مشاريع التعدين تهدد ثروة التنوع الإحيائي في أعماق البحار والمحيطات

مشاريع التعدين تهدد ثروة التنوع الإحيائي في أعماق البحار والمحيطات
مشاريع التعدين تهدد ثروة التنوع الإحيائي في أعماق البحار والمحيطات
مشاريع التعدين تهدد ثروة التنوع الإحيائي في أعماق البحار والمحيطات
مشاريع التعدين تهدد ثروة التنوع الإحيائي في أعماق البحار والمحيطات

يشكل الصدع الشاسع في قاع المحيط بين هاواي والمكسيك موطنا لآلاف الأنواع التي لا تزال مجهولة، لكن دراسات جديدة بينت أنها أكثرعددا وتطورا  مما كان متوقعا، وحذرت من هشاشتها في مواجهة مشاريع التعدين في أعماق البحار.
ويتركز اهتمام شركات التعدين على السهل الشاسع الذي يشكله صدع كلاريون كليبرتون، لكونه غنيا بما يُعرف بـ"العقيدات"، وهي ترسبات منتشرة في قاع المحيط تحتوي على معادن ضرورية للبطاريات وغيرها من تقنيات التحول الطاقوي.
وكانت هذه القيعان المظلمة الواقعة على عمق أكثر من ثلاثة آلاف متر تُعتبر في الماضي بمنزلة صحراء حقيقية تحت الماء، لكن الاهتمام المتزايد بالتعدين دفع العلماء إلى استكشاف التنوع الإحيائي لعالم ما تحت الماء وخصوصا في الأعوام العشرة الأخيرة بفضل الرحلات الاستكشافية التي مولتها الشركات الخاصة.
وأتاح تعمق العلماء في دراساتهم اكتشاف أنواع بحرية لم تكن معروفة، منها مثلا خيار بحري عملاق يُعرف بـ "السنجاب الجيلاتيني"، وقريدس (روبيان) ذو أرجل طويلة مشعرة، والكثير من الديدان الصغيرة والقشريات والرخويات، وسواها.
وأثارت هذه الاكتشافات المخاوف من المشاريع الصناعية. وأقرت الهيئة الدولية لقاع البحار الجمعة خريطة طريق تهدف إلى اعتماد قواعد لتنظيم استخراج المعادن في أعماق البحار في 2025، ما أثار استياء منظمات غير حكومية تدعو إلى وقف نشاط تعتبر أنه يشكل خطرا على المحيط.
وتغطي السهول السحيقة أكثر من نصف الكوكب، لكنها لا تزال إلى حد كبير غير مستكشفة من قبل البشرية. ويصفها بـ"الحدود الأخيرة" عالِم الأحياء إريك سيمون ليدو الذي أجرى بحثا نُشر الإثنين في مجلة "نيتشر إيكولودجي أند إيفولوشن".
رسمت هذه الدراسة خريطة توزع الحيوانات في منطقة صدع كلاريون كليبرتون، وأظهرت وجود مجموعات من هذه الأنواع أكثر تعقيدا مما كان يُعتقد.
وقال إريك سيمون ليدو من المركز الوطني لعلوم المحيطات في بريطانيا "مع كل عملية غوص، نحظى باكتشاف".

- 5 آلاف نوع جديد

ويعتبر دعاة حماية البيئة أن هذا التنوع الأحيائي هو الكنز الحقيقي لأعماق البحار، وأن ثمة خطرا عليه يتمثل في التشكيلة الواسعة من الرواسب القديمة التي ستعمل الجهات المهتمة بالتعدين على استخلاصها.
وتوفر العقيدات نفسُها موطنا لا مثيل له لكائنات غير مألوفة.
وتعود فرادة مشهد التنوع الأحيائي في منطقة صدع كلاريون كليبرتون إلى قِدَم هذه المنطقة ومساحتها الكبيرة جدا، على ما شرح أدريان غلوفر من متحف التاريخ الطبيعي في بريطانيا، والمعد المشارك للدراسة التي أجراها إريك سيمون ليدو ولأول جردة للأنواع في المنطقة التي نُشرت في مايو في "كارنت بايولودجي".
وأظهرت هذه الجردة أن الأنواع الجديدة تشكل أكثر من 90 في المائة من خمسة آلاف مدرجة. وأشار غلوفر إلى أن التنوع في هذه المنطقة بات يُعتبَر أكبر قليلا من تنوع المحيط الهندي.
باستخدام المركبات الحديثة الذاتية القيادة تحت الماء، وجد العلماء أن الشعَب المرجانية والنجوم الهشة، وهي حيوانات قريبة من نجم البحر، شائعة في المناطق الشرقية من منطقة صدع كلاريون كليبرتون، لكنها غائبة تقريبا في المناطق الأكثر عمقا، حيث تطغى أنواع على غرار خيار البحر والإسفنج وشقائق النعمان الرخوة.
وشدد ليدو على ضرورة أن يأخذ أي تنظيم مستقبلي للتعدين في الحسبان هذا التوزع "الأكثر تعقيدا مما كان يُعتقد".

- سنتيمتر واحد كل ألف عام 

 ويُرجح أن تكون العقيدات تكونت مدى ملايين السنين، وهي في الأساس شظايا صلبة كأسنان سمك القرش وعظام أذن السمك، استقرت في القاع، ثم نمت بمعدل شديد البطء بفعل تراكم المعادن الموجودة بتركيزات منخفضة جدا، على ما يوضح غلوفر.
والمنطقة كذلك "فقيرة غذائيا"، ما يعني أن القليل من الكائنات الميتة تنجرف إلى الأعماق لتذوب في وحل قاع المحيط. وأوضح غلوفر أن سنتيمترا واحدا فحسب من الرواسب تضاف كل ألف سنة إلى بعض أجزاء منطقة صدع كلاريون كليبرتون.
وعلى عكس بحر الشمال الذي انتهى تكوينه قبل 20 ألف عام خلال العصر الجليدي الأخير، يعود تاريخ منطقة صدع كلاريون كليبرتون إلى "عشرات الملايين من السنين".
وثمة احتمالات ضعيفة أن تتعافى البيئة التي تتأثر بالتعدين على مقياس زمني بشري.
وحذر عضو المجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية مايكل نورتون من أن "هذه المنظومة البيئية ستكون محكومة بالفناء لقرون عدة، وربما لآلاف السنين"، و"لا يمكن الادعاء أن هذا الأمر لا يشكل ضررا كبيرا".

سمات

الأكثر قراءة