دروس في البستنة من عالم يسوده المناخ الدافئ
كان لدينا في بريطانيا شهر مثالي للزراعة. حيث جعلت الأمطار التربة صالحة للزراعة بسهولة، والشمس والظل أظهرا الحدائق في أفضل حالاتها. لقد نبتت الحشائش بحرية أكبر بكثير من العام الماضي، لكن الظروف كانت مثالية لجرفها، ما أسفر عن تدمير عدة أعوام من الزراعة مرة واحدة.
لقد عانت الحدائق في أماكن أخرى شدة الحر. وإذا كنت تستعد لقضاء عطلة صيفية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، فخذ وقتا للتأمل في الزراعة المحلية لا أن تتمنى أن تستمر بريطانيا خضراء. البستنة في منطقة البحر الأبيض المتوسط فن خاص بحد ذاته، وله إيجابياته وسلبياته. وفي أغلب الأحيان كانت مزهرة قبل أن يعرف البريطانيون الزراعة. فهي لا تعتمد على أمطار الصيف. وهي تستحق الدراسة لذاتها: وسيواجه المزيد منا ظروفا مشابهة مع تغير المناخ.
قبل 100 عام، كان الزوار ممن يملكون منازل ثانية يتمتعون بزراعة الحدائق في منطقة البحر الأبيض المتوسط في وقت مختلف. إذ لم يذهبوا في آب (أغسطس) على أمل رؤية حديقة أو اثنتين أثناء بحثهم عن حمامات الشمس على الشاطئ، بل كانوا يذهبون إلى منازلهم في الريفيرا في تشرين الثاني (نوفمبر) ويغادرون في نيسان (أبريل) وأوائل أيار (مايو) بعد الاستمتاع بزهور الربيع الوفيرة.
وإذا عاد الإدوارديون (البريطانيون من العقد الأول من القرن الـ20) إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط في ذروة الصيف، كانوا يغطون وجوههم بكريم الوجه ويفضلون المشي في جبال الألب.
في بداية رواية إف سكوت فيتزجيرالد الحزينة، الليل الرقيق، لدينا وصف لمشاهد الحياة على الشاطئ الفرنسي المشمس بشكل شاعري. نشرت تلك الرواية عام 1934، واستندت إلى زيارات المؤلف نفسه إلى جنوب فرنسا في منتصف عشرينيات القرن الماضي. كان قد تم اكتشاف الحياة على الشاطئ بأسلوب حديث للتو من قبل الأمريكيين.
هناك جانبان للزراعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مشاركة المغتربين فيها وانخراط أولئك الذين عاشوا دائما في مناخها. لقد قمت أخيرا باستكشاف الجانبان في موقعين منفصلين بالقرب من أثينا. كان أحدهما حديقة جمعية حدائق منطقة البحر الأبيض المتوسط، والأخرى حديقة نباتية زرعت على أرض واسعة عام 1964، قبل وقبل أن تبدأ الزراعة الكثيفة والتغير المناخي من تصدر عناوين الصحف بوقت طويل.
في حديقة سباروزا، في بايانيا على مشارف أثينا، تحتفظ جمعية حدائق منطقة البحر الأبيض المتوسط بحديقة على منحدر تل كبير، يدعمها متحف جولاندريس للتاريخ الطبيعي ومخصصة للنباتات ليس فقط من منطقة البحر الأبيض المتوسط، بل من مناطق ذات مناخ مشابه. تعد الحديقة، الواجهة الخارجية الحية للمجتمع وأعضاؤها المؤلفون من 38 بلدا، موردا ممتازا لأي بستاني في منطقة مناخ البحر الأبيض المتوسط.
مقابل 45 يورو سنويا، يتلقى المشتركون مجلة رائعة أربع مرات سنويا، والحق في المشاركة في تبادل سنوي للبذور والوصول إلى جولات المجتمع السياحية المحبوبة للغاية، وهي طريقة رائعة لقضاء عطلة مع البستانيين المتحمسين.
يعود أسلوب وشكل حديقة سباروزا لسيدتين رائعتين، بدأت كل منهما العمل فيها في أوائل الستينيات من عمرهما.
في منتصف الستينيات من القرن الماضي، كانت ماري جاكلين تيرويت رائدة زراعة منطقة البحر الأبيض المتوسط في الحديقة، تليها سالي رازيلو، راعية حديقة سباروزا لمدة 30 عاما، منها 20 عاما تحت وصاية جمعية حدائق منطقة البحر الأبيض المتوسط.
منذ وفاتها عام 2021، كانت تحت وصاية البستانية لوسي ويلان. تتمتع الحديقة بمزيد من الانتعاش بفضل تفانيها ورقابتها. كان جزءا من تدريبها كعضو في فريق البستنة في سيسينغهيرست: لقد تواصل مونتي دون بالفعل معهم لإنتاج فيلم تلفزيوني عن الحديقة.
لإعطائك فكرة عن تحديات وإمكانات منطقة البحر الأبيض المتوسط، لا يمكنني فعل ما هو أفضل من توجيهك إلى مقطع فيديو جديد إلى حد ما، تستضيفه ويلان مصحوبا بصور ممتازة لأبرز أحداث الحديقة خلال العام، من كانون الثاني (يناير) الغزير في الإنتاجية، بعد تسع دقائق من الفيلم، إلى المصابيح الرائعة في أواخر الخريف، بما في ذلك زهرة سترنبيرجيا الصفراء، والنرجس البري، وبخور مريم اليونانية. شاهد فيلم "لوسيندا ويلان، عام في سباروزا" على منصة يوتيوب واستمتع بجولة ملهمة حول ما يمكن أن تصبح عليه حديقة متوسطية. مدة الفيلم 20 دقيقة، ويستخدم لغة غير رسمية بشكل ممتع، لكن كن صبورا لأنه يحتوي على صور ممتازة لوردة أوركيد النحل، والزعفران الناضج والزعتر المزهر في جميع أنحاء التلة وغيرها كثير.
لا يمكن تفويت التناقضات من شهر لآخر، خاصة إذا كنت تعاني درجات الحرارة المفرطة في عطلة عائلية على الشاطئ. تحتل نبتة الخزامى والعشقية المشهد خلال أشد مراحل الصيف حرارة، إلى جانب الحنطة السوداء ونبات السالفيا، التي زادتها ويلان بالفعل.
عندما تتحدث عن المجال العشبي الشجري، فإنها تشير إلى الشجيرات المتناثرة المميزة لكثير من سفوح التلال اليونانية: قم بتمرير شريط المشاهدة إلى 15 دقيقة في الفيلم وسترى أربعة من الثعابين الكبيرة التي تصادفها، دون انزعاج، أثناء عملها في الحديقة. لا يمكن زيارة حديقة سباروزا إلا في الأيام المحجوزة مسبقا في مجموعات ()، لكن النباتات معروضة للبيع لأولئك الذين يمكنهم أخذها إلى المنزل.
في منتصف ستينيات القرن الماضي، بينما كانت تيرويت تبدأ بتأسيس حديقة سباروزا، بدأ مشروع حديقة ضخم وإعادة زرع على منحدرات جبل هيميتوس في أثينا. كان ذلك في فيلوداسيكي، التي تعد غاباتها وحدائقها بمنزلة تكريم للزراعة والإدارة البيئية، رغم صعوبة الظروف والصيانة. كان المبدأ التوجيهي هو إظهار النباتات الأصلية في اليونان والجزر المجاورة، وهي كنز دفين لا ينبغي التخلص منه من أجل نباتات المفرش النباتي التي يتم تسويقها على نطاق واسع، التي في الأغلب ما تزرع في كاليفورنيا.
في الخمسينيات من القرن الماضي، زرع الفنان ومنسق الحدائق ديميتريس بيكيونيس النهج الرئيس لتلة الأكروبوليس ومعابدها بأشجار وشجيرات يونانية أصلية. وقد اتبع متنزه فيلوداسيكي ذلك، وهو مشروع يستحق الشهرة نفسها. حيث تم زرع ما يصل إلى ثلاثة ملايين شجرة على منحدرات هيميتوس التي أزيلت منها الغابات، بما في ذلك كنيسة دير قيصرياني، وتم تصميم مشتل لزراعة النباتات لتناسب ظروف منطقة البحر الأبيض المتوسط.
أصبحت الحدائق الآن فهرسا أخضر لكثير من النباتات الأصلية اليونانية، من الفاونيا الجميلة وزهرة العرن الصفراء-المزهرة إلى خشب الأبنوس الكريتي، أو البلوط النادر ذي الجوانب الصفراء على أوراقه، وشجرة كويركوس النيفوليا، التي لم أرها من قبل، وتتضمن نبتات العرعر المزرقة-الرمادية جونيبيروس دروباسيا: حتى أن هناك نبتة بطنج ذات أوراق رمادية من رحلتي الأخيرة، جزيرة يوبويا، نظرا لأن البطاقات التعريفية جيدة رغم حجم المشروع ونطاقه، أحب السير في قاعدة البيانات الطبيعية هذه.
أخبرتني صوفيا بيلافاتشي العبقرية النشطة للمكان: "الأعشاب تدفعني للجنون"، متجاهلة أصوات الحوريات التي تحاول إعادة رسم الخط الفاصل بين النباتات المحلية والواردات الغازية.
مع عالم الغابات نيكولاوس بانجاس، تميل بيلافاتشي إلى أسلوب ونطاق المجموعة الكبيرة، ما يفتح أعين الآخرين على جمالها. وجهتني إلى المناظر الخضراء الكثيرة بين المزروعات ذات الارتفاعات المتنوعة، سواء أكانت أشجار الصنوبر، أو الأرز أو الأشجار المسماة سيراتونيا. الأخضر لون له أكثر من 50 درجة من اللون الرمادي. وتلاحظ: "هناك حيوية فيه".
تكاثر الزوار في فيلوداسيكي خلال كوفيد عندما كان المتنزه الطبيعي لا يزال متاحا.
قامت بيلافاتشي للتو بإنشاء حديقة زهور متدرجة ومتراصة، حيث قامت بزراعتها بنبتة الخرشوف الكروية الطويلة، والسالفيا، ونبتة فربيون اليونانية وغيرها الكثير لإظهار مدى سطوع الحديقة اليونانية.
أستخلص استنتاجين من هذا. الأول أن اليونانيين قد أدركوا منذ فترة طويلة التحدي المتمثل في البستنة المدروسة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. والآخر هو "لا تحاول أبدا زراعة نباتات الداليا في اليونان"، كما أخبرتني ويلان بشكل جدي.
من يهتم؟ بمجرد أن ندرك مقدار الأشياء التي يمكن زراعتها على الطراز المتوسطي ومراجعة تقويم حديقتنا المتأصل.