رسالة السعودية .. التقدم والتغيير

لخص الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء المشهد المحلي والعربي والإقليمي والعالمي، بكل صراحة وشفافية ورؤية استراتيجية، كما أنه شدد على منطلقات تدعم المسار للوصول إلى الغايات.
فولي العهد في حواره المهم مع شبكة "فوكس" التلفزيونية الأمريكية، لم يضع النقاط على الحروف فحسب، بل قدم أوضح صورة للمستقبل، فيما يختص بالقضايا التي تمثل ركيزة النشاطات المحلية والعالمية عموما، وحدد معالم الطريق باتجاه ما يختص بالشأن المحلي، وما يرتبط بالعلاقات الدولية على مختلف الأصعدة. وكل هذا استند إلى صراحة باتت مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، خصوصا عندما تكون هناك فترة حرجة، ولا سيما على الصعيد الدولي، وفترة عمل وإنتاج وابتكار في الميدان المحلي. فرؤية المملكة 2030 هي بحد ذاتها استراتيجية لصناعة المستقبل الذي تليق مخرجاته بدولة مثل السعودية، التي لديها حجم مميز وبارز على المستويات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والاستراتيجية.
ومن هنا، يمكن النظر إلى المملكة كأكبر قصة نجاح في القرن الحالي، وهي قصة متواصلة بتراكم المنجزات، وتضمن العوائد التي تستحقها الدولة في كل الميادين.
ولأنها كذلك، فولي العهد الأمير محمد بن سلمان حريص على أن هذه المسيرة لن تتوقف، ولن تهدأ وتيرة العمل من أجل ضمان تقدم بلده، ما يعني أن ما انطلق قبل أعوام، سيتواصل بآفاق مفتوحة، ومرونة ضرورية، وأدوات تنفيذية موجودة، وكوادر محلية قادرة على تنفيذ الاستراتيجية الكبرى، من أجل الوطن والمواطن الذي يؤمن بالتغيير، ويتحرك على هذا الأساس، خصوصا أنه يسهم هو في صناعة المستقبل المنشود الذي يليق ببلده ويرضي ذاته. بمعنى آخر، وتيرة التقدم المدفوعة من الشعب ضمنت استدامتها.
كل القطاعات مفتوحة لتكون عملا مستداما من التحرك الاستراتيجي المحلي، بما في ذلك السياحة والرياضة والثقافة والترفيه، وغير ذلك من قطاعات كانت قبل "رؤية المملكة" متواضعة الأداء والإسهام في الناتج المحلي الإجمالي. فرغم أن هذه القطاعات انطلقت بوتيرتها الاستراتيجية هذه منذ فترة قصيرة، فقد بدأت تسهم حقا في هذا الناتج. فبحسب ولي العهد، إذا كانت الرياضة عموما ستضيف 1 في المائة فقط للناتج المحلي الإجمالي، فهذا يعد إنجازا، وليس مهما ما يطلقون من توصيفات على هذا التوجه، فحتى إسهام السياحة في هذا الناتج ارتفعت خلال الأعوام القليلة الماضية من 3 إلى 7 في المائة، وهذا معدل كبير وسريع قياسا بفترته الزمنية. كل هذا لم يكن ليتحقق، لولا العمل المتواصل والقوي على صعيد تطوير قطاعات الرياضة والترفيه والثقافة وغيرها.
ولذلك، ومع عوامل أخرى كثيرة، سيكون نمو السعودية غير النفطي الأسرع بين مجموعة العشرين. وهذا النمو يأخذ شكله المستدام، بما يدعم المسار لتحقيق مستهدفات "رؤية المملكة" بحلول العام المحدد لها.
السياسة السعودية الخارجية المتطورة، أضافت توجهات جديدة إليها، لكنها في الوقت نفسه التزمت بثوابت دون أي تأثير من أي جهة، فالقضية الفلسطينية كانت مسألة مفصلية بالنسبة إلى السعودية وستبقى دائما من الأمور الثابتة، ولذلك فإن أي تطوير لعلاقة الرياض بإسرائيل، خصوصا في مجال التطبيع بين الطرفين، لا بد أن تأخذ في الحسبان أولا مستقبل الحل السلمي للمسألة الفلسطينية. الأمر واضح والمطالب واضحة. السلام بحد ذاته هدف سعودي منذ الأزل، ولا بد أن يقوم على أسس عادلة ومنصفة.
كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حريصا على تناول موضوع النفط، لأسباب معروفة للجميع، فالسعودية ملتزمة باستقرار أسواق البترول منذ عقود، لكن ليس بمعزل عن عوامل العرض والطلب، فهي في النهاية أسواق، ولا بد أن تحكمها هذه المعادلة التي ينبغي ألا يجادل أحد فيها. وعلى هذا الأساس، أتى تأكيده على حقيقة أن خفض الإنتاج من جانب المملكة، ليس مرتبطا بدوافع سياسية مطلقا، بل يلتصق مباشرة بحركة السوق النفطية ومسارها، خصوصا أن الرياض كانت وستبقى الجهة المنتجة للبترول الأكثر حرصا على استقرار السوق العالمية، بما في ذلك الإبقاء دائما على تسعير النفط بالدولار، مع العدالة في الأسعار. وهذا يعزز مرة أخرى علاقة الشراكة بين المملكة والولايات المتحدة، حيث تعدها الرياض نقطة التقاء على أعلى المستويات من الأهمية. وأي علاقات عالمية أخرى، مثل تلك التي تجمع حاليا السعودية والصين، لن تقوض شراكة الرياض مع واشنطن أبدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي