نقص البنية التحتية للموانئ يهدد طفرة الرياح البحرية في اسكتلندا

نقص البنية التحتية للموانئ يهدد طفرة الرياح البحرية في اسكتلندا

في ميناء أرديرزييه شمال شرق اسكتلندا، يقوم مالك جديد بتحويل ساحة البناء المهجورة التي تبلغ مساحتها 450 فدانا، حيث تم بناء منصات النفط والغاز في السابق، لتصبح لاعبا مهما في طاقة الرياح في المستقبل.
استثمرت شركة كوانتوم إنيرجي بارتنرز للأسهم الخاصة، ومقرها تكساس، في الموقع بعد أن اكتشفت فيه فرصة مربحة محتملة لتلبية الطلب على نقل طوربينات الرياح التي ستعمل على انتقال بريطانيا إلى الصفر الصافي في الانبعاثات الكربونية.
ويراهن المستثمرون مثل شركة كوانتوم على ندرة البنية التحتية المناسبة للموانئ عبر المملكة المتحدة، الأمر الذي يؤدي إلى إبطاء جهود البلاد لتوجيه الاقتصاد نحو مصادر طاقة أكثر مراعاة للبيئة.
وقال لويس جيليز، الرئيس التنفيذي لشركة هافينتوس التي أنشأتها شركة كوانتوم لتطوير الميناء: "لقد توصلنا بسرعة إلى استنتاج مفاده أن النقص الحاد الحقيقي في نشر طاقة الرياح البحرية في أوروبا يتعلق بمساحة الموانئ".
وتخطط المملكة المتحدة لتشغيل مزيد من طاقة الرياح البحرية وتوصيلها بشبكة الكهرباء كجزء من هدفها للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050 - أي بعد خمسة أعوام من الموعد المستهدف الذي حددته اسكتلندا لـ2045.
لكن النجاح سيعتمد على زيادة بريطانيا لطاقة الرياح البحرية لديها بنحو أربعة أضعاف تقريبا لتصل إلى 50 جيجاواط بحلول 2030، وفقا للتوقعات الرسمية.
وفي اسكتلندا، يهدف برنامج سكوت ويند، وهو الجولة الأولى من تأجير طاقة الرياح البحرية لمدة عقد، الذي من خلاله تم منح عقود لشركات من بينها شل وسكوتش باور وإس إس إي، إلى توفير نحو 28 جيجاواط من طاقة الرياح البحرية المولدة وحدها.
وقال جيليز إنه مع السعة الحالية للميناء، فسيستغرق الأمر 50 عاما على الأقل لتحقيق إنتاج الـ45 جيجاواط المرخصة فعلا للمياه الاسكتلندية.
لكن الخبراء يحذرون من أن المملكة المتحدة متخلفة عن الدول الأخرى في بناء البنية التحتية اللازمة، ويرجع ذلك جزئيا إلى شكوك أصحاب الموانئ، الذين يخاطرون بخسائر مالية إذا لم تتمكن من جذب المطورين.
إن هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار في المناطق التي تحتاج إلى تصنيع الأجزاء الحيوية وتجميعها وتخزينها قبل إرسالها إلى البحر.
وقال أصحاب الموانئ، الذين يحتاجون إلى اتخاذ قرارات طويلة الأجل وتأمين التمويل، إن عدم الوضوح بشأن أهداف الحكومة بعد 2030 يخاطر بتثبيط المستثمرين - فقد تستغرق المشاريع أكثر من عقد من تطوير الفكرة حتى اكتمالها.
وقد أعلنت شركة كوانتوم في أبريل، أنها ستستثمر حصة قيمتها 300 مليون جنيه استرليني في الموقع الصناعي.
لكن وفقا للمحللين، فمن غير المرجح أن تتمكن المملكة المتحدة من سد هذه "الفجوة الاستثمارية" في الوقت المناسب ما لم تحظ شركات الموانئ بقدر أكبر من اليقين بشأن إيراداتها المستقبلية المتوقعة.
وقال رالف تور، رئيس قسم الرياح البحرية العائمة في أوه آر أي كاتابولت، وهو مركز أبحاث تدعمه الحكومة، إن هناك "أهدافا طموحة للاستفادة من طاقة الرياح البحرية، لكن ليست لدينا إرشادات سياسية محددة بعد 2030". وأضاف: "السرعة في التنفيذ هي جوهر المسألة".
وتم تسليط الضوء على المخاطر التي يتعرض لها القطاع الشهر الماضي عندما لم يقدم مطورو طاقة الرياح البحرية عطاءات للحصول على أي عقود دعم حكومية في جولة المزاد الأخيرة لمشاريع الطاقة المتجددة. وقالوا إن السعر منخفض للغاية بحيث لا يعوض التكاليف الآخذة في الارتفاع.
مشكلة البنية التحتية للموانئ حادة بشكل خاص بالنسبة إلى صناعة الرياح البحرية العائمة الناشئة، التي تتطلب طوربينات أكبر وبنية تحتية أكبر من تلك المثبتة في قاع البحر.
وقال ريتشارد بالانتاين، الرئيس التنفيذي لجمعية الموانئ البريطانية: هناك "بالتأكيد أموال في صناعة الموانئ للاستثمار فيها. لكننا بحاجة إلى ضمانات بأن هذه المرافق ستستغل. ستحتاج إلى 15 عاما من استغلال مرفق ما، على الأقل".
وأشار تيم بيك، الذي كان آنذاك بطل الحكومة في مجال الرياح البحرية، في أبريل الماضي إلى "رغبة في المخاطرة أكثر تركيزا على الربحية في المدى القصير" بين الموانئ المخصخصة في المملكة المتحدة، مقارنة بالموانئ المنافسة المملوكة للقطاع العام في دول أوروبية أخرى، بوصفها عائقا أمام الاستثمار.
وقال إن هناك "رغبة واضحة" بين شركات الموانئ لدعم الرياح البحرية، ولكن هناك "ما يبدو وكأنه فشل في السوق"، حيث تعاني شركات الموانئ في جمع الأموال للبنية التحتية ذات الصلة وسط حالة من عدم اليقين بشأن الإيرادات.
وتقدر مجموعة رنيوابل يو كيه التجارية أن هناك حاجة إلى نحو أربعة مليارات جنيه استرليني لتحديث 11 ميناء رئيسا، لتكون جاهزة لمزارع الرياح البحرية العائمة بحلول 2030، مثل تاين وبريستول.
وقامت شركة أسوشييتد بريتيش بورتس، التي تمتلك 21 ميناء منتشرة حول بريطانيا، بوضع خطط لاستثمار 500 مليون جنيه استرليني في مدينة بورت تالبوت لخدمة محطات الرياح البحرية العائمة المحتملة في البحر الأيرلندي.
لكن هنريك بيدرسن، الرئيس التنفيذي لشركة أيه بي بي، دعا إلى "مزيد من الرؤية واليقين في السوق" بشأن هذه الفرصة، حيث لا تزال المواقع قيد التقييم من قبل الحكومة من أجل التطوير. وحذر من أن المملكة المتحدة تخاطر "بالخسارة أمام الدول الأخرى التي تتحرك الآن بسرعة حقيقية".
وأشار بوب سانجوينيتي الرئيس التنفيذي لميناء أبردين، إلى أن الانتهاء من المرفأ الجنوبي للميناء الذي افتتح رسميا الشهر الماضي بعد استثمار قيمته 420 مليون جنيه استرليني، استغرق 11 عاما بعد اتخاذ قرار الاستثمار.
وجرى توسيع سعة الميناء بمقدار الخمس، ويمكنه الآن خدمة السفن "الأعمق والأكبر بكثير"، بما في ذلك بعض أكبر السفن. وقال سانجوينيتي إن "العرض الكبير" سيكون الرياح البحرية حيث من المقرر بناء ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف طوربين رياح على طول الساحل الاسكتلندي.
وأضاف: "هل أعتقد أننا في المملكة المتحدة وشمال شرق اسكتلندا لدينا القدرة الكافية للقيام بكل هذا العمل؟ الجواب في الوقت الحالي هو لا. فالأمر يعتمد على وضوح الحكومة في سياستها وجداولها الزمنية...والموعد الذي تم تحديده لتلك الأهداف".
وأوضحت وزارة أمن الطاقة البريطانية أن الحكومة تستثمر 160 مليون جنيه استرليني لدعم البنية التحتية للموانئ. وقالت الحكومة الاسكتلندية إنها "تتعاون حاليا مع الموانئ في جميع أنحاء اسكتلندا لضمان توفير الدعم المناسب والحوافز المالية".
في قرية أرديرزييه، بدأ العمل على جدار رصيف جديد لرسو السفن، وكذلك التجريف لتعميق الميناء وتوسيعه لاستيعاب السفن التي تحمل المعدات التي يحتاج إليها مطورو طاقة الرياح البحرية الذين سيتمركزون هناك.
وقال جيليز: "إذا تمكنا من جذب الشركات المصنعة لبناء منشآتهم في هذا الموقع، فسيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى إيجاد آلاف من الوظائف".

سمات

الأكثر قراءة