رجاء .. لا لمزيد من الأشياء التكنولوجية

رجاء .. لا لمزيد من الأشياء التكنولوجية

في لحظة من اللحظات تحدق في السماء بإعجاب، وفي التالية تكون غاضبا من الأشياء التافهة التي لا يمكنك التحكم فيها. هذا ما حدث معي عندما أعلنت شركة أبل عند إطلاق منتجها أن جهاز آيفون 15 الجديد سيستخدم شاحن يو إس بي-سي بدلا من كابل لايتنينج الخاص بها.
بالتأكيد، في حركة معتادة من شركة أبل، روجت لهذا التحويل على أنه هدية قدمتها مجموعة التكنولوجيا لقاعدة معجبيها، بدلا مما هو عليه في الواقع: امتثالها لمرسوم من الاتحاد الأوروبي قاومته الشركة بشدة.
في العام الماضي، أعلن البرلمان الأوروبي أنه بحلول خريف 2024، سيصبح منفذ يو إس بي-سي "فتحة الشحن المشتركة لجميع الهواتف المحمولة، والأجهزة اللوحية والكاميرات". في المرة المقبلة التي تكون فيها في أحد متاجر أبل، بدلا من دفع ثمن جهاز آيباد الخاص بك، لماذا لا تعيد النظر إلى الصفقة على أنها قرارك بتوريث بعض المال للشركة كهدية، وشاهد كيف سيجذب ذلك "العباقرة" الذين يريدون إحداث فرق.
كان رد فعلي عند سماع الخبر المتعلق بالشاحن هو الغضب من تلاعب شركة أبل، لكن أيضا من حدوث مزيد من هذه الأشياء. فمثل كثيرين، لدي بالفعل صندوق مليء بالقطع التكنولوجية الصغيرة والعشوائية منتهية الصلاحية: كابلات، وشواحن وبعض الأدوات العشوائية التي قد تكون مفيدة يوما ما. وفي إعادة تنظيم أخيرة لمكتب "فاينانشيال تايمز"، اكتشفت مزيدا من معدات التكنولوجيا منتهية الصلاحية.
كان الأمر المنطقي أن آخذ القطع إلى شركات إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية. لكن ما منعني من ذلك تغريدة "في الشهر الماضي فعلت ما لا يمكن تصوره وأخيرا تخلصت من صندوق الكابلات غير المحبوبة الذي حملته معي خلال بلوغي. وأدركت اليوم أنني بحاجة إلى أحدها وليس لدي أي فكرة عن كيفية العثور على بديل. اعتبروا هذا تحذيرا لكم جميعا". لذلك قد أنتظر لفترة أطول قليلا، وأخفيها بعيدا. سأتخلص منها عندما أنتقل مرة أخرى، أو أتقاعد، أو أموت. ربما.
لا يعني هذا أنني لا أحب التكنولوجيا. أحب ما يمكنها القيام به. أنا فقط أكره الاضطرار إلى التفكير فيها. هناك بالفعل ما يكفي لمواكبته - العمل، والأسرة، والأصدقاء، وتحديثات مجموعة العشرين، وبرادلي وأليكس في برنامج ذا مورنينج شو. ذات مرة، بعد تعطل جهاز حاسوب محمول، قمت باصطحاب صديق إلى أحد المتاجر لمساعدتي على شراء جهاز جديد، لأنه بدا أنه يعرف ما كان يتحدث عنه، ولم أتمكن من الخوض في مختلف تقييمات العملاء والمواصفات لأقرر بنفسي.
إن الضجر من الأدوات مفيد للبيئة. إذ تحاول عائلتي باستمرار إقناعي بمزايا سماعات أيربود من "أبل" باهظة الثمن مقارنة بسماعات الأذن السلكية الخاصة بي. ويمكنني الرد على ذلك بأن سماعاتي أكثر صداقة للبيئة "لا توجد فيها بطارية ليثيوم أو حاجة لاستخدام الكهرباء لشحنها". في الحقيقة، تعلقي بها لأنها تبقى في أذني أثناء ممارسة الرياضة ولا يمكنني مواجهة الحديث عن البدائل.
وعلى عكس محبي شركة أبل الذين يشاهدون إطلاق المنتج مثل طفل يصطف لرؤية الحلوى، فإنا أقع بين "الأغلبية المتأخرة" و"المتخلفين" كما هو موضح في انتشار نظرية الابتكار منذ أكثر من 50 عاما - وبالتأكيد لست مبتكرة، أو متبنية مبكرة. ورغم ذلك، حتى التخلف عن الركب اليوم قد يبدو عملا شاقا. حيث وصف مقال من صحيفة "نيويورك تايمز" مجموعة من أطفال مدرسة بروكلين يطلقون على أنفسهم اسم "لوديت كلوب"، الذين يتجنبون الهواتف الذكية. قال أحدهم "عندما حصلت على هاتفي القابل للطي، بدأت في استخدام عقلي. لقد جعلني أهتم بنفسي كشخص. إنني أحاول تأليف كتاب أيضا. وصلت إلى نحو 12 صفحة الآن".
أعلم أن الألم قصير الأجل الناجم عن تخلي شركة أبل عن شاحنها السريع سيكون مفيدا في نهاية المطاف. ففي النهاية، سيقلل من النفايات الإلكترونية. وكما تقول "ماتيريال فوكس"، وهي منظمة غير ربحية تعمل على إعادة تدوير البضائع الكهربائية، فإن "النفايات الإلكترونية هي أسرع تيار نفايات نموا في المملكة المتحدة، حيث يتم التخلص من 155 ألف طن من الأجهزة الكهربائية المهملة كل عام، ويوجد 527 مليون قطعة مخزنة في المنازل".
كما سيؤدي إلى تبسيط البحث عن طريق استعارة الشاحن المناسب في المكاتب وفي المؤتمرات. وعلى هذا النحو، فإن الإجراء الذي اتخذته الهيئة التنظيمية في الاتحاد الأوروبي يستحق الثناء. ربما يمكنهم الذهاب إلى أبعد من ذلك وإفراغ أدراجنا من الأشياء الإلكترونية عديمة الفائدة. مهما تكن.

الأكثر قراءة