تأثير الذكاء الاصطناعي في قطاعات العمل .. من الأكثر تضررا؟
كم عدد الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي حاليا؟
إذا أخذنا المملكة المتحدة كمثال، فإن نحو 15 في المائة من جميع الشركات - نحو 432 ألف شركة - قد تبنت شكلا واحدا على الأقل من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بحلول كانون الثاني (يناير) 2022، وفقا لمسح حكومي. ووجد المسح أن الشركات الأكثر انفتاحا على استخدام الذكاء الاصطناعي هي تلك التي تعمل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتمويل والمحاسبة، والإعلام، والإعلان والمبيعات، والقانون.
ومع نمو الشركات، تزداد احتمالية تبنيها للذكاء الاصطناعي، حيث تتبنى 69 في المائة من الشركات الكبيرة شكلا واحدا على الأقل من أشكال الذكاء الاصطناعي، وفقا للبحث.
مع ذلك، تسبق هذه الأرقام القفزات الهائلة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي أصبح معروفا على نطاق واسع في نهاية 2022، مع إطلاق برنامج تشات جي بي تي من شركة أوبن إيه آي: وهو روبوت محادثة يمكنه إنشاء مساحات كبيرة من النصوص والإجابة عن الأسئلة بشكل مقنع. لقد أدى إلى انفجار في روبوتات الدردشة المشابهة، إضافة إلى حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي المخصصة لمختلف المهن، بما فيها القانون والإعلان.
تضاعف اعتماد الذكاء الاصطناعي منذ 2017، وفقا لشركة ماكينزي الاستشارية. ومن المقرر أن ينمو بشكل كبير الآن بعد أن أصبح الذكاء الاصطناعي متاحا بشكل أكبر عبر النماذج اللغوية الكبيرة ونشره أسهل في إعدادات مختلفة.
ما الاستخدامات التجارية الأكثر شيوعا للذكاء الاصطناعي؟
يشيع استخدام الذكاء الاصطناعي في الشركات لتعزيز الكفاءة، عن طريق أتمتة المهام كتحليل البيانات، أو تحسين سرعة أو اتساق الخدمات، أو استخدام البيانات من الزبائن أو العملاء كمعلومات تساعد في عمليات صنع القرارات والتنبؤات.
في تخطيط البنية التحتية، مثلا، يمكن لمهندسي المدن استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الوقت الذي يحتمل فيه ظهور حفرة في الطريق، باستخدام الكاميرات وأجهزة الاستشعار لمراقبة الظروف بمرور الوقت.
وفي مجال البيع بالتجزئة - نظرا إلى الكم الهائل من البيانات التي يتم جمعها حول أنماط الإنفاق الاستهلاكي - يتم اعتماد الذكاء الاصطناعي بسرعة لتحسين سلاسل التوريد، عبر التنبؤ بكمية المخزون المطلوبة. ويتم استخدام الذكاء الاصطناعي أيضا للتواصل مع العملاء عبر مساعدين افتراضيين.
كيف سيغير الذكاء الاصطناعي تفاعلات الشركات مع العملاء؟
إن خدمة العملاء التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ليست تطورا جديدا - تستخدم هذه التكنولوجيا في إعدادات البيع بالتجزئة لأكثر من عقد من الزمان. وعادة ما تضع روبوتات المحادثة أسئلة وأجوبة لترتيب الطلبات والحد من التفاعلات المطلوبة مع وكلاء خدمة العملاء من البشر. ومع ذلك، فإن التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي التوليدي - نوع الذكاء الاصطناعي القادر على إنتاج فقرات كبيرة من نص المحادثة - يعني أنه من المرجح أن تتغير وظائف خدمة العملاء.
يمكن للذكاء الاصطناعي الإجابة بسهولة عن الأسئلة التي تطرح كثيرا وتقديم نصائح مخصصة. فقد تحدثت ميتا، الشركة المالكة لفيسبوك وواتساب وإنستجرام، أخيرا عن جهودها في تطوير ما يسمى بوكلاء الذكاء الاصطناعي للمستخدمين والشركات على المنصة.
قال نيكولا مينديلسون، رئيس مجموعة الأعمال العالمية في ميتا، "إننا نعتقد أنه من المهم وجود مجموعة متنوعة من مساعدي الذكاء الاصطناعي لتمثيل الأشخاص وصانعي المحتوى ومصالح الشركات. فمثلا، يمكن لأي شخص الحصول على الدعم الخاص بالعملاء من نشاطه التجاري الصغير المفضل دون الحاجة إلى الانتظار على الهاتف".
ويعد التعرف على الكلام مجالا آخر تم فيه نشر الذكاء الاصطناعي للتعرف على الكلمات والرد عليها.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات للشركات؟
لقد تم استخدام قدرة الذكاء الاصطناعي على تحديد الأشياء في الصور أو الفيديو، والتي تسمى في الأغلب رؤية الكمبيوتر، في قطاعات مختلفة، بما فيها محتوى الوسائط الاجتماعية لاكتشاف وحظر المحتوى الضار، وفي الرعاية الصحية لتحديد الأورام أو الميزات المحتملة في عمليات الفحص، وفي صناعة السيارات للمساعدة على ركن السيارة أو على تطوير المركبات ذاتية القيادة.
ففي المثال الأخير، في الأغلب ما يتخذ الذكاء الاصطناعي قرارا بناء على المعلومات التي توفرها الصور، مثل ما إذا كان يجب إجراء توقف طارئ أو تغيير المسار.
ويستخدم الذكاء الاصطناعي أيضا على نطاق واسع في سلاسل التوريد لتحديد المخزون والمساعدة على مراقبته، وتقليل الهدر وتقليل أوقات التسليم عبر تجميع الطلبات من المكان نفسه.
كلما زاد عدد البيانات التي يجمعها الذكاء الاصطناعي في حالة استخدام معينة، مثلا تم إكمال مزيد من الطلبات، زادت فاعلية تنبؤات الذكاء الاصطناعي.
هل لا يزال البشر بحاجة إلى المشاركة في عملية اتخاذ القرار من قبل الذكاء الاصطناعي؟
نعم. ففي الوقت الحالي، يمكن للذكاء الاصطناعي فهم الأمور بشكل خاطئ، خاصة الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويمكن أن يذكر الأكاذيب على أنها حقائق، وهي ظاهرة تعرف باسم "الهلوسة".
مشكلة أخرى هي التحيز الخوارزمي، حيث وجد أن الذكاء الاصطناعي يميز ضد الناس على أساس عوامل كالعرق أو الجنس. فمثلا، وجد تحليل لقرارات إقراض الرهن العقاري المدفوعة بالذكاء الاصطناعي أن احتمالية موافقة بعض البرامج على المتقدمين السود كانت أقل.
ما قطاعات الأعمال الأكثر انكشافا للذكاء الاصطناعي؟
نظرا إلى أن الاتجاه الحالي للذكاء الاصطناعي هو المعالجة اللغوية في الغالب - وهي القدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات اللغوية من النصوص أو الأصوات أو الفيديوهات - فإن القطاعات التي من المرجح أن تتأثر هي تلك التي تتضمن اللغة المكتوبة أو المنطوقة، صناعات الإعلان والصحافة والاستشارات والصناعة القانونية.
وكل هذه المجالات اعتمدت بالفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ما قطاعات الأعمال الأقل عرضة للتأثر؟
وجد بحث من جامعة بنسلفانيا وشركة أوبن إيه أي في آذار (مارس) أن الذكاء الاصطناعي المدفوع بالنماذج اللغوية الكبيرة، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، من المرجح أن يؤثر في نحو 80 في المائة من القوة العاملة في الولايات المتحدة. وخلصت الورقة إلى أن الوظائف في مجالات مثل الزراعة والتعدين والتصنيع كانت الأقل عرضة للتأثر.
قام تحليل أجراه بنك جولدمان ساكس في مارس بتجميع الحرف اليدوية والحرف ذات الصلة على أنها القطاعات الأقل احتمالا أن يتم تشغيلها آليا بوساطة الذكاء الاصطناعي.
ورغم ذلك، فإن هذه الصناعات تستخدم بالفعل بعض أشكال الذكاء الاصطناعي. مثلا، يستخدم المزارعون أجهزة استشعار لمراقبة المحاصيل واكتشاف الأمراض أو الآفات أو المشكلات المتعلقة بالتربة.
وفي عديد من هذه الصناعات، قد يلعب الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم البيانات التحليلية أو الروبوتية دورا أكبر، ويصبح قادرا على الحلول محل العمال اليدويين.