استهلاك وأزمة عقارات وسياسة .. صعوبات يواجهها اقتصاد الصين

استهلاك وأزمة عقارات وسياسة .. صعوبات يواجهها اقتصاد الصين
يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم تباطؤا في الاستهلاك وأزمة في القطاع العقاري

أتى النمو ما دون المتوقع في الصين خلال الربع الثاني من 2023، في وقت يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم تباطؤا في الاستهلاك وأزمة في القطاع العقاري ومخاوف من انكماش مالي.

استهلاك ضعيف

على مدى ثلاثة أعوام تقريبا، فرضت الصين إجراءات صارمة في إطار سياسة "صفر كوفيد". وأثارت عمليات الإغلاق الواسعة لفترات طويلة، والإجراءات الصحية الاستثنائية واحتمال التعرض لفترات من الحجر الصحي القسري، مخاوف المستهلكين وخففت من انفاقهم للأموال.
ولدى رفع القيود أواخر 2022، تدفق الملايين إلى المطاعم ومراكز التسوق والسفر في إجازات طال انتظارها.
إلا أن هذا التفاؤل لم يدم طويلا، إذ بدأ أن التعافي الاقتصادي بدأ يفقد زخمه، وسوق العمل تواجه ضغوطا كبيرة في ظل نسبة بطالة لدى الشباب تتخطى عتبة العشرين في المائة. 
وقال الاقتصادي لاري هو من مصرف ماكواير الاستثماري لـ"الفرنسية"، إن "الشركات تتردد في التوظيف بسبب الطلب اللين للاستهلاك وتردد المستهلكين في الانفاق" بسبب الوضع.
وحذر من أن هذه الدوامة الانحدارية "تحمل بعض أوجه التشابه مع العقود الضائعة لليابان"، في إشارة إلى أعوام من الركود في ما بات حاليا ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

الأزمة العقارية

تشكل الأصول العقارية إحدى دعامات الاقتصاد في الصين حيث ينظر الى القطاع العقاري منذ أعوام طويلة، على أنه رهان آمن لأبناء الطبقة الوسطى الساعين إلى زيادة ثرواتهم.
وتسبب هذا الطلب على العقارات بارتفاع صاروخي لأسعارها، ووسع المطورون أعمالهم بشكل كبير وسريع مستغلين سخاء القروض المصرفية.
لكن مع بلوغ ديون هذه الشركات مستويات قياسية، لجأت السلطات اعتبارا من العام 2020 إلى كبح القطاع. ومنذ ذلك الحين، تم تقليص القروض للمطورين العقاريين بشكل ملحوظ، وبات الأكثر ضعفا بينهم يعانون لإنجاز مشاريعهم، ما ولد أزمة ثقة مع الزبائن المحتملين أدت إلى تراجع الأسعار.
وقرر المصرف المركزي الصيني الأسبوع الماضي تمديد دعم المطورين العقاريين خصوصا من خلال تمديد مهلة سداد الديون حتى نهاية 2024، وذلك في أعقاب قراره خفض معدل الفوائد الشهر الماضي.
ورأى المحلل في مصرف نومورا تينغ لو أن الإجراءات لا تكفي لإنقاذ القطاع.

انكماش مالي في الأفق

بقيت الأسعار في الصين على المستوى ذاته لأشهر. وعلى رغم أن ذلك قد يكون إيجابيا لصالح القدرة الشرائية، إلا أن الدخول في مرحلة من الانكماش المالي (انخفاض متواصل في الأسعار) قد يمثل تهديدا على المدى الطويل.
فعوضا عن الانفاق، يعمد المستهلكون إلى تأجيل الشراء أملا في انخفاض الأسعار بشكل إضافي. وفي غياب الطلب، تعمد الشركات الى خفض إنتاجها وتجميد التوظيف أو تسريح موظفين أو إلزامهم الموافقة على اقتطاعات من رواتبهم.

تهديد التجارة

تبقى الصين التي لطالما عرفت بأنها "مشغل العالم"، تعتمد بشكل كبير على الصادرات، ما يجعلها عرضة للتأثر بالتقلبات في الاقتصاد العالمي.
ويؤدي خطر الركود في الولايات المتحدة وأوروبا، مترافقا مع تضخم متسارع، لإضعاف الطلب على المنتجات الصينية. وسجلت الصادرات الصينية تراجعا في يونيو للشهر الثاني تواليا.

توترات جيوسياسية

أضرت التوترات السياسية بين بكين وواشنطن بالآفاق الاقتصادية.
ويؤكد المسؤولون الأمريكيون العمل على تخفيف المخاطر الصينية على اقتصادهم، بما يشمل تشديد القيود على صادرات أشباه الموصلات بذريعة الأمن القومي وحض الحلفاء للقيام بالأمر نفسه.
وحمل المتحدث باسم الجمارك الصينية ليو داليانغ الأسبوع الماضي قوى خارجية المسؤولية عن وقوع "أثر مباشر" على التجارة الصينية.
وأشار إلى أن "المخاطر المرتبطة بالأحادية والحمائية والعوامل الجيوسياسية هي في ازدياد"، وذلك في بيان ترافق مع صدور أرقام مخيبة للآمال في مجال الصادرات.

سلطات محلية مدينة

من العوامل المؤثرة في الوضع الاقتصادي الراهن هي الظروف المالية الصعبة لبعض السلطات المحلية بعد ثلاثة أعوام من الإنفاق الهائل لمواجهة تبعات كوفيد وأزمة القطاع العقاري التي حرمتها إيرادات أساسية.
وقالت شركة "سينو إينسايدر"، ومقرها في الولايات المتحدة، في نشرة تحليلية إن هذه الصعوبات، مضافة إلى الظروف الاقتصادية الراهنة، ستصبح أكثر وضوحا في النصف الثاني من العام حين تطفو المشكلات الاقتصادية والمالية للصين بشكل أكبر إلى السطح.

حذر المستهلكين وضعف النشاط التجاري.. نقاط ضعف الاقتصاد الصيني

سمات

الأكثر قراءة