مسؤولية الشركات في عصر الذكاء الاصطناعي «2 من 2»
لو تصرفت أسرة ساكلر، مالكة شركة Purdue Pharma، بمسؤولية بمجرد أن أدركت الخطر الذي يفرضه أوكسيكودون "دواء من إنتاجها"، واتخذت الخطوات اللازمة لمنع الإفراط في وصفه طبيا، لكان من الممكن تجنب أزمة المواد الأفيونية التي اجتاحت الولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة.
بحلول الوقت الذي تدخلت فيه الحكومة، كان عدد لا يحصى من الأرواح قد فقد، وتخربت مجتمعات كاملة، ولن تعوض عن هذه الخسائر أي دعوى قضائية أو غرامة.
عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، تستطيع الشركات، بل يتعين عليها أن تكون أفضل أداء، لكنها يجب أن تتحرك بسرعة، قبل أن تترسخ الأدوات التي يحركها الذكاء الاصطناعي في الأنشطة اليومية إلى الحد الذي تصبح معه أخطارها طبيعية، ويتعذر احتواء كل ما تطلق له العنان من احتمالات.
في شركة نايكي، كان مزيج من الضغط الخارجي والالتزام الداخلي بفعل الصواب هو الذي أدى إلى إصلاح جوهري لنموذج أعمالها.
من الواضح أن صناعة الذكاء الاصطناعي الوليدة تستشعر ضغوطا خارجية: في الـ21 من يوليو، حصل البيت الأبيض على التزامات طوعية من سبع شركات تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي لتطوير منتجات آمنة وجديرة بالثقة، بما يتماشى مع مخطط ميثاق حقوق الذكاء الاصطناعي المقدم العام الماضي، لكن المبادئ التوجيهية الطوعية الغامضة تترك حيزا كبيرا للمناورة.
الآن يتوقف مستقبلنا الجماعي على ما إذا كانت الشركات -داخل غرف مجالس إداراتها وفي اجتماعاتها التنفيذية، وجلساتها الاستراتيجية المغلقة، حيث تتمتع بالخصوصية الكاملة- لتقرر فعل الصواب.
تحتاج الشركات إلى معلم ثابت واضح تهتدي به وترجع إليه دائما في أثناء سعيها وراء الإبداع. أدركت شركة جوجل هذه الحقيقة على النحو الصحيح في أيامها المبكرة، عندما كانت عقيدة الشركة "لا تكن شريرا"، لا يجوز لأي شركة أن تلحق الضرر بالناس عمدا في سعيها وراء الربح.
لن يكون كافيا أن تقول الشركات ببساطة: إنها استعانت بمنظمين سابقين وتقترح حلولا ممكنة، بل يتعين على الشركات أن تعكف على ابتكار خطط عمل حاسمة وجديرة بالثقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، تجيب عن خمسة أسئلة رئيسة:
* ما العواقب غير المتوقعة التي قد تترتب على الذكاء الاصطناعي؟
* كيف نخفف من حدة كل خطر معروف؟
* ما التدابير التي تستطيع الهيئات التنظيمية استخدامها لمراقبة الجهود التي تبذلها الشركات للتخفيف من الأخطار المحتملة ومحاسبة هذه الشركات؟
* ما الموارد التي تحتاج إليها الهيئات التنظيمية لتنفيذ هذه المهمة؟
* كيف نعرف ما إذا كانت حواجز الحماية تقوم بعملها حقا؟
يجب أن يكون التعامل مع تحدي الذكاء الاصطناعي مماثلا للتعامل مع أي انطلاقة سريعة أخرى للشركات.
من المعقول والواقعي أن تكون الشركات مطالبة بالالتزام بخطة عمل مدتها 90 يوما، ولا مكان للأعذار.
يجب أن يؤدي عدم الالتزام بالمواعيد النهائية إلى غرامات مؤلمة. ليس من الضروري أن تكون الخطة مثالية ـ وستحتاج في الأرجح إلى التعديل والتكييف مع استمرارنا في التعلم، لكن الالتزام بها ضرورة أساسية.
يجب أن تلتزم شركات التكنولوجيا الكبرى بحماية البشر بقدر التزامها بتعظيم أرباحها. أما إذا كان خط النهاية الوحيد هو الأرباح، فسوف ننزلق جميعا إلى ورطة قاسية.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.