الجمعة, 30 مايو 2025 | 2 ذو الحِجّةِ 1446


إنهاء الموسم المزعج الدائم في بريطانيا «2 من 2»

يمثل هذا الوضع تحولا واضحا في بريطانيا، وعن الانتخابات عن تسعينيات القرن الـ20 والعقد الأول من القرن الحالي، ما يشير إلى أن زيادة الضرائب والإنفاق لا تفرض الخطر السياسي ذاته الذي كانت تفرضه ذات يوم على أي حكومة ممسكة بمقاليد السلطة.
مع ذلك، سيجد أي زعيم من المحافظين، مهما بلغ من مهارة، صعوبة كبيرة في الإبحار عبر المشهد السياسي الحالي، نظرا إلى القرارات التي اتخذها الحزب في الحكم منذ 2010، والمشاحنات الداخلية التي لا تنتهي والتي ألهمتها هذه القرارات. علاوة على ذلك، بعد 13 عاما في البرية السياسية، يركز حزب العمال بشكل مباشر على إثبات كونه أكثر كفاءة في التعامل مع الموارد المالية العامة وتحقيق نمو أقوى.
في وقت سابق من هذا العام، أصدر كير ستارمر زعيم حزب العمال، وراشيل ريفز وزيرة خزانة الظـل، بيان مهمة تعهدا فيه بتحقيق أسرع نمو في مجموعة السبع. "نأمل أنهما يقصدان نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وليس الناتج المحلي الإجمالي المطلق، لأن هذا هو ما يهم الأسر وهو أقوى ارتباطا بأداء الإنتاجية". وهما يعتزمان أيضا تعزيز صلاحيات مكتب مسؤولية الميزانية، الذي يعمل بشكل منتظم على تقدير تكاليف البرامج الحكومية والسياسات الضريبية اللازمة لدعمها. هذه النقطة مهمة لأن مكتب مسؤولية الميزانية جرى تهميشه بقرار سيئ السمعة أصدرته رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، التي كادت فترة ولايتها شديدة القصر في المنصب تؤدي إلى انهيار الاقتصاد بالكامل.
علاوة على ذلك، قبل بضعة أسابيع ذهب حزب العمال إلى مسافة أبعد في الوعود عندما تعهد، في حال انتخابه، بعدم تنفيذ أي قرارات كبرى بشأن الضرائب أو الإنفاق دون أن يصدر مكتب مسؤولية الميزانية تحليلا مستقلا للعواقب التي قد تخلفها أي سياسة "ربما على النمو والميزانية العمومية للقطاع العام".
ردا على ذلك، اقترح جورج أوزبورن، الذي أنشأ مكتب مسؤولية الميزانية أثناء عمله وزيرا للخزانة في الحكومة الائتلافية بقيادة المحافظين في 2010، أن إدارة سوناك يجب أن تتبنى هذا الاقتراح على الفور. فهو كوسيلة لتعزيز "مصداقية" المملكة المتحدة المالية، يقدم كثيرا من الأسباب التي تجعله مندوبا. لكن ما لم يسفر هذا عن سياسات ضريبية وسياسات إنفاق أكثر واقعية وطموحا، فإن تأثيره سيكون محدودا.
كما توضح البيانات، فإن المملكة المتحدة تعاني ضعفا مزمنا في الاستثمار في القطاعين العام والخاص، مقارنة بنظيراتها من الدول. وما لم يتغير هذا، فسيظل تحقيق النمو السريع في نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي حلما بعيد المنال.
ينبغي لأي حكومة ذكية أن تكف عن ممارسة اللعبة السياسية المتمثلة في التركيز بشكل مفرط على مستويات تعسفية قصيرة الأمد لنسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأن تلاحق بدلا من ذلك أجندة تعمل على رفع هذه النسبة لغرض واضح يتلخص في تعزيز الإنفاق الاستثماري والإنتاجية. وكلاهما ضروري لدعم النمو طويل الأجل وتقليل حجم الديون طويلة الأجل. وإذا قرر التحليل المستقل الصادر عن مكتب مسؤولية الميزانية أن مثل هذا الإنفاق يتطلب زيادة الضرائب، فليكن. الواقع أن هذا سيكون الاختبار النهائي لجدية الحكومة.

خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي