إنتاجية العمل من المنزل مليئة بالمفاجآت
في أمازون تركوا العمل، وفي ستاربكس وديزني قدموا التماسات، وفي جوجل طالبوا بإعادة التفكير.
هكذا استجاب الموظفون في بعض أكثر الشركات شهرة في العالم هذا العام للنظام الذي كان سيبدو غريبا قبل الجائحة: تعالوا إلى المكتب على الأقل ثلاثة أيام في الأسبوع، أو أربعة في حالة ديزني.
من بين كل عواقب العصر الجديد من العمل المرن، كان هذا المستوى من التمرد المؤسسي هو أقل ما توقعته. لكنه لم يكن المفاجأة الوحيدة. بعد ثلاثة أعوام من أمر الموظفين بالبقاء في منازلهم، يبقى السؤال عن مكان ووقت عمل الموظفين سؤالا معقدا بشكل ملحوظ.
لكن بعض الأمور بدأت تتضح، بدءا من مدى استعداد الموظفين للعراك من أجل ميزة لم يملكها كثير منهم قبل كوفيد.
كانت نقابات الياقة البيضاء نجوم هذه القصة حتى الآن.
في أستراليا هذا الشهر، فازت النقابات باتفاقية عمل عن بعد لآلاف الموظفين الحكوميين الفيدراليين ستسمح لهم بعدد أيام لا محدود من العمل من المنزل. كما أنهم أمنوا حقوق العمل من المنزل في أحد أكبر بنوك الدولة، ويواجهون آخر بشأن نظام يلزم الموظفين بقضاء نصف ساعات عملهم على الأقل من كل شهر في المكتب.
يمكن أن تصبح هذه العراكات فوضوية.
أضرب نحو 150 ألف موظف حكومي فيدرالي كندي في وقت مبكر هذا العام لما يقارب أسبوعين بشأن أنظمة العودة إلى المكتب والأجور في أحد أكبر الحركات من هذا النوع. لم يتمكنوا من الفوز بحق العمل من المنزل في النهاية، لكن الحكومة وافقت على إعادة النظر في سياستها.
كما يصبح من الأوضح أن العمل عن بعد لا يضر بالإنتاجية. يشير بحث قوي إلى أن القوة العاملة عن بعد بالكامل قد تكون أقل إنتاجية 10 في المائة من الحضورية بالكامل، إلا أن الخسائر يمكن تعويضها بالتوفير في المساحات المكتبية وتوظيف موظفين حول العالم مقابل أجور محلية منخفضة. لكن يبدو أن العمل الهجين ليس له أي تأثير إيجابي في الأداء، أو أن له تأثير طفيف فقط.
كذلك لا يعد رد الفعل العكسي للعمل من المنزل دراميا كما قد تظن من سماع القصص عن تشديد بلاك روك وسيتي جروب وشركات أخرى كبيرة لأنظمتها للعودة إلى المكتب.
بعد ثلاثة أعوام من بدء الجائحة، لا تزال كثير من المباني المكتبية في مدن الولايات المتحدة الكبرى نصف ممتلئة خلاف ما كانت عليه في 2019. وحتى عندما يعود الموظفون إلى المكتب، لا يبقون هناك لمدة كتلك التي كانوا يقضونها في السابق.
إذا كان ذلك يبدو غريبا، فقد يكون لأننا نسمع قليلا عن شركات مثل أولستيت، شركة التأمين التي لديها 57 ألف موظف وتسمح لنسبة 82 في المائة ممن منهم في الولايات المتحدة بالعمل عن بعد.
أخيرا، هناك المفاجأة الكبرى عن نوع الدول التي ينطلق فيها العمل من المنزل.
توقع الباحثون، مثل الاقتصادي نيكولاس بلوم من جامعة ستانفورد، رؤية نمط الأغنياء والفقراء مثل ذلك في الدول وحدها، حيث تزيد مستويات العمل من المنزل كلما ارتفع الدخل وتنخفض بانخفاضه.
لكن بالنسبة إلى الدول، فإن البيانات تشير إلى أن اللغة لا الدخل تصنع فرقا كبيرا.
يظهر بحث نشره بلوم وآخرون أن المستويات أعلى من المتوسط بوضوح في الدول التي تتحدث اللغة الإنجليزية: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزلندا. في كل من الدول الخمس، كانت مستويات العمل من المنزل أعلى من الدول الأخرى الغنية، لكن لا تتحدث الإنجليزية مثل اليابان وفرنسا وإيطاليا.
"إن هذا مذهل وليس كما توقعنا"، كما أخبرني بلوم الأسبوع الماضي. فما الذي يفسر الفرق؟ "لا نعلم بصراحة".
توجد نظريات كثيرة. قد تجعل منازل الولايات المتحدة الأوسع العمل عن بعد أسهل من الشقق الضيقة في شمال أوروبا وآسيا.
الدول الآسيوية التي تغلبت على كوفيد سريعا كانت الإغلاقات فيها قصيرة، وبالتالي كانت مدة تجربتهم للعمل من المنزل قصيرة.
أرى أن نظرية أخرى مقنعة أكثر: إن الشركات الأمريكية عموما أفضل في قياس أداء الموظفين وتقييمه، فهم أكثر تقبلا لعمل الناس من المنزل.
هذا مهم. في الأغلب ما تتبنى الدول الأخرى المتحدثة باللغة الإنجليزية الممارسات الإدارية في الولايات المتحدة أسرع، ثم تنتشر في الأماكن الأخرى. هذا أحد الأسباب التي تجعل بلوم يعتقد أنه رغم أن مستويات العمل عن بعد قد تنخفض، إلا أنها سترتفع في النهاية، مثل شركة نايكي.
انتشار التكنولوجيا التي تجعل العمل عن بعد أسهل هي عامل آخر، كما هي الحال بالنسبة إلى عدد الشركات الناشئة التي تعمل عن بعد كليا، التي ستصبح هي شركات الغد. كما أن الحكومات التي تعاني انهيارات سكانية بدأت تنتبه لمزايا العمل عن بعد الذي يشيع بوضوح بين الأهالي الذين لديهم أطفال صغار.
قد يغير ركود عالمي هذا، كما يمكن لصدمة أخرى مثل كوفيد أن تفعل. لكن في الوقت الحالي أظن بلوم محقا في قوله "أعتقد أن نايكي مراهنة مضمونة النتيجة".