دول نامية في قبضة مشكلات الديون .. 3 عربية
أدى ارتفاع أسعار الفائدة وتنامي رغبة المستثمرين في تجنب المخاطرة والزيادة الكبيرة في الاقتراض في الأعوام القليلة الماضية، في دفع عدد من الدول النامية لأزمات ديون كبيرة.
وستكون مساعدة تلك الدول على الخروج من أزمات الديون مسألة أساسية على جدول أعمال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي التي تعقد في مراكش بالمغرب الأسبوع المقبل بحسب "أ ف ب"، فيما يلي نظرة على البلدان التي تواجه صعوبات حاليا.
مصر
لدى أكبر اقتصاد في شمال إفريقيا ديون 100 مليار دولار، معظمها مقوم بالدولار، والتي يتعين عليها سدادها على مدى الأعوام الخمسة المقبلة. وتنفق الحكومة أكثر من 40 في المائة من إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون فقط. وتصل الاحتياجات التمويلية في 2024 إلى 24 مليار دولار.
ولدى القاهرة برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وخفضت قيمة الجنيه 50 في المائة منذ فبراير 2022. لكن خطة للخصخصة بقيمة ملياري دولار لا تزال تسير ببطء، وحادت الحكومة الشهر الماضي عن خطة الصندوق بقولها إنها ستبقي أسعار الكهرباء المدعومة دون تغيير حتى يناير.
ويقول محللون إن الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر تقلل فرص تطبيق أي إصلاحات مؤلمة كما أن تقديم دول الخليج الغنية للدعم أمر أساسي في ضمان الوفاء بالاحتياجات التمويلية لمصر.
تونس
تواجه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، والتي مرت بالكثير من الصعاب منذ ثورة 2011، أزمة اقتصادية شاملة، وأغلب ديونها داخلية لكن موعد استحقاق سندات دولية بقيمة 500 مليون دولار يحل هذا الشهر. وقالت وكالات تصنيف ائتماني إن تونس ربما تتخلف عن السداد.
وانتقد الرئيس قيس سعيد الشروط المطلوبة للحصول على 1.9 مليار دولار من صندوق النقد ووصفها بأنها إملاءات لن يخضع لها، كما رفض 127 مليونا من الاتحاد الأوروبي وقال المبلغ قليل جدا.
وساهم الموسم السياحي في تضييق عجز المعاملات الجارية، وتعهدت السعودية بتقديم قرض ميسر بـ 400 مليون دولار ومنحة بـ 100 مليون دولار، لكن المواطنين لا يزالون يعانون نقص مواد غذائية وأدوية مستوردة.
لبنان
تخلف لبنان عن سداد ديونه منذ 2020 ولا يوجد سوى القليل من الدلائل على أن مشكلاته في سبيلها للحل قريبا، ورحب صندوق النقد الشهر الماضي بتغييرات طبقها مصرف لبنان المركزي شملت الإلغاء التدريجي للعمل بمنصة صرف مثيرة للجدل والحد من التمويل النقدي للحكومة.
لكن الصندوق قال إن المزيد من الإصلاحات الأعمق مطلوب في ظل النظرة المستقبلية "الصعبة وغير المستقرة" للبلاد، وحذر الصندوق من أن استمرار الوضع الراهن قد يدفع الدين العام ليصل إلى 457 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي بحلول 2027.
إثيوبيا
سددت الجائحة ضربات قوية لاقتصاد إثيوبيا وزادت من وطأة حرب أهلية استمرت عامين منذ نوفمبر 2020 مع خسارة البلاد إمكانية الإعفاء من الرسوم الجمركية في أمريكا بسبب اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وطلبت إثيوبيا إعادة هيكلة للديون أوائل 2021، بموجب إطار العمل المشترك لمجموعة العشرين الذي تأسس في الجائحة لتسريع العمليات، وفي أغسطس سمحت الصين بتعليق جزئي لمدفوعات الديون، وعدلت موديز نظرتها المستقبلية لإثيوبيا من سلبية إلى مستقرة بناء على توقعات بتحقيق تقدم سريع بموجب تلك الآلية.
غانا
تخلفت غانا عن سداد معظم ديونها الخارجية في نهاية 2022، وهي الدولة الرابعة التي تسعى إلى إعادة العمل بموجب الإطار المشترك في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها في جيل.
وكان تقدمها سريعا نسبيا فيما يتعلق بإعادة هيكلة الديون الداخلية و30 مليار دولار من الديون الخارجية وتمكنت من الحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد بقيمة ثلاثة مليارات دولار في مايو.
وقال وزير المالية إنه يتوقع أيضا التوصل إلى اتفاق مع حاملي السندات بحلول نهاية العام، ورغم ذلك نزل محتجون لشوارع أكرا مؤخرا اعتراضا على ارتفاع تكلفة المعيشة والبطالة والصعوبات الاقتصادية.
كينيا
يقول البنك الدولي إن الدين العام للدولة الواقعة في شرق إفريقيا يبلغ 67.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعرضها لأزمة ديون محتدمة، ورشدت حكومة الرئيس وليام روتو الإنفاق واقترحت مجموعة من الزيادات الضريبية، الأمر الذي هدأ بعض المخاوف بشأن تخلف وشيك عن السداد.
لكن ارتفاع أسعار النفط أذكى التضخم وفقدت العملة أكثر من 16 في المائة مقابل الدولار هذا العام مما أثار الشكوك حول القدرة على المضي قدما في تنفيذ الإصلاحات، وعلى كينيا سداد ملياري دولار من السندات الدولية العام المقبل وتجري محادثات مع بنك التنمية الإفريقي والبنك الدولي لدعم الموازنة.
باكستان
تحتاج باكستان إلى 22 مليار دولار لخدمة الدين الخارجي ودفع الفواتير الأخرى لـ 2024، وتتولى حكومة تسيير أعمال المسؤولية حتى الانتخابات التي ستجرى في يناير، وقد وصلت معدلات التضخم والفائدة إلى مستويات تاريخية، كما تبذل البلاد جهودا مضنية لإعادة الإعمار بعد فيضانات مدمرة شهدتها العام الماضي.
وتوصلت في يونيو إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع صندوق النقد يتعلق بخطة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وتلا ذلك تعهد السعودية والإمارات بضخ نقدي بملياري دولار ومليار دولار على التوالي.
ويقول مراقبون إن الاحتياطات وصلت بنهاية سبتمبر إلى ما يكفي حتى إجراء الانتخابات، لكن هناك شكوكا حول المدة التي ستتمكن فيها باكستان من تفادي التخلف عن السداد من دون الحصول على الكثير من الدعم.
سريلانكا
تخلفت سريلانكا عن سداد ديون دولية في مايو 2022 بعد أن تسببت الجائحة في استنزاف اقتصادها المعتمد على السياحة وحرمته من تدفقات نقدية أساسية لسداد وارادت البلاد من الأغذية والوقود والأدوية.
وأعلنت خطة لإصلاح الديون نهاية يونيو، وتواصل إحراز تقدم منذ ذلك الحين لكن ليس في كل بنود الخطة، واستمرت خلافات الأحزاب بشأن القدر الذي يجب أن تتحمله البنوك المحلية والمستثمرون في كيانات حكومية، وقد تتأخر الدفعة المقبلة من حزمة إنقاذ بـ 2.9 مليار دولار من صندوق النقد بسبب تراجع الإيرادات.
أوكرانيا
جمدت أوكرانيا مدفوعات الديون في أعقاب الحرب العام الماضي، وقالت إنها من المرجح أن تقرر في أوائل 2024، ما إذا كانت ستسعى لتمديد الاتفاق المتعلق بالمدفوعات أو تبدأ النظر في بدائل أخرى أكثر تعقيدا.
وتقدر المؤسسات الكبرى أن تكلفة إعادة البناء بعد الحرب ستبلغ تريليون يورو على الأقل، ويقدر صندوق النقد أن أوكرانيا تحتاج إلى ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار شهريا لمواصلة تسيير شؤونها.
وأخيرا أظهر الاقتصاد مؤشرات على التعافي مع تباطؤ التضخم وتحسن ثقة الشركات، لكن التحولات السياسية خارج أوكرانيا، بما في ذلك أمريكا ألقت بظلال من الشك على مدى استمرارية الدعم الدولي.
زامبيا
كانت زامبيا أول دولة إفريقية تتخلف عن السداد خلال الجائحة، والتأخير الذي منيت به خطط إعادة الهيكلة على مدى أعوام جعلها مثالا للمشكلات التي تشوب إطار العمل المشترك.
وبدا أن خطة إصلاح أصبحت وشيكة أخيرا بعد أن توصلت زامبيا في يونيو إلى اتفاق لإعادة هيكلة ديون بـ 6.3 مليار دولار مع الدول الدائنة في "نادي باريس" ومع الصين التي حصلت منها أيضا على قروض ضخمة. ومن المتوقع أن تضع زامبيا اللمسات النهائية على مذكرة ديون بنهاية العام.