إشارة سلبية وجني أرباح

تلقت الأسواق أخيرا بعضا من الأخبار الإيجابية، من أهمها نمو الناتج المحلي للولايات المتحدة في الربع الثاني بنسبة 2.4 في المائة متجاوزا التوقعات، التي كانت تشير إلى نموه 1.8 في المائة، ما من شأنه تهدئة الأسواق، وذلك بتحقيق نمو أكبر من المتوقع، وتراجع مخاوف الركود رغم أنها ما زالت تشكل هاجسا لدى المستثمرين. كما رفع صندوق النقد الدولي من توقعاته بشأن الاقتصاد العالمي، وذلك بأن يحقق نموا 3 في المائة خلال العام الجاري 2023 عوضا عن توقعاته السابقة عند 2.8 في المائة، وإن كانت توقعاته قد ارتفعت بشكل طفيف إلا أنه من شأنها أن تمنح بعضا من التفاؤل للأسواق، كما انعكست هذه التوقعات على أسعار النفط، التي شهدت ارتفاعا متجاوزة مستوى 85 دولارا للبرميل "خام برنت"، ما يعكس تحسن الطلب في الأسواق وانتعاش الاقتصاد العالمي.
رغم هذه التحركات الإيجابية للأسواق، سواء على صعيد النفط أو الأسهم مدفوعة بتراجع التضخم، وتوقع قرب نهاية "الفيدرالي" الأمريكي من دورة التشديد النقدي، إلا أن هاجس بقاء التضخم متراجعا يبقى غير مستقر بعد حظر روسيا تصدير الحبوب عبر الموانئ الأوكرانية، ورفضها تجديد اتفاقيات التصدير التي كانت قد أبرمتها مع عدد من الدول، ما قد يشعل فتيل ارتفاع أسعار الغذاء من جديد، ويدفع بمعدلات التضخم إلى الارتفاع من جديد، ويمنح سببا لعودة "الفيدرالي" إلى رفع أسعار الفائدة التي تضر بالأسواق، وتعاكسها بالاتجاه.
من جهة أخرى، تراجعت السوق السعودية هذا الأسبوع بنحو 300 نقطة، بعدما كانت قد سجلت في ختام الأسبوع الماضي قمة عند 11933 نقطة، لكن رغم ارتفاع السوق في الأسبوع الماضي وتحقيقه قمة قريبة من عتبة 12000 نقطة إلا أن تلك التداولات لم تؤكد أو تدعم ذلك الارتفاع، حيث تراجعت السيولة أكثر من 10 في المائة خلال الأسبوع الماضي، بنحو أربعة مليارات ريال، كما انخفضت أحجام التداول 15 في المائة، وكذلك تراجعت الصفقات 13 في المائة. من الناحية الفنية، فأي ارتفاع في الأسعار يقترن به تراجع في السيولة ومعدلات التداول وأحجامها، فذلك يعني إشارة سلبية ومؤشرا على عمليات جني أرباح، وهو بالفعل ما تبع ذلك خلال الأسبوع الجاري، الذي شهد تراجعا إلى مستويات 11600 نقطة.
كانت من أبرز عوامل الضغط على المؤشر العام للسوق نتائج قطاع البتروكيماويات الذي شهد انخفاضا بنسبة كبيرة فاق بعضها متوسط التوقعات، ما يدل على تراجع أرباح الشركة الأم للقطاع "سابك"، لكن نتائج قطاعي المصارف والاتصالات قدما كثيرا من الدعم للسوق، وكانا سببا في تماسكها وحفاظها على مناطق دعمها المهمة حتى الآن، ومن أقربها متوسط 50 يوما عند 11500 نقطة، حيث حققت المصارف السعودية للربع الحالي أعلى نسبة أرباح في تاريخها متجاوزة حاجز 17.27 مليار ريال للمرة الأولى. وأعلنت ستة مصارف فقط من أصل عشرة توزيع أرباح على مساهميها بقيمة تجاوزت الـ14 مليار ريال. كما قدم الدعم للسوق المحلية تحقيق المملكة نموا في ناتجها المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام الجاري 2023 بنسبة 1.1 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2022، واستمرار النمو للاقتصاد يعد أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للشركات، حيث يعني استمرار تدفق السيولة على المشاريع والحركة التجارية، ما يمنح المستثمرين كثيرا من الإيجابية تجاه الأسواق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي