هل ستدفع الأنظمة الصحية وشركات التأمين مقابل "حقن التنحيف"؟
عندما استضاف جيمي كيميل حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام، افتتح الكوميدي فقرته بإخبار الجمهور كم كان مظهرهم رائعا. ثم قال ساخرا، "عندما أنظر حولي في هذه الغرفة، لا يسعني إلا أن أتساءل: هل حقنة أوزيمبيك مناسبة لي؟".
كان كيميل يمازح هوليوود بشأن اعتمادها الجديد على دواء السكري الذي يحفز خسارة الوزن، والذي يقال إنه أصبح من الضروريات في أوساط الأثرياء والمشاهير.
استفادت نوفو نورديسك، الشركة التي تقف وراء دواء سيماجلوتايد - الذي يحمل الاسم التجاري أوزيمبيك لمرض السكري وويجوفي لخسارة الوزن - من زيادة الطلب من قبل المرضى المستوحاة من التحولات التي طرأت على المشاهير. لكن شهرة العقار بأنه "حقنة تنحيف" لم تساعد على إقناع الأنظمة الصحية وشركات التأمين، أو الجهات الدافعة، بتغطية تكاليفه.
هذا الأسبوع، نشرت شركة الأدوية الدنماركية بيانات التجارب الرئيسة التي تعتقد أنها ستحدث فرقا. في تجربة للمرضى الذين يعانون السمنة وأمراض القلب، تبين أن عقار ويجوفي يقلل من مخاطر الأحداث الجدية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية 20 في المائة، ما يثبت أن الدواء يحسن صحة القلب - ولديه القدرة على تقليل تكاليف الرعاية الصحية المرتفعة.
أخبر لارس فرورجارد يورجنسن، الرئيس التنفيذي لشركة نوفو نورديسك، صحيفة فاينانشال تايمز أن "السبب الكامل" وراء قيام الشركة بالتجربة السريرية هو المساعدة على الفوز في الجدل مع الجهات التي تدفع ثمن العقاقير.
قفزت الأسهم في الشركة ومنافستها الرئيسة، مجموعة الأدوية الأمريكية إيلي ليلي، إلى مستويات قياسية، حيث كان المستثمرون يأملون ألا يتمكن الدافعون من رفض تغطية العقارين لفترة أطول. أضاف إيفان سيجرمان، المحلل في بنك الاستثمار الكندي بي إم أوه، عشرات المليارات من الدولارات إلى تقديرات مبيعاته لعقاقير خسارة الوزن ومرض السكري بعد الإعلان. ويتوقع سيجرمان الآن أن تبلغ قيمة السوق بأكملها في يوم من الأيام ما بين 130 و140 مليار دولار.
تعتقد الشركات المصنعة للأدوية أن الأدوية ستساعد على توفير تكاليف الرعاية الصحية المتعلقة بالسمنة، والتي تصل إلى نحو 170 مليار دولار سنويا في الولايات المتحدة، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
لكن شركات التأمين الصحي وجهات الدفع الحكومية تجادل بأنه ليست لديهم طريقة سحرية لتوفير الأموال ودفع ثمن العقاقير التي قد تكون ضرورية لتلبية احتياجات السوق المحتملة لعشرات الملايين من المرضى في الولايات المتحدة وحدها، بسعر قائم يبلغ نحو 1300 دولار في الشهر، لبقية حياتهم.
يقول جيمس جيلفاند، رئيس لجنة إيريسا الصناعية، التي تمثل أصحاب العمل الأمريكيين الكبار الذين يقدمون مزايا صحية، إن الصراع يسيطر على صفحته الرئيسة على موقع لينكد إن.
ويضيف، "إنها منطقة حرب بين المدافعين عن المرضى والأطباء الذين يمجدون فضائل هذه الأدوية، وبين دعاة البرامج الصحية، والإداريين، وخبراء التأمين، وما إلى ذلك، الذين يقولون إن هذه الأدوية مخطط استغلالي هائل لجني الأرباح الفاحشة".
الآثار الصحية
بعد عقود من العقاقير التي إما قدمت فقدانا ضئيلا للوزن وإما آثارا جانبية خطيرة، كان عقار سيماجلوتايد اختراقا لعلاج السمنة.
تم تطوير هذا المركب لأول مرة لعلاج مرض السكري، وجربته شركة نوفو على المرضى الذين يعانون السمنة غير المصابين بالسكري. أظهرت النتائج المنشورة في 2021 أن المشاركين الذين تناولوا الحقنة الأسبوعية فقدوا ما معدله 15 في المائة من وزن أجسامهم، مقارنة بنحو 2 في المائة لمن اكتفوا بالحمية وممارسة الرياضة فقط.
في العام التالي، أظهرت إحدى التجارب أن عقار تيرزيباتيد المشابه الذي ابتكرته شركة إيلي ليلي يمكن أن يساعد المرضى الذين يتناولون الجرعة بحدها الأعلى على فقدان ما معدله 22.5 في المائة من وزن أجسامهم. لم تتم الموافقة على عقار تيرزيباتيد بعد للسمنة، رغم توافر العنصر النشط نفسه الذي يحمل الاسم التجاري مونجارو، لمرض السكري.
ولدى العقاقير آثار جانبية - أكثرها شيوعا الغثيان ومشكلات الجهاز الهضمي - وفي الدراسات التي أجريت على الحيوانات، زاد عقار ويجوفي من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. لكن كثيرا من الأشخاص المحبطين بسبب عدم قدرتهم على فقدان الوزن فقط عبر الحمية وممارسة الرياضة كانوا مستعدين لتحمل هذه المخاطر لمعرفة تأثيرها النهائي في حجمهم وصحتهم.
بينما افترض كثير من الأطباء أن الأدوية ستحسن صحة القلب لأن السمنة عامل خطر رئيس لأمراض القلب، استثمرت شركة نوفو نورديسك في أكبر تجربة لها على الإطلاق - تتبع أكثر من 17 ألف شخص منذ 2018 - للحصول على دليل.
كانت النتيجة الأولية "مذهلة"، كما يقول مارتن لانج، نائب الرئيس التنفيذي للتطوير في شركة نوفو نورديسك. تشير البيانات المستمدة من التجارب إلى أن العقار له تأثير ليس فقط عن طريق مساعدة الناس على إنقاص الوزن، كما يقول، بل عن طريق خفض ضغط الدم، وتغيير توازن الدهون في الدم، وتقليل الالتهاب.
ويرى أن هذا التأثير الكبير في الأشخاص الذين يعانون بالفعل أمراض القلب يشير إلى أن العقار قد يساعد على تقليل المخاطر بالنسبة إلى الأشخاص الذين لم يطوروا المرض بعد.
ستظهر الدراسة الكاملة، التي سيتم إصدارها في مؤتمر أكاديمي ولم تتم مراجعتها بعد من قبل المختصين، أيضا تأثير الدواء في 28 عاملا آخر، بما في ذلك الحالات باهظة الثمن مثل أمراض الكلى.
يعتقد المحللون أن التجربة يمكن أن تساعد على بناء الثقة أن فوائد العقار تفوق مخاطره، وذلك بعد أن بدأ المنظم الأوروبي التحقيق في تقارير المرضى الذين لديهم أفكار انتحارية، وادعاء دعوى قضائية أمريكية أن عقاقير السكري من شركتي نوفو وليلي تسبب "شللا في المعدة". يقول لانج إن تجربة أمراض القلب لم تظهر أي علاقة سببية بالتفكير في الانتحار أو سرطان الغدة الدرقية. وقالت شركتا نوفو وليلي إن سلامة المرضى أولويتهما القصوى.
تأمل شركة نوفو أن يساعدها التسلح بهذه البيانات للتغلب على المنافسة عندما تدخل شركة ليلي سوق السمنة بأدويتها الخاصة، والتي تقع في الفئة نفسها التي تسمى بمنبهات المستقبلات جي إل بي-1.
لكن شركة ليلي تعتقد أن بيانات شركة نوفو ستساعدها على بيع دواء خسارة الوزن، رغم أن نتائج تجربتها المشابهة لن تكون جاهزة حتى 2027. ففي مكالمة أرباح هذا الأسبوع، أعلن مايك ماسون، رئيس قسم السكري في شركة ليلي، أنه "يوم رائع للأشخاص الذين يعانون السمنة".
وأضاف، "إنه معلم مهم في هدف طويل الأجل للوصول إلى الأدوية المضادة للسمنة على نطاق واسع".
مسألة التغطية
رغم الانتشار المفاجئ لعقار ويجوفي في الثقافة الشعبية، فإن أقل من نصف شركات التأمين التجارية الأمريكية تغطي عقار خسارة الوزن. يمنع الكونجرس ميدكير، شركة التأمين المدعومة من الحكومة لكبار السن، من دفع ثمن أي أدوية لعلاج السمنة.
في أوروبا، حيث تعني مشكلات الإمداد أن شركة نوفو نورديسك بدأت ببطء في طرح العقار، تقيد أنظمة الصحة العامة الأشخاص المؤهلين للحصول عليه. على سبيل المثال، سيدفع المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية (نيس) في المملكة المتحدة تكاليفه للمرضى ذوي الأرقام الأعلى في وزن الجسم، والذين لديهم بالفعل حالة مرضية واحدة على الأقل مرتبطة بالوزن، ولمدة عامين فقط، رغم الأدلة التي تشير إلى أنك إذا توقفت عن تناول الدواء، فستستعيد وزنك.
بعد بيانات تجارب أمراض القلب، يعتقد المحللون الماليون أن هذا التردد يجب أن يتغير. يقول سيجيرمان من شركة بي إم أوه إن عدم تغطية الأدوية التي من المحتمل أن تكون منقذة للحياة سيكون أمرا "غير أخلاقي".
ويشرح قائلا، "قبل البيانات، كان ينظر إلى كثير من أدوية خسارة الوزن هذه على أنها مجرد خيلاء فارغة، ولم يكن أحد يعالج السمنة كحالة طبية، وكتمهيد لنتائج صحية سلبية. إذا كنت مصابا بالسرطان، فلن يحرموك من تناول دواء للسرطان. الآن، سنتعامل مع السمنة باعتبارها حالة طبية".
يقول يورجنسن من شركة نوفو نورديسك إنه عبر تغطية أوسع، تأمل الشركة في الوصول إلى مزيد من المرضى الذين يعانون مؤشر كتلة جسم عاليا والأمراض المصاحبة له، رغم أن "بعض الأفراد الأقل حظا لن يكونوا قادرين على الدفع من جيوبهم".
كانت شركة نوفو وشركات أدوية أخرى تضغط على الكونجرس لإصدار قانون يرفع الحظر المفروض على تغطية شركة ميدكير المصممة لمعالجة السمنة. يشعر سيجيرمان بالتفاؤل بأن البيانات الجديدة ستساعد على تمرير القانون، لأنها ستثبت أنها ستوفر أموال شركة ميدكير على المدى الطويل، على دخول المستشفى بسبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
تقول ستايسي دوسيتزينا، أستاذة السياسة الصحية في جامعة فاندربيلت، إنه "من الصعب للغاية" تمرير التشريع عن طريق الكونجرس في الوقت الحالي. لكنها قالت إن حقيقة أن شركة ميدكير تغطي عقار سيماجلوتايد لعلاج مرض السكري تشير إلى أنه بعد البيانات الجديدة، يمكن أن تغطي الدواء للأشخاص الذين يعانون أمراض القلب.
لم تستجب مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية لطلب التعليق.
وفي المملكة المتحدة، يقول يورجنسن إن المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية قد يكون مستعدا لتوسيع نطاق التغطية عندما تظهر التجربة أن الفوائد الصحية تتجاوز عامين.
بعد أن تدرب كخبير اقتصادي في مجال الصحة، يقول إن العقارين يمكن أن يساعدا ليس فقط على توفير تكاليف الرعاية الصحية لكن في إعادة الناس إلى العمل. ويقول، "إذا كان بإمكانك إعادتهم من كونهم مستهلكين لخدمات الرعاية الصحية لاستهلاك أقل من هؤلاء وأن يكونوا نشطين بالفعل في القوى العاملة ودافعين للضرائب، فسيكون هذا النموذج الاقتصادي مفيدا جدا لمعظم المجتمعات الأوروبية النموذجية حيث يتم تمويل الرعاية الصحية عن طريق مدفوعات الضرائب".
"يصعب تبريره"
لكن بالنسبة إلى شركات التأمين والأنظمة الصحية، فبالكاد تغيرت المعضلة.
يقول ديفيد ريند، كبير المسؤولين الطبيين في معهد المراجعة السريرية والاقتصادية، وهي منظمة غير ربحية تقدر الأسعار العادلة للنظام الصحي في الولايات المتحدة، إنه لا يعتقد أن تجربة أمراض القلب قد غيرت أخلاقيات عدم تغطية العقاقير.
وخلص تقييم لفاعلية التكلفة أجراه معهد المراجعة السريرية والاقتصادية إلى أنها تمثل قيمة منخفضة على المدى الطويل مقابل المال - وافترضت بالفعل أن أدوية السمنة لها بعض الفوائد في أمراض القلب.
المشكلة الأكبر العدد الهائل من الأشخاص المؤهلين للحصول على العقار بالأسعار الحالية، قدر معهد المراجعة السريرية والاقتصادية أنه يمكن علاج 0.1 في المائة فقط في غضون خمسة أعوام دون حدوث "اضطرابات كبيرة في الميزانية" لشركات التأمين.
يوضح ريند، "تتمثل الخيارات في نقل الأموال بعيدا عن جوانب الرعاية الصحية الأخرى، أو زيادة الأقساط، أو الضرائب إذا كنت الحكومة، أو إمكانية قيام المصنعين بخفض السعر إلى سعر مناسب والاستمرار في جني مبالغ هائلة من المال لأن أعدادا هائلة من المرضى يريدون العقار".
ستتردد شركات تصنيع الأدوية في تقديم تخفيضات كبيرة على مثل هذا العقار الشائع، لكن غموض نظام تسعير الأدوية في الولايات المتحدة يعني أنه يمكنهم عقد صفقات لتقديم حسومات أكبر إذا زادت الكميات.
يقول جيلفاند، الذي يمثل أصحاب العمل الأمريكيين الكبار الذين يقدمون فوائد صحية، إن السعر لا يزال "غير مبرر"، خاصة أن المرضى يجب أن يأخذوا الدواء لمدى الحياة. إنه يتوقع من أصحاب العمل الالتزام بتغطية مجموعات مرضى ضيقة للغاية، هذا إذا التزموا على الإطلاق.
بخلاف ذلك، كما يقول، يمكن أن ترتفع الأقساط التأمينية في الولايات المتحدة بـ15 إلى 20 في المائة، ما يزيد من احتمالية توقف الأشخاص الأصحاء عن شراء التأمين، وجعل تغطية السكان المتبقين أكثر خطورة.
لم يكن من المحتمل أبدا أن تغير تجربة أمراض قلب واحدة موقف دافعي ثمن الأدوية بين عشية وضحاها، حتى لو حدث ذلك، فلن يكون لدى شركة نوفو نورديسك ما يكفي من الدواء لإمداد العالم.
لكنها قد تكون الأولى في سلسلة من إصدارات البيانات التي تثبت كيف تمنع أدوية خسارة الوزن العواقب الوخيمة للسمنة - في النهاية لا تعيد تشكيل المرضى فحسب، بل صناعة الرعاية الصحية والاقتصاد الأوسع.
تقول إميلي فيلد، المحللة في بنك باركليز، إن فوائد الأدوية "بدأت تفهم للتو"، وفي النهاية، سيعتاد الأطباء على علاج السمنة قبل ظهور مشكلات صحية أخرى.
وتضيف، "هذا مثل الهاتف الذكي، سيغير المجتمع بطريقة كبيرة. هذه التجربة تأكيد كبير على أنها ليست تجميلية فقط".