الموظفون الجدد في الاقتصاد المؤقت

التطور التقني الهائل أدى إلى تشكل اقتصاد العمل المؤقت Gig economy وانبثق منه العمال المؤقتون Gig Workers، يمتاز العاملون في هذه السوق بالاستقلالية عن النماذج القديمة التي تعتمد على الوظيفية الدائمة إلى الوظائف المؤقتة والعقود القصيرة ومن أهم ملامح اقتصاد العمل المؤقت استقلالية الموظفين الجدد - إن صح التعبير ـ عن الكيانات التي يقدمون لها خدماتهم، فالاقتصاد التشاركي Share economy على سبيل المثال ولد لدينا نموذجا لمشاركة الأصول مثل تطبيقات النقل والتوصيل واستغلال أصول الناس من سيارات وعقارات حيث يقدمون خدماتهم للمجتمع بالإسهام في العملية الإنتاجية والشركات التي تدير تلك التطبيقات لا تملك سوى نموذج توجيهي للناس يجعلهم يشاركون في الناتج المحلي بجزء من الوقت وعقود قصيرة عبر التطبيق أو المنصة.
رغم الكفاءة والفاعلية التي أنتجها نموذج اقتصاد العمل المؤقت إلا أن هناك سلسلة من الأخطار تلحق بالموظفين الجدد في هذا النظام الاقتصادي، وهي افتقارهم إلى الحماية وغياب المساواة في الأجور والمقابل المالي كما أن التحكم يتم من خلال الخوارزميات الخالية من أي جانب إنساني كما أن تلك الخوارزميات تستطيع الانتقاء والإقصاء حتى دون علم الجهات التنظيمية أو الرقابية وفي المقابل يتيح نموذج اقتصاد الأعمال المؤقتة إمكانات الوصول للعمل بسرعة وسهولة مع حواجز محدودة من المؤهلات أو متطلبات التدريب ويوفر فرصا لمن هم خارج سوق العمل التقليدية، لا سيما أن بعض الدول التي يكثر فيها المهاجرون كان اقتصاد الأعمال المؤقتة حلا لتحسين ظروف المعيشة لهم وفي نفس الوقت يعد نموذجا منخفض التكلفة لأنه ينظم العرض والطلب على العمال من خلال البنية التحتية الرقمية والخوارزمية.
هناك خصائص جوهرية في هذا النظام أنه حول العاطلين عن العمل إلى أفراد نشطين اقتصاديا رغم عدم حصولهم على وظائف رسمية في القطاعين العام أو الخاص بنظام الوظيفة المستقرة، ومن المؤكد أن لذلك أثرا كبيرا في انخفاض السرقات الانتهازية التي يكون الدافع من ورائها الحاجة إلى المصروفات اليومية إضافة إلى أنه نموذج يقلص معدلات الجرائم في المجتمع لكونه بديلا سريعا للعاطلين والمعوزين ماليا.
إذا كانت الأعمال المؤقتة توفر طرقا سهلة لدخول سوق العمل غير أنها لا توفر الحماية الاجتماعية ومن سيعتمد على هذا النظام كأسلوب عمل أساس سيكون في دائرة فقر التقاعد مستقبلا مع التقدم في العمر وفي ذات الحين جميع الأخطار مثل الحوادث يتحملها العامل وليس المنصة أو التطبيق إضافة إلى إهلاك الأصول، أي: إن حالات سهولة الدخول يقابلها خسائر غير منظورة للعامل اقتصاديا.
في الختام، جميع الموظفين في الاقتصاد يجب أن نوفر لهم ظروفا أفضل بما في ذلك اقتصاد العمل المؤقت ولهذا يفضل توفير معاش تقاعدي لكل من يمتلك تبعية لهذا النظام لا سيما من يعملون أعواما وساعات عمل طويلة ومتواصلة وذلك بالشراكة بين شركات التأمين ومنصات اقتصاد العمل المؤقت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي