هذا هو الغرب أو «المجتمع الدولي»

في بدايات الحرب الروسية - الأوكرانية ظهر إعلامي أوروبي وهو في حالة من التأثر والأسى، متألما بسبب كون اللاجئين من ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرق، فالعادة أن المهجرين المكرهين على اللجوء تجنبا للقتل والدمار هم من أصول مختلفة ومن العرب تحديدا، وقتها استغرب البعض هذه العنصرية البغيضة وكأنها حالة شاذة وفردية! لكن الأحداث توضح وتؤكد أن هذه العنصرية متجذرة وهي أشبه بالعقيدة لدى الغرب، وأيضا لدى من أصبح منهم حتى لو كانت له بشرة بلون مختلف وأصول أخرى، بل قد يكون هذا الأخير أسوأ منهم طلبا وتوسلا للقبول في أحضانهم. لم تؤيد الولايات المتحدة ودول أوروبا ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها إسرائيل فقط، بل شجعتها ودعمتها علانية بالمال والذخيرة وحشد حاملات الطائرات وإرسال قوات إلى المنطقة القريبة منها، إضافة إلى الدعم الدبلوماسي بالاتصالات والتصريحات والزيارات إلى تل أبيب، والتشجيع الصريح على الإبادة الجماعية لسكان غزة بالقصف للمدنيين وقطع المياه والكهرباء عنهم، وتدمير المستشفيات أتى كعادة الغرب المنافق تحت ستار حق الدفاع عن النفس.
من المؤكد أن الشعوب الغربية ليست جميعا كذلك وشاهدنا مظاهرات ضخمة ضد الوحشية الإسرائيلية، لكن الحقيقة أن من في يدهم الحل والربط وأصحاب القرار والنخب من سياسيين وإعلاميين وفنانين ورجال أعمال ورؤساء مصارف، وغيرهم من قمة طبقات المجتمع الغربي، هم كذلك، حتى من يوصفون بالعلماء وأساتذة جامعات ومثقفين لا يتوانون عن التصريح بكراهيتهم للعرب ودعمهم للوحشية الإسرائيلية تجاه المدنيين، وتعبيرا عن ذلك صرح كاتب فرنسي تعليقا على قصف غزة قائلا: حياة الإسرائيلي أهم من حياة العربي الفلسطيني في غزة. أما القلة القليلة من المشاهير أو النخب الغربية التي تبدي تعاطفا أو تتخذ موقفا متوازنا من الأحداث المأساوية، فمصيرها الطرد والإبعاد، فيهدد رياضيون ويطرد مذيعون وإعلاميون آخرهم رسام كاريكاتير في صحيفة "الجارديان" أقيل لأنه انتقد "النتن ياهو". توصف المجتمعات الغربية بأنها غير متدينة لكن الواقع وعند الأحداث الكبرى تبرز عقيدة الكراهية والوحشية المغلفة بغلاف ديني مثلما قال السيناتور الأمريكي ليندسي جراهام: "نحن في حالة حرب دينية وأنا مع إسرائيل"، وطالب بتسوية الأرض على السكان المدنيين في غزة.
ما يحدث في فلسطين المحتلة وفي غزة تحديدا هو الجزء الثالث من عمليات التهجير الممنهجة التي بدأتها الولايات المتحدة بالتضامن مع إيران في العراق ثم في سورية بضوء أخضر لميليشيات إيران وروسيا، والهدف واضح لكل من لديه بصيرة، لقد استخدمت داعش كما تستخدم حماس، والتمدد الإيراني تحقق، ويليه التمدد الإسرائيلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي