ارتدادات طبيعية للأسواق

تراجعت الأسهم السعودية، خلال الأسبوع الماضي، إلى أدنى مستوى لها منذ ما يزيد على ستة أشهر، حيث وصل المؤشر العام للسوق إلى مستوى 10466 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ أواخر شهر مارس الماضي، كما اقترن هذا الهبوط بارتفاع معدل التداول بنسبة 8 في المائة، مع تراجع السوق بنحو 180 نقطة مقارنة بالأسبوع الذي قبله. هذا التراجع، مع ارتفاع معدل التداول، يعدان إشارة سلبية واستمرارا لموجة التصحيح التي دخلت فيها السوق منذ نهاية شهر يوليو الماضي. وعلى الرغم مما شهدته السوق من ارتداد من المستوى الأدنى إلى أكثر من 10700، بارتفاع بنحو 400 نقطة، إلا أن ذلك لا يزال يعد حركة تصحيح طبيعية داخل مسار هابط، مع وجود مستهدفات أعلى عند 10850 نقطة. لكن طالما السوق تتداول أسفل من خط الاتجاه الهابط، وأدنى من منطقة 11200 نقطة، فما يحدث من ارتفاعات لا يعدو عن كونه بمنزلة حركة تصحيحية داخل موجة هابطة عامة، في حين أن العودة لأدنى نقطة حققتها السوق خلال الأسبوع الماضي قد يرجح كسرها لأسفل مستقبلا، وهو ما قد يكون نتيجة لارتفاع معدلات السيولة خلال الأسبوع نفسه.
تشهد السوق هذه الفترة موسم إعلانات الشركات نتائج أعمالها عن الربع الثالث من العام الجاري 2023، وتعد هذه النتائج اختبارا لقدرة الشركات على الصمود، وتحقيق نتائج إيجابية بعد وصول أسعار الفائدة إلى 5.5 في المائة، واستمرارها عند هذا المستوى منذ بداية الربع الثالث.
من الأسباب التي دعمت السوق خلال الأسبوع الحالي، ارتداد النفط بأكثر من 6 في المائة، حيث صعد خام برنت من 86 إلى 91 دولارا للبرميل، مع تصاعد العمليات العسكرية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما عزز المخاوف من استمرار الأزمة، وربما توسعها مستقبلا. كما عززت تصريحات منظمة "أوبك" من توقعاتها باستمرار نمو الطلب على النفط خلال العام الجاري والعام المقبل من تقديم بعض الدعم للأسعار، حيث تخشى الأسواق تأثر المعروض مستقبلا بالنقص.
من جهة أخرى، جاءت بيانات التضخم لأكبر اقتصاد في العالم مستقرة لشهر سبتمبر دون تغيير مقارنة بشهر أغسطس الذي سبقه، وذلك عند 3.7 في المائة، ورغم أن ذلك كان أسوأ من التوقعات التي كانت تنتظر تراجعه إلى 3.6 في المائة، إلا أن الاستقرار منح دفعة للأسواق بالارتداد، حيث إن الاستقرار على الأقل يدعم ابتعاد "الفيدرالي" عن رفع الفائدة مستقبلا، حيث يعد الرفع مجددا الشبح الذي تخشاه الأسواق.
وارتدت المؤشرات الأمريكية بنسبة تجاوزت 1.5 في المائة، فقد ارتد مؤشر داو جونز بنسبة 1.76 في المائة، بينما ارتفع مؤشر إس آند بي 500، أكثر من 1.5 في المائة.
من جانب آخر، أثارت تصريحات صندوق النقد الدولي تجاه الاقتصاد الصيني بعض المخاوف على المدى المتوسط، حيث حذر صندوق النقد الدولي في تقرير منشور له يوم الجمعة الماضي، من أن أزمة القطاع العقاري داخل الصين لا تزال تضغط على النمو الاقتصادي، وقد تمتد لبقية منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع وجود علامات على تباطؤ النمو والاستثمار خلال الربع الثالث.
هذا التصريح من الصندوق يعني أن المخاوف الاقتصادية لا تزال مستمرة، وربما يفسر أن ارتفاعات الأسواق الحالية تشير إلى أنها مجرد ارتدادات تصحيحية داخل مسار هابط حتى يثبت العكس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي