السخرية ووسائل التواصل
نتابع باستمرار إعلانات النيابة العامة عن رفع دعاوى على فئات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بأسباب مختلفة. الواقع أن البحث عن الشهرة يؤدي بكثيرين إلى ارتكاب مخالفات نظامية وشرعية لا يمكن السكوت عنها، هذا الأمر بالذات هو ما يحمي هوية الوطن وحقوق الناس عموما.
يقول كثيرون إنهم ما إن يتجهزوا لغرض عمل معين أو كتابة إضافة في أي موقع، إلا ويتذكرون ما يمكن أن يؤدي إليه تصرفهم ذلك قانونا. هذا الفهم العام ضروري لمجتمع أصبح كل شيء مفتوحا فيه، وكل بيت فقد الأسوار التي تستر ما في داخله بسبب انتشار الكاميرات والأجهزة الذكية في أيدي كل أعضاء الأسرة ومن يعملون في البيت "وهم الأكثر خطورة". ذلك أن كثيرين منهم يحاولون النيل من كفلائهم بسبب أو دون سبب، وهو ما يحذر منه كل عاقل.
هل أدى هذا الوضع إلى ثقافة أكثر تحفظا خصوصا مع العاملين في المنزل من غير الأسرة؟ سؤال مهم لا بد أن يفكر فيه الجميع، لأن حالة السذاجة التي كانت منتشرة في مراحل سابقة، ليس لها مكان مع التواصل المفتوح، الذي يمكن أن يؤدي إلى مشكلات وإساءة لسمعة الأسرة، بل يمكن أن يصل إلى إشكالات قانونية حقيقية لم يعطها الواحد حقها من التفكير والمراجعة.
مع بقاء هذه النقطة في الذهن، أعود لما بدأت به مقالي بخصوص التعامل مع متجاوزي حدود اللياقة مع الآخرين. الاستفزاز الذي يتبناه كثيرون واستغلال براءة الجمهور العام بإيجاد مواقف لغرض السخرية من الأشخاص أو إيقاعهم في مطبات أسرية أو أخلاقية لم تكن في واردهم. هذا الاستفزاز ينتشر وبقوة ونجد أنفسنا كل يوم أمام موقف جديد يبرز حالة مختلفة من التعامل الفظ مع الآخرين.
أدرك أن المجتمع حديث التجربة في التعامل مع هذا الأمر، لكنه لا يمكن أن يستغل بهذه الطريقة التي تستغل مواقف الضعف البشري، أو نقص الخبرة، أو حتى الحالة الأسرية والاقتصادية الصعبة لغرض السخرية من الآخرين. استغلال البراءة أو لنقل عدم المعرفة التامة بما يدور حول الواحد منا، يفقد المجتمع الثقة بين مكوناته، ويدفع الجميع نحو الشك وينشر الكراهية والتحسر على الذات وهذا ما لا نرضاه لمجتمعنا وكل مكوناته.