ارتفاع المخزونات الأمريكية يضغط على سوق النفط والتحفيز الصيني يحد من الخسائر
تواجه أسعار النفط ضغوطا جراء ارتفاع المخزونات النفطية الأمريكية، فيما تترقب السوق مسار الطلب عقب اجتماع الفيدرالي بشأن الفائدة وسط آمال بأن يسهم التراجع في إنتاج تحالف "أوبك +"، وإجراءات التحفيز الاقتصادي الصينية في ضبط إيقاع الأسعار. وقال لـ"الاقتصادية" محللون، إن الأسواق تنتظر اشارات من بكين بشأن الطبيعة الدقيقة لإجراءات التحفيز الذي ألمح إليه اجتماع المكتب السياسي الصيني.
ولفت المحللون إلى أن الطلب قوي ومن المرجح أن يزداد قوة خلال الربع الثالث من العام الجاري، حيث ستكون الصين والهند - أكبر وثالث أكبر مستورد للنفط في العالم على التوالي - هما المحركان الرئيسان لارتفاع الطلب على النفط.
وسلط المحللون الضوء على تقديرات بنك جولدمان ساكس، التي رجح فيها أن ترتفع أسعار النفط إلى 86 دولارا للبرميل في نهاية العام، حيث سيؤدي الارتفاع في الطلب على النفط وانخفاض العرض إلى عجز مرجح في السوق.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة، إن أسعار النفط الخام تتلقى دعما من التوقعات الإيجابية لنمو الطلب، حيث يؤدي نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى جانب الإجراءات الاقتصادية الجديدة إلى تحفيز تعافي البلاد وربما رفع أسعار النفط العالمية.
ولفت إلى أن مستويات الدين المحلي المرتفعة وقطاع العقارات غير المستقر تشكل تحديات كبيرة أمام الانتعاش الاقتصادي للصين، موضحا أن في حين أن الطلب على النفط سيزداد مع الانتعاش الاقتصادي للصين فمن غير المرجح أن يتسبب في ارتفاع كبير في أسعار النفط خاصة أن الصين تشتري النفط بخصم من روسيا.
من جانبه، يقول سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، إن توقع السوق انخفاض الأرباح والتدفقات النقدية إلى حد كبير مع الأخذ في الحسبان أن أسعار النفط والغاز كانت أقل بكثير في الربع الثاني من 2023 مقارنة بالفترة نفسها من 2022 بعد ذعر الحرب الروسية - الأوكرانية وارتفاع العرض.
ولفت إلى محافظة النفط على مكاسبه الأخيرة مدعوما بتقلص الإمدادات والتفاؤل بأن الحكومة الصينية ستعزز اقتصاد البلاد، موضحا أن الصين أقرت مزيدا من الدعم لقطاع العقارات إلى جانب تعهدات بزيادة الاستهلاك، لافتا إلى أن الأساسيات تظهر إشارات متزايدة على ضيق السوق.
بدوره يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، إن أسعار النفط الخام ارتفعت هذا الشهر بعد أن قلص تحالف "أوبك +" الإمدادات للمساعدة على توازن السوق، بينما في المقابل يتجه الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية التي من المتوقع أن تستمر مع رفع سعر الفائدة مرة أخرى هذا الأسبوع.
ولفت إلى أنه تم التركيز على البنزين بعد أن أغلقت شركة "إكسون موبيل" واحدة من أكبر مصافي التكرير الأمريكية، ما أدى إلى ارتفاع العقود الآجلة الأمريكية إلى أعلى مستوى لها منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مشيرا إلى أن الأسواق المادية لا تزال متعطشة للنفط الخام.
من جهتها تقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، إن السوق تركز على بيانات الأساسيات حاليا وسط متابعة دقيقة لمؤشرات الركود، موضحة أنه نظرا لتقلص العرض بسبب تخفيضات "أوبك +" وتباطؤ نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، فإن الطلب قوي ومن المرجح أن يزداد قوة خلال الربع الثالث مع ذروة موسم القيادة والاستهلاك القوي في أكبر مستوردي النفط الخام في آسيا وهما الصين والهند.
ورجحت حدوث زيادة قوية في الطلب على النفط في الصين وقدرتها بيانات دولية بنسبة 5 إلى 8 في المائة في حجم الواردات الصافية، لكن من غير المرجح أن يتسبب هذا في ارتفاع أسعار النفط، مفسرة ذلك بأن الصين تشتري النفط الخام بخصم من روسيا. من ناحية أخرى، تراجعت أسعار النفط أمس، من أعلى مستوياتها في ثلاثة أشهر في اليوم السابق بعد أن أظهرت بيانات الصناعة ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية، لكن مؤشرات على تقلص الإمدادات العالمية وآمال في حفز الصين لاقتصادها حدت الخسائر.
ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 32 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 83.32 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:36 بتوقيت جرينتش. وبلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 79.35 دولار للبرميل، منخفضا 28 سنتا أو 0.4 في المائة.
وقال هيرويوكي كيكوكاوا، رئيس إن.إس تريدينج، وهي وحدة تابعة لنيسان سيكيوريتيز، "زيادة مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي تسببت في بعض عمليات البيع"، مضيفا أن المستثمرين عمدوا أيضا إلى ترتيب مراكزهم قبل قرار السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي.
وارتفعت مخزونات الخام الأمريكية بنحو 1.32 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 21 تموز (يوليو)، وفقا لمصادر السوق نقلا عن أرقام معهد البترول الأمريكي الثلاثاء. وتوقع محللون تراجعا قدره 2.3 مليون برميل.
وانخفضت مخزونات البنزين بنحو 1.04 مليون برميل في حين ارتفعت مخزونات نواتج التقطير بنحو 1.61 مليون برميل.
وتراجعت الأسعار بعد أن بلغ خاما برنت وغرب تكساس الوسيط الثلاثاء أعلى مستوياتها منذ 19 نيسان (أبريل) وسط مخاوف من تقلص الإمدادات وتعهدات السلطات الصينية بدعم ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وحققت أسعار النفط مكاسب أسبوعية أربع مرات متتالية مع توقعات تقلص إمدادات الخام بسبب خفض "أوبك" وحلفاء لها للإنتاج. وأظهرت أحدث بيانات حكومية صدرت أن صادرات النفط السعودية تراجعت نحو 40 في المائة في أيار (مايو) مقارنة بالفترة نفسها قبل عام. وفي غضون ذلك، تعهد القادة في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، بتعزيز دعم السياسة الاقتصادية.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 84.64 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 83.19 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثالث ارتفاع له على التوالي وإن السلة كسبت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 80.33 دولار للبرميل.