيقها سيكون صعبا.
وقالت شركة "سينو إينسايدر"، ومقرها في الولايات المتحدة، في نشرة تحليلية "علينا الاستعداد لرؤية مؤشرات أخرى على تعثر جدي في الاقتصاد الصيني".
من جهته، توقع مصرف غولدمان ساكس الأمريكي "رؤية المزيد من الإجراءات التيسيرية خلال الأشهر المقبلة، مع التركيز على النقد والعقارات والاستهلاك، على رغم أن حجم الحوافز يجب أن يكون أقل من الدورات التيسيرية السابقة".