آثار رفع الفائدة مستقبلا

انعكس ارتفاع أسعار الفائدة على عموم الأسواق بشكل سلبي، حيث تربطهما معا علاقة عكسية وقوية في الوقت نفسه، فمنذ أن بدأ "الفيدرالي" الأمريكي بسلسلة رفع الفائدة من مستوياتها الصفرية في مارس من العام الماضي 2022 حتى وصولها إلى النطاق بين 5.25 و5.50 في المائة، بعد رفعه لها 11 مرة، والأسواق العالمية حتى المحلية دخلت في تراجعات حادة، تسببت في فقدها زخمها الإيجابي، وكسر اتجاهاتها الصاعدة، واستمرت في موجات هابطة حتى الآن، مع تباين حدتها بنسب متفاوتة، مع مرورها بموجات ارتدادات طبيعية بين حين وآخر.
هذا الأسبوع يجتمع "الفيدرالي" من جديد لمراجعة سياسته النقدية، وتشير معظم التوقعات بنسبة 97 في المائة، إلى إبقاء أسعار الفائدة عند مستواها الحالي دون تغيير، لكن تخشى الأسواق من رفع "الفيدرالي" لها مستقبلا في اجتماعه الأخير قبل نهاية العام الجاري، فضلا أن استمرار الفائدة عند مستواها الحالي يعد مرتفعا بشكل كبير، وهو أعلى مستوى لها منذ 22 عاما، ولها تأثيرات سلبية على الاقتصادات والأسواق، لما تشكله من ضغط على أرباح الشركات، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وبالتالي ضعف النشاط الاقتصادي. لكن "الفيدرالي" له نظرة أخرى، فرغم تراجع معدلات التضخم في الولايات المتحدة وشبه استقرارها عند 3.7 في المائة في الفترة الحالية، ورغم تراجع أسعار المستهلكين إلى 4.1 في المائة على أساس سنوي، وهو أدنى مستوى لها خلال عامين، إلا أن "الفيدرالي" يرى أن التضخم ما زال بعيدا عن هدفه الذي يرغب أن يصل إلى مستوى 2 في المائة. ورغم ضغوط ارتفاع معدلات الفائدة إلا أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة نما خلال الربع الثالث من العام الجاري، وبشكل كبير فاق التوقعات، حيث نما بنسبة 4.9 في المائة مرتفعا عن قراءة الربع الثاني بأكثر من الضعف التي جاءت عند 2.1 في المائة. هذا النمو قد يحفز "الفيدرالي" على رفع الفائدة مستقبلا أو إجباره على أقل تقدير بالاستمرار في المحافظة عليها عند مستوياتها الحالية لفترة أطول مما يتوقع. ومن المعلوم أن التأثيرات السلبية للفائدة المرتفعة تأخذ وقتا أطول حتى تظهر بشكل جلي، التي من المحتمل أن تظهر بشكل أوضح مع بداية الربع الأول من العام المقبل.
لذلك فما تمر به الأسواق العالمية من ارتدادات سيبقى في دائرة الموجة الهابطة حتى يثبت العكس، فلا تزال الأسواق تخشى تبعات آثار الفائدة المرتفعة وانعكاسها على الشركات التي قد تظهر مستقبلا، كما ذكرنا.
من جانب آخر، تراجعت السوق السعودية في الأسبوع الماضي، وأغلقت على انخفاض بنحو 250 نقطة، وفي الوقت ذاته تراجعت معدلات السيولة بنسبة 12 في المائة، ما يعد إشارة إيجابية لارتداد قادم، وبالفعل ارتدت السوق مطلع الأسبوع الجاري بأكثر من 200 نقطة، بمشاركة كل القطاعات القيادية، وكونت منطقة دعم عند 10500، وستكون مستهدفاتها منطقة 10800، تليها منطقة 11 ألفا، وفي حال استمرار الارتداد فقد يكون آخر المستهدفات عند 11200 نقطة تزيد أو تنقص ما لم تظهر إشارات مؤكدة على انتهاء الموجة الهابطة.
من جهة أخرى، وبما يتعلق بنتائج الشركات للربع الثالث، جاءت نتائج قطاع البنوك والاتصالات داعمة للارتداد، فيما ستعلن شركة سابك نتائجها مع افتتاح السوق، اليوم الخميس، وتشير معظم التوقعات إلى تحقيقها خسارة قدرها 237 مليون ريال مقارنة بأرباح قدرها 1.84 مليار ريال خلال الربع المماثل من العام الماضي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي