أنفاق غزة
أنفاق غزة تعد حاليا السلاح الأكثر فعالية في مواجهة التوغل الإسرائيلي. ما زالت تمثل شريان الحياة لسكان القطاع وتنقل من خلالها المؤن والبضاعة ويتجاوز عبرها الناس الحواجز الإسرائيلية. وهي تنمو باستمرار وتتشابك وتمتد شرقا داخل حدود إسرائيل، وجنوبا إلى رفح المصرية.
وأنفاق غزة سبقت تأسيس حركة حماس، وظهرت بدافع حاجة السكان لها (خصوصا تحت مدينة رفح المقسمة بين مصر وإسرائيل، وعلى طول محور شارع صلاح الدين من الشمال إلى الجنوب). فأول اكتشاف مسجل لنفق من قبل إسرائيل كان عام 1983 في حين لم تظهر حركة حماس حتى عام 2007.
ورغم نجاح إسرائيل في تدمير كثير منها.. ورغم بناء مصر حاجزا خرسانيا تحت الأرض (بين شطري رفح المصرية والفلسطينية) ما زالت تنمو وتتوسع بدافع حاجة المدنيين لها، وبفضل ظهور مقاولين متخصصين في حفرها.
ولكن، رغم الشهرة التي تحظى بها الأنفاق الفلسطينية هذه الأيام، تظل الأنفاق الفيتنامية الأكثر عراقة وشهرة في العصر الحديث.. فقد لعبت دورا أساسيا في إخراج الفرنسيين من فيتنام، ثم هزيمة الأمريكان واحتلال الشطر الجنوبي في منتصف السبعينيات.
وهذه الأنفاق (المعروف منها فقط) تمتد تحت الأرض لمسافة 250 كيلومترا ويعبر بعضها الحدود الكمبودية. وكانت تستعمل من قبل المقاومة الفيتنامية لمباغتة الأمريكان ونقل المؤن وتهريب السلاح والاختباء من القصف الجوي. وكانت تتوسع في بعض المناطق (خصوصا في مقاطعة Cu Chi) لتشمل نقاط استراحة وغرف طوارئ وكان بعضها عميقا لدرجة المرور تحت الجداول والأنهار.. وبفضل الطبيعة الاستوائية لفيتنام كانت مداخل ومخارج هذه الأنفاق تخفى بمهارة ويصعب رؤيتها بين الحشائش والأشجار.
أما الفكرة ذاتها فظهرت عام 1948 اتقاء لقصف الجيش الفرنسي (الذي احتل فيتنام قبل الأمريكي). وكانت كل مجموعة تكلف بحفر أنفاقها في المنطقة التي تقاوم فيها. وبمرور الوقت التحمت تلك الأجزاء وشكلت شبكة معقدة زاد طولها بحلول عام 1965 عن 200 كيلومترا.
وحين أدرك الأمريكان خطورة هذه الأنفاق قاموا بحملات جوية مكثفة لتدميرها بقنابل ضخمة وغير مسبوقة.. ورغم هذا لم يضعف دورها في عمليات المقاومة والمباغتة وتهريب الأسلحة، وكان يتم إصلاحها وتوسيعها باستمرار- (لدرجة أنه حين دخل الثوار العاصمة سايجون وطردوا الأمريكان نهائيا عام 1975م حضر كثير منهم عبر الأنفاق من داخل الحدود الكمبودية).
واليوم يتم استغلال هذه الأنفاق كمعلم سياحي يدر على فيتنام كثيرا من العملات الصعبة (التي للمفارقة يدفع معظمها السياح الأمريكان).
بإذن الله، سنذهب قريبا للسياحة في أنفاق غزة وسيدفع الغرب ثمن التذكرة.