هل التدريب المهني حلم زائف أم مستقبل مشرق؟
الشهادات الجامعية "الخادعة" تخذل الشباب البريطاني، كما قال رئيس الوزراء ريشي سوناك. إنه يريد تصحيح "التحيز الثقافي (...) الخاطئ جدا" في البلد ضد التدريب المهني.
سوناك محق في إدانة تعجرف المملكة المتحدة بشأن التدريب على رأس العمل، والذي يمكن أن يزود الشباب بمهارات مفيدة وفي الوقت نفسه يكسبون دخلا ويتعرفون على صاحب عمل. في المقابل، يترك طلاب كثيرون الجامعة بديون ضخمة ومؤهلات قد لا يستخدمونها أبدا.
تعد التحيزات الثقافية ضد المتدربين أقل شيوعا في أوروبا القارية. في ألمانيا، مثلا، لطالما حظي التدريب المهني في قطاع التصنيع بتقدير عال من أصحاب العمل والموظفين على حد سواء.
لكن قبل أن يمزق الطلاب عروضهم الجامعية، يجب أن يكون الوزراء صادقين أيضا بشأن أوجه القصور في نظام التدريب المهني في إنجلترا.
يريد سوناك تقليص عدد الشهادات الجامعية رديئة الجودة. لكن قطاع التدريب المهني أيضا بحاجة إلى بعض الإصلاح.
يتم تمويل التدريب المهني في إنجلترا من خلال ضريبة أدخلت في 2017. هذه في الواقع ضريبة على الأجور تتطلب من أصحاب العمل الكبار الذين لديهم فاتورة أجور سنوية تزيد على ثلاثة ملايين جنيه استرليني، دفع 0.5 في المائة من هذا الإجمالي في صندوق للإنفاق على التدريب الحكومي المعتمد الصالح من عام إلى خمسة أعوام. إذا لم يتم استخدام تلك الأموال بعد عامين، تذهب إلى الخزانة. بالنسبة إلى الشركات الأصغر التي لا تخضع للضريبة، تتحمل الحكومة 95 في المائة من تكاليف التدريب.
قال توم ريتشموند، مؤسس مركز الأبحاث التعليمي إيدسك، إنه بسبب استرداد الخزانة، فإن أصحاب العمل الكبار لديهم حافز اقتصادي للعثور على أغلى الدورات التدريبية التي تقدمها جهات من القطاع الخاص وتسجيل الموظفين الحاليين "في أقرب وقت ممكن". "هذه الطريقة الأكثر فاعلية لاستخدام مساهماتك التي تدفعها كضريبة للتدريب".
نتيجة لذلك، أصبحت المشاركة تميل نحو فئة عمرية أكبر تعمل بالفعل، بدلا من الشباب الذين يفتقرون الخبرة. يعد تقديم التدريب للأشخاص من جميع الأعمار أمرا مهما لكن التوازن غير صحيح في الوقت الحالي.
بين آب (أغسطس) 2022 وكانون الثاني (يناير) من هذا العام، بدأ 195600 شخص في التدريب المهني في إنجلترا، وفقا للأرقام الرسمية. من هذا العدد، كان 55580 فقط دون سن 19.
إن معدلات إنهاء الدورات التدريبية مشكلة أخرى. في 2021 إلى 2022، كانت هذه النسبة أكثر بقليل من 53 في المائة. وجدت دراسة استقصائية أجريت في 2022 شملت أكثر من 2400 متدرب من المؤسسات بما في ذلك معهد التعلم والعمل أن نقص الدعم من صاحب العمل كان سببا رئيسا لترك المتدربين الدورات التدريبية.
ثم هناك مسألة الجودة. هناك بعض التدريبات المهنية الجيدة جدا. في الأغلب ما يتم اعتبار البرامج التي تديرها شركات مثل بي تي وبي دبليو سي كمعيار ذهبي. لكن ليست كل البرامج متساوية.
وجد تحليل لبيانات حكومية العام الماضي أن التدريب المهني في مكان العمل في إنجلترا حقق أضعف نوعية من التعليم الإضافي، بينما وجد تحقيق مركز إيدسك تدريبات مهنية معلنة على موقع الوظائف الشاغرة التابع للحكومة تضمنت أعمال ذات مهارات منخفضة ينبغي ألا تتطلب تدريبا لمدة عام. وشملت الأمثلة المساعدة في وظيفة دفع عربة المشروبات. يمكن لأصحاب العمل أن يدفعوا للمتدربين أجرا أدنى أقل من الحد الأدنى الوطني للأجور. وهذا يتسبب في ميل نحو تحويل بعض الوظائف إلى تدريب مهني.
كما يجد أصحاب العمل أن الضريبة صارمة. دعت مجموعات من بينها غرف التجارة البريطانية إلى إصلاحات بحيث تكون برامج التدريب الأقصر التي تمتد لأقل من عام مؤهلة للحصول على التمويل. ويجادل أصحاب العمل بأن هذا يمكن أن يساعد على سد الثغرات في سوق العمل، مثلا، إذا كانت دورات البرمجة الأقصر مؤهلة للحصول على تمويل ضريبي.
توجد بعض الحلول المباشرة. اقتراح مركز بولسي إكستشجنج للأبحاث لربط الدورات التأهيلية بالقائمة الحكومية للمهن التي تعاني نقصا كان ذكيا.
ينبغي للحكومة إلغاء الحد الأدنى المنخفض لأجور المتدربين، وهو أمر قدمت لجنة الأجور المنخفضة، الهيئة الاستشارية للأجور في المملكة المتحدة، استشارة بشأنه هذا العام. من شأن ذلك أن يزيل ميل أصحاب العمل إلى تسمية الوظائف على أنها تدريب مهني بينما هي في الحقيقة وظائف مبتدئين.
قالت وزارة التعليم إن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما يمثلون الآن نصف جميع برامج التدريب المهني التي بدأت وكانت تروجها للشباب "كطريقة رائعة للانضمام إلى مجموعة واسعة من الوظائف المجزية". لكن على الوزراء الاستمرار في الاعتماد على أصحاب العمل للتأكد من أنهم يوظفون خريجي المدارس.
رئيس الوزراء على حق بالقلق من أن شباب كثيرون "يباعون حلما زائفا بالالتحاق بالجامعة". لكن الأمر متروك له للتأكد من عدم بيع حلم زائف عن التدريب المهني أيضا.