أكتوبر وذاكرة المستثمرين
شهد سبتمبر الماضي أسوأ أداء للأسواق العالمية والمحلية منذ بداية العام الجاري خلال شهر واحد فقط، فقد تراجعت معظم الأسواق العالمية بما لا يقل عن 5 في المائة، بينما تراجعت السوق المحلية بما يزيد على 6 في المائة. وعلى الرغم من تراجع الأسواق من أعلى قمم حققتها خلال العام إلا أنها لا تزال تتداول على ارتفاع مقارنة بما كانت عليه مطلع العام الجاري. كان اجتماع "الفيدرالي" الأخير من أبرز الأسباب التي أسهمت في تعميق تراجعات الأسواق، حيث كان المستثمرون يتوقعون توقف "الفيدرالي" نهائيا عن رفع الفائدة مستقبلا، بينما كانت التصريحات الرسمية لـ "الفيدرالي" بأنه ربما يحتاج إلى رفع إضافي لأسعار الفائدة قبل نهاية العام الجاري، ولم تكن هذه خيبة الأمل الوحيدة التي شعر بها المستثمرون تجاه هذه التصريحات، بل رجح "الفيدرالي" أن يكون هناك خفض بمقدار نصف نقطة أساس في العام المقبل، بينما كان المستثمرون يتوقعون خفضا بمقدار نقطة كاملة، بمعنى آخر أربع عمليات خفض في العام المقبل. هذه التصريحات أثرت في المستثمرين بشكل كبير، وأسهمت في تراجع شهية المخاطرة في الأسواق واتجاهها إلى الدولار، الذي يعده المستثمرون ملاذا آمنا للتحوط وقت الأزمات، ما عزز من ارتفاع مؤشر الدولار وتجاوزه مستويات 107، وهو أعلى مستوى له خلال عشرة أشهر منذ نوفمبر العام الماضي.
ارتفاع الدولار كذلك ضغط على أسعار المعدن النفيس "الذهب"، وتسبب في تراجعه إلى أدنى مستوى له خلال ستة أشهر، حيث تراجع مقتربا من مستويات 1800 دولار للأوقية منخفضا بنسبة 13 في المائة من أعلى سعر سجلته خلال تلك الفترة، عندما وصلت أسعار الأوقية إلى 2080 دولارا أوائل مايو الماضي، ومع تجاوز مؤشر الدولار مستويات 107 ارتفع العائد على السندات لأجل عشرة أعوام إلى أعلى مستوى له منذ 2007 عند 4.6 في المائة.
كذلك تسبب ارتفاع مؤشر الدولار -الذي عادة يضغط على أسعار النفط- في انخفاض أسعار خام برنت من 96 دولارا للبرميل إلى ما دون الـ90 دولارا.
من المتوقع أن يحافظ مؤشر الدولار على مستوياته الصاعدة بدعم من التصريحات التي صدرت من "الفيدرالي" أخيرا، التي أكد فيها استمرار سياسته للتشديد النقدي، وأن ارتفاع الفائدة سيبقى لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق، خاصة أنه ذكر أن تباطؤ التضخم لن يكون سببا كافيا لخفض التضخم. لذلك طالما بقي مؤشر الدولار أعلى مناطق الدعم 105.5 نقطة، فأي عمليات جني أرباح على الدولار ستمنحه بعض الراحة، بينما سيمنح ذلك بقية الأسواق فرصة لبعض الارتدادات "المؤقتة".
من جهة أخرى، لا تزال السوق السعودية متأثرة بما يحدث في الأسواق العالمية من تراجعات ومسببات، ومن المستبعد أن تخالفها خلال "الفترة الحالية"، رغم المحفزات التي وردت في الميزانية العامة من توقعات بتراجع التضخم، واستمرار النمو وزيادة الإنفاق الحكومي، إلا أن هذه المحفزات ستعزز من مراكز المستثمرين على المدى الطويل الذين يستغلون التراجعات لمصلحتهم، حيث تعني لهم الأرقام الإيجابية المعلنة الشيء الكثير على المدى الطويل.
من جانب آخر، دائما ما يتخوف المستثمرون من شهر أكتوبر، حيث يحمل لهم ذكريات سيئة على صعيد الأسواق العالمية، ويبدو -حسب المعطيات السابقة- أن أكتوبر هذا العام لن يحمل معه محفزات قد تغير من مجرى توجهات السوق على المدى القريب، على الأقل.