قراءات
تحولات النقد وحركية النص
من مقدمة الكاتب نقرأ، النص الإبداعي ذو حركة نشطة فاعلة، تتجاوز وقت إنتاجه وتطل في حال اشتغال وقت تلقيه، وظلت التجربة الإنسانية، في حال نمو بالنص، في طريقة إبداعه، وتعدد مشتغلاته، وطريقة تلقيه. وحين أقدم اليوم هذه المشتغلات التي تتبع علاقات التفاعل النصي ما بين الإبداع والنقد... فأريد التأكيد على العمق التاريخي لهذه التجربة، وامتداد فعلها الإنساني، فهي ليست وليدة الحركة النقدية الجديدة، وإن كانت هذه الحركة قد أوجدت مسابر كاشفة لها، فمنذ أن بدأ التعمق في تجليه أبعاد النص العربي القديم وتسجيل ذلك في المدونة النقدية العربية، بدأت حركة الحوار بين النقد والإبداع، فما أن يحاول النقاد التأكيد على معايير معينة، تأتي حركية النص بما يزعزع ذلك الثبات ويحاول الخروج عليه. وفي إطار التحولات النصية، التي جاءت عن طريق نمو ذائقة مختلفة، جاءت بسبب من تزاحم السلطات المختلفة على النص.
نحو تحليل أدبي ثقافي
ثمة منطلقات أساسية لهذه الدراسة، أهمية بحث النقد الأدبي لموضوعاته "الأدبية"، أهمية إفادة النقد الأدبي من النقد الثقافي "ما وراء الأدبية". من ثم تدعو الدراسة إلى صياغة تصور أو تصورات لما يمكن أن يفيده النقد الأدبي من النقد الثقافي، بحيث يأتي التحليل تحليلا أدبيا ثقافيا، والنقد نقدا أدبيا ثقافيا. تخطو الدراسة نحو ذلك خطوة، بأن تستخلص أولا -من الدراسات الثقافية أفكارا ومبادئ من شأنها أن تكسر الانغلاق الذي وقعت فيه البنيوية وكل تحليل أدبي تقوقع داخل النص، تكسره ليتسع التحليل للبعدين الأدبي والثقافي. ثم تقدم الدراسة تجربتين نقديتين، لكل منهما أسئلة أدبية ثقافية تتسق والخطاب موضع التجريب، أولاهما في "ديوان الرغام" للشاعر علاء عبد الهادي، والأسئلة التي تطرحها التجربة، ما الثقافة أو الثقافات التي امتصها الديوان؟ وكيف امتصها؟ ما أثر هذه الثقافات في تشكيل عالم الديوان وجمالياته؟
أدب ونقد
يأتي عنوان الكتاب دالا صادقا على نقاطه المحورية وانطلاقاته - رغم تشكلها بألوان ومسميات وعصور متباينة عبر صفحات الكتاب- من حتمية التضايف والتلازم والتكافل والتكامل فيما بين الطرفين، الأدب والنقد من ضرورة إبداع الأول وأدائه رسالته نحو الكلمة وفرسانها ومتلقيها.. وضرورة التزام الثاني بالموضوعية والحياد والتوجيه والإضافة والبناء.. وتظل العلاقة بينهما أبدية، تضفي ما تحمله من ثراء وقيمة وتحاور، رصيدا رائقا يدفع الحركة الأدبية قدما، ويمضي بالمتلقي رفعة وسموا.. يجول بنا المؤلف عبر رحلة رائعة في صنوف وعصور الأدب.. في الأدب المقارن.. وفي الشعر القديم.. وفي الشعر الأندلسي.. وفي الشعر الحديث.. ثم يختتم جولته الرائعة بموسيقى الشعر.. مؤكدا في كل وقفة من وقفات هذه الرحلة قناعاته وتصوره للعلاقة بين الأدب والنقد.