شكوك مؤكدة تحيط بسوق السندات الأمريكية «2 من 2»
سيختلف سعر الفائدة الطبيعي باختلاف نمو الاقتصاد المحتمل، لأن النمو المرتفع من شأنه أن يجعل الاستثمار الإضافي جذابا، إضافة إلى هذا، فستنشأ الحاجة إلى سعر فائدة حقيقي أعلى لتحفيز الادخار المقابل، ويشير الحماس بشأن الذكاء الاصطناعي إلى إمكانية تحقيق نمو أسرع.
لكن التجربة تشير إلى الحاجة إلى فترة ممتدة من التكيف وإعادة التنظيم قبل أن تتمكن التكنولوجيات الجديدة ذات الأغراض العامة من تحقيق نمو أسرع. ويترتب على هذا أن أي تأثير في الإنتاجية لن يتحقق إلا بمرور الوقت.
من المؤكد أن الاستثمار في التصنيع في الولايات المتحدة ارتفع منذ إقرار قانون خفض التضخم وقانون الرقائق الإلكترونية والعلوم. لكن من منظور عموم الاقتصاد، يكون التغير الناجم عن ذلك في نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي ضئيلا، لأن حصة قطاع التصنيع صغيرة. الواقع أن الاستثمار الثابت غير السكني نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي انخفض عن متوسطه في الأعوام الخمسة التي سبقت جائحة كوفيد - 19 مباشرة.
ليس من المستغرب أن تظهر تقديرات بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك لشهر يونيو 2023 أن سعر الفائدة الطبيعي لم يتزحزح إلا بالكاد على مدى العامين السابقين. بجمع هذا مع البيانات الأخيرة عن التضخم، فإنه يشير إلى أن سوق السندات بلغت ذروة البيع.
قد يؤثر متغيران آخران أيضا في آفاق سوق السندات، الأول هو عدم اليقين الجيوسياسي، الذي تصاعد مع الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط. تاريخيا، كانت حالة عدم اليقين هذه تحابي سندات الخزانة، التي تعد ملاذا آمنا للمستثمرين الذين يقدرون السيولة فوق كل شيء آخر في أوقات عدم اليقين. لكن في حقيقة الأمر، سجلت العائدات ارتفاعا طفيفا، ولم تنخفض، منذ هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر. مع ذلك، إذا ظلت حالة عدم اليقين الجيوسياسي مرتفعة أو حتى ازدادت ارتفاعا، ينبغي لنا أن نتوقع رؤية تدفقات الملاذ الآمن هذه تؤكد نفسها من جديد.
المجهول الآخر المعروف هو المعروض من الديون. مع اضطرار الحكومة الفيدرالية إلى إدارة عجز مزمن، لا بد أن ترتفع العائدات حتى يتمكن المستثمرون من استيعاب الإصدارات الإضافية من الخزانة. من دون شك، سيزداد الإنفاق على الدفاع الآن. وستشتد مقاومة الجمهوريين لزيادة الضرائب في عهد رئيس مجلس النواب الجمهوري الجديد، في حين سيقاوم الديمقراطيون خفض أوجه الإنفاق الأخرى. وفي نهاية المطاف، قد ينطبق قانون شتاين ــ "إذا لم يكن من الممكن أن يستمر شيء ما إلى الأبد، فسيتوقف" ــ في هذا السياق، لكن فقط بعد أن ترتفع العائدات إلى مستويات أعلى مما يتصوره المستثمرون حاليا.
من الواضح أن قدرا كبيرا من عدم اليقين يكتنف سوق السندات. وفي ظل هذه الظروف، تنطبق قاعدة واحدة فقط: لا ينبغي لأحد أن يستقي النصيحة الاستثمارية من أستاذ جامعي.
خاص بـ "الاقتصادية" بروجيكت سنديكيت، 2023.