إسرائيل تستهدف الإرث الحضاري الإنساني في غزة بتدمير المعالم الأثرية
قال توثيق حقوقي نشر اليوم، إن إسرائيل تتعمد تدمير المعالم الأثرية الفلسطينية في قطاع غزة في إطار حربها المستمرة منذ السابع من الشهر الماضي في استهداف صريح للإرث الحضاري الإنساني.
وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه، أن القانون الدولي الإنساني يحظر في كافة الظروف الاستهداف المتعمد للمواقع الثقافية والدينية (التي لا تشكل أهدافا عسكرية مشروعة ولا ضرورة عسكرية حتمية).
وأفاد المرصد بأنه وثق هجمات جوية ومدفعية شنها الجيش الإسرائيلي على مواقع تاريخية عديدة تشكل الجزء الأبرز في التراث الثقافي في قطاع غزة، بما في ذلك مواقع أثرية ومبان تاريخية ودور العبادة والمتاحف ما أدى إلى دمار وأضرار كبيرة فيها.
ومن ذلك استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي المسجد (العمري الكبير) التاريخي وسط مدينة غزة، وتدمير مئذنته التي يعود تاريخ بنائها إلى 1400 عام، علما بأنه المسجد الأكبر والأقدم في قطاع غزة، بمساحة تبلغ نحو 4100 متر مربع فيما كانت تبلغ مساحة البناء 1800 متر مربع.
كذلك استهدف جيش الاحتلال ثلاث كنائس تاريخية في قطاع غزة، لا سيما كنيسة القديس (برفيريوس) العريقة، وتعد أقدم كنسية في غزة ويعود تاريخ البناء الأصلي للكنيسة إلى عام 407 ميلادية فوق معبد وثني خشبي يعود لحقبة سابقة.
إلى جانب ذلك تعرضت معظم أجزاء البلدة القديمة لمدينة غزة وفيها 146 بيتا قديما إضافة إلى مساجد وكنائس وأسواق ومدارس قديمة وتاريخية، لتدمير شبه كلي في هجمات جوية ومدفعية إسرائيلية.
ودمر جيش الاحتلال موقع البلاخية الأثري وميناء غزة القديم (ميناء الأنثيدون الأثري) في شمال غرب مدينة غزة، والذي يعود بناؤه إلى 800 عام قبل الميلاد، وكان يعتبر من أهم المعالم الأثرية في غزة ومدرج على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي ولائحة التراث الإسلامي.
إلى جانب ذلك دمرت طائرات حربية إسرائيلية "بيت السقا" الأثري في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والذي يعود تاريخ بنائه إلى 400 عام على مساحة كانت تبلغ 700 متر.
وتم رصد أضرار متفاوتة لحقت بعدة مواقع تراثية أخرى، مثل موقع تل أم عامر (دير القديس هيلاريون) الذي يعود بناؤه لأكثر من 1600 عام، وبيت (الغصين) وهو مبنى تاريخي يعود إلى أواخر الفترة العثمانية، وحمام (السمارة) الذي يعود تاريخه إلى عام 1320 على الأقل.
كما تم استهداف المؤسسات العاملة في القطاع الثقافي بتدمير 6 مراكز ثقافية و5 دور نشر لبيع الكتب على الأقل، أبرزها تدمير المركز الثقافي (الأرثوذكسي)، وتضرر متحف (القرارة) الثقافي ومقتنياته بشكل بالغ، علما بأن المبنى بُنى منذ عام 1958، وتدمير متحف رفح.
يضاف إلى ذلك تدمير مقار جمعية (أبناؤنا للتنمية)، ومركز (غزة للثقافة والفنون)، وجمعية (ميلاد) والمركز الثقافي الاجتماعي العربي، وجمعية حكاوي للمسرح وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة في إطار حملة تطهير ثقافي مروعة.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن العمليات العسكرية المتعاقبة لجيش الاحتلال على غزة على مر السنين دمرت العديد من الأجزاء المهمة من تراثها المعماري الغني، إلا أن ما يجرى في الحرب الجارية يمثل مسحا متعمدا وممنهجا لتاريخ وتراث المدينة.
وقال إن إسرائيل تستهدف بلا هوادة الإرث الثقافي الإنساني في غزة كونه يحمل قيما ومعالم أساسية للحفاظ على الهوية وفي إطار أوسع يتعلق بشن حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في القطاع بغرض تهجيرهم قسريا وطمس هويتهم.
وشدد على أن تدمير واستهداف المواقع التاريخية والأثرية قد يرتقي إلى جريمة حرب بموجب ميثاق روما" المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، وانتهاكا صريحا لمعاهدة لاهاي المتعلقة بحماية الإرث الثقافي أثناء الصراعات المسلحة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن المواقع التراثية والتاريخية في غزة هي في الواقع ملك للإنسانية ولكل من يهتـم بتاريخ الإنسانية وليس فقط للبلد، الذي توجد فيه تلك المعالم ما يستدعى إطلاق تحقيق دولي محايد في انتهاكات إسرائيل لمحاسبتها والضغط الفعلي عليها لوقف حربها المدمرة.