هل حقا يؤثر العمل عن بعد في الكفاءة الاقتصادية؟
يعد إيلون ماسك أن العمل من المنزل أمر خاطئ أخلاقيا. وبدأت شركة جوجل بتضمين الحضور المكتبي في مراجعات أداء موظفيها.
آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، الذي بدا في السابق مرتاحا بشأن العمل عن بعد، أخبر الموظفين الشهر الماضي أنه "من المحتمل ألا يستمروا" في شركة أمازون ما لم يأتوا "ثلاثة أيام على الأقل في الأسبوع".
إن رد الفعل المضاد للشركات تجاه العمل من المنزل ينزل بردا وسلاما على قلوب كثير من المتقاعدين الذين أمضوا 40 عاما في المكاتب، لكن ينبغي لنا أن نتعامل مع العمل عن بعد باعتباره أكثر من مجرد قضية مؤسسية. إنها فرصة نادرة لإيجاد مجتمع أفضل.
يميل الرؤساء الذين يعارضون العمل من المنزل للمجادلة من ناحية الكفاءة الاقتصادية. ومع ذلك، فمن غير الواضح لماذا ينبغي علينا تحسين المجتمعات لتحقيق ناتج محلي إجمالي. يتمتع الأمريكيون بمتوسط دخل أعلى من جميع الأوروبيين تقريبا، لكنهم أيضا يبعثون كميات أكبر بكثير من ثاني أكسيد الكربون للفرد، وليست لديهم إجازات مدفوعة الأجر مضمونة ويعيشون أقل من الإسبان بسبعة أعوام.
على أي حال، فإن الحجة المؤيدة لكفاءة العمل المكتبي مشكوك فيها. بالتأكيد، العاملون في المكاتب أكثر إنتاجية من الأقلية الصغيرة من العمال الذين يعملون عن بعد بالكامل، لكن هناك مقايضة: فالمجموعة الأخيرة أرخص في التوظيف، ومن الأسهل الاحتفاظ بها.
في الحقيقة أن، التكلفة المنخفضة للقوى العاملة عن بعد بالكامل تساعد على تشجيع الشركات الناشئة، كما يقول نيكولاس بلوم من جامعة ستانفورد. ويضيف أن أصحاب العمل الهجين – الأشخاص الذين يأتون إلى المكتب أحيانا – يبدو أنهم منتجون بقدر العاملين في المكاتب.
لا شك أنه يجب القيام ببعض الوظائف في الموقع. وينبغي أن نحددها. لكن بشكل عام، كما يشير تقرير صادر عن بنك جولدمان ساكس، "تختلف الدراسات الاقتصادية حول التأثيرات الإنتاجية للعمل عن بعد".
يبدو هذا أساسا ضعيفا للتخلص من الطريقة الأكثر سعادة لتنظيم العمل. يعيش بعض الناس ليعملوا، بينما يعمل معظمهم ليعيشوا. لكن لا أحد يعيش ليتنقل. وينبغي لصناع السياسات الغاضبين من أن وسائل النقل العام لم تعد ممتلئة في ساعة الذروة أن يفكروا في أن عددا قليلا من الركاب يريدون الوجود هناك في كل ساعة ذروة.
ثم هناك العمال المحتملون الذين يكون تنقلهم اليومي أقرب إلى المستحيل. وينطبق هذا على كثير من الأشخاص ذوي الإعاقة، نحو واحد من كل ستة أشخاص، ممن يطالبون بالعمل عن بعد منذ عقود. وبلغ معدل توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في الولايات المتحدة رقما قياسيا عند 21 في المائة العام الماضي.
كما يفيد العمل عن بعد الأشخاص الذين يحافظون على عمل مجتمعاتنا المسنة: وهم مقدمو الرعاية غير المأجورين للأقارب المسنين أو ذوي الإعاقة. ويندرج أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص بالغين أمريكيين (الإناث بشكل غير متناسب) ضمن هذه الفئة. لن يأخذ كثيرون سوى الوظائف التي يمكنهم القيام بها من طاولة مطبخ أمهاتهم. لكن رؤساء المكاتب يميلون إلى تجاهل هذه المشكلة، ربما لأن قليلا من الرؤساء كانوا من مقدمي الرعاية (أو ذوي الإعاقة).
على أي حال، ينبغي أن يزيد العمل من المنزل الإنتاجية. لقد ظهر هذا الأمر في أسوأ لحظة ممكنة: بشكل غير مخطط له، خلال عمليات الإغلاق، وعندما كان لدى كثير من العمال أطفال في المنزل. وإذا استعرنا تعبيرا مجازيا من الكاتب الهولندي يوريس لوينديك، في اليوم الذي قام فيه الأخوان رايت برحلتهما الجوية الأولى في 1903، لم يكونا بعد قد صمما صناعة طيران. فالحلول تظهر مع مرور الوقت.
بعد مرور ثلاثة أعوام فقط على تجربة العمل من المنزل الجماعية، لا تزال أوجه القصور قائمة. مثلا، لا يزال العمال عن بعد يضيعون ساعات طويلة في التعامل مع مديريهم. يذكر بلوم أن أصحاب العمل الهجين في الولايات المتحدة الحاصلين على درجات علمية يقضون نصف يومهم في الاجتماعات، أي ضعف الوقت الذي يقضيه موظفو المكاتب، ربما لإرضاء رؤسائهم الذين يشعرون بالقلق من أنهم يتكاسلون. لا عجب أن العاملين من المنزل يكافحون من أجل التوقف عن العمل ويعانون الإرهاق. لكن موظفي المكاتب يشعرون بذلك أيضا.
إن العمل من المنزل، مع تحسنه، سيمنح الموظفين مزيدا من الاستقلالية. لقد عشنا أكثر من قرن من الزمان في ظل مذهب تايلور: "الإدارة العلمية" للعمال من قبل رؤساء العمل. أحدث نسخة لها هي "مذهب تايلور الرقمي"، وهي تكنولوجيا تراقب العمال في الوقت الفعلي.
يمكن أن يساعد العمل عن بعد على جعل الأشخاص هم من يقررون كيف يسير يومهم. يعرف الموظفون المؤقتون كيف يبدو ذلك. حيث إن الجانب الإيجابي الوحيد في حياتهم العملية هو عدم وجود رؤساء يراقبونهم عن كثب. وعلى نحو مشابه، تمنح كثير من المدارس الأطفال مزيدا من الاستقلالية في التعلم، بدلا من تدريبهم على حياة الطاعة في المكتب.
سيكون الانتقال إلى العمل عن بعد صعبا. حيث ستصبح كثير من مباني المكاتب مهجورة، لكن المغزى من الحياة ليس دعم سوق العقارات التجارية. لو قمنا به بشكل صحيح، فإن العمل عن بعد بشكل جيد سيسمح لنا بتحويل المكاتب إلى منازل. ويمكن أن يتم توظيف العمال ذوي المهارات العالية الموجودين في المناطق الفقيرة.
سيستمر الموظفون في تقدير أهمية العمل عن بعد، حتى بعد أن تنقلب سوق العمل ضدهم. وينطبق هذا بشكل خاص على جيل ما بعد 2020 من العاملين عن بعد الذين لم يعرفوا أي شيء آخر على الإطلاق. إذا واجهت الحكومات رؤساء العمل وأصدرت قوانين لتشجيع العمل عن بعد، فسيشكرها العمال في صناديق الاقتراع.