بحوث علمية تكشف أسرار «المستطيلات» في العلا وشمال غرب الجزيرة العربية
أوضحت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أن عمليات التنقيب الأخيرة في مواقع الهياكل الحجرية المعروفة باسم "المستطيلات" كشفت عن ممارسات معقدة ومتطورة لطقوس مجهولة، كان يمارسها سكان العصر الحجري الحديث الذين كانوا يستوطنون شمال غرب الجزيرة العربية أواخر الألفية السادسة قبل الميلاد.
وتفتح النتائج آفاقا جديدة لفهم أوسع للطقوس الاجتماعية والثقافية والدينية للحضارات القديمة التي رجح الباحثون أن من المحتمل أن تكون هذه المنطقة مقرا لإقامة الطقوس المختلفة، حيث كان يتوجه الأفراد معا إلى "المستطيلات" التي كانت تمثل واحدا من أقدم الطقوس الدينية المعروفة آنذاك.
وكشفت الدراسات أن المنطقة احتوت على عديد من القرابين الحيوانية من الأنواع الداجنة، ما يؤكد الطبيعة البدوية الرعوية للمجتمع، الذي بنى أفراده "المستطيلات" بوصفها شكلا من أشكال الترابط الاجتماعي، فضلا عن وضع علامة تحدد أرضهم.
وتعد "المستطيلات" هياكل مستطيلة الشكل واسعة النطاق مفتوحة ذات جدران حجرية منخفضة، ورصد الباحثون من خلال المسح الجوي، وجود أكثر من 1600 مستطيل في شمال شبه الجزيرة العربية.
ورغم أن وظيفة الهياكل كانت غير معروفة في البداية، إلا أن عمليات التنقيب التي بدأت منذ عام 2018 أكدت أهميتها الروحية والاجتماعية لمستوطني تلك الحقبة. وخضعت نتائج آخر الدراسات المتعلقة بـ "المستطيلات" لمراجعات علمية، منها دراسة في مختبر الآثار الشرقية وجامعة ليون 2 الفرنسية في كتاب "الكشف عن المشاهد الطبيعية الثقافية في شمال غربي شبه الجزيرة العربية"، أجراها الدكتور وائل أبوعزيزة، وحرره فريق من الخبراء بقيادة الدكتورة ريبيكا فوت، مديرة البحوث الأثرية والتراث الثقافي في الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
وكشفت دراسة الدكتور أبوعزيزة عام 2018 عن "غرفة القرن" في أحد "المستطيلات" شمال شرقي العلا، حيث يعود تاريخها إلى 5300 – 5000 قبل الميلاد، الذي يعد أصغر من متوسط مساحة "المستطيلات"، وكشفت الغرفة عن معلومات استثنائية بحسب وصف علماء الآثار، حيث منحتهم فهما أكبر للطقوس الجماعية المتبعة في المنطقة والحيوانات المدجنة فيها.
وركزت دراسة أخرى في جامعة سيدني الأسترالية، للدكتورة ميليسا كينيدي، نشرت في مجلة "بلوس وان" في مارس الماضي، على "مستطيل" موجود ضمن وديان الصخور الرملية شرق العلا، وأظهرت أعمال التنقيب غرفة مماثلة لدراسة الدكتور أبو عزيزة وتعود إلى نحو 5200 – 5000 قبل الميلاد.
ويأتي إعلان كشوف الدراسات في وقت تستعد فيه الهيئة الملكية لمحافظة العلا، لتنظيم "قمة العلا العالمية للآثار" خلال الفترة بين 13 و15 سبتمبر الجاري، وتجمع بين أبرز رواد علم الآثار والتراث الثقافي، وتعد القمة حدثا دوليا يهدف إلى مناقشة وتعزيز الحفاظ على التراث الثقافي والآثار العالمية.