لا تخف .. الأسهم بعيدة كل البعد عن الانقراض
خلال خطاب ألقيته الأسبوع ما قبل الماضي في زيوريخ، ضحكت على المفارقة القائلة إن الأشخاص (مثلي) الذين يزعم أنهم متجاهلون ليسوا كذلك على الإطلاق. فنحن مدعوون إلى كل مكان للشكوى بصوت عال عن إسكاتنا.
ينطبق انفصال مشابه عن الواقع على الخوف الشائع من ذبول الأسهم - مع تجنب الشركات والمستثمرين الأسواق العامة. استمرار مؤشرات الأسهم في الارتفاع يتم تجاهله ببساطة.
مثلا، ارتفع مؤشر فاينانشال تايمز 100 نحو 70 في المائة من حيث القيمة الاسمية في العقدين اللذين حدث خلالهما ما يسمى بـ"تقلص معروض الأسهم"، بينما تضاعفت القيمة السوقية للأسهم الأمريكية أربع مرات. أما الأسهم الصغيرة، الأكثر ذبولا، فقد نمت حصتها بشكل أكبر.
لذلك، فإن وزير المالية البريطاني كان على حق الأسبوع الماضي في مقاومة المطالب بتقديم منتج ادخاري يخدم الأسهم المحلية. سيكون هذا الحل الخطأ لمشكلة غير موجودة.
في الواقع، أجد صعوبة في التفكير في أي شيء ينبغي للمستثمرين وصناع السياسات ألا يهتموا به كثيرا. مشهد انقراض الأسهم يخلط بين الحجم والقيمة، والأسواق الأولية والثانوية، ويبالغ في أهمية رأس المال السهمي.
لا يخبرنا العدد المطلق للأسهم المتداولة إلا القليل جدا عن صحة السوق أو شركة ما. لنأخذ شركة أبل مثالا. قسمت الشركة أسهمها خمس مرات منذ طرحها قبل 43 عاما. وفي ثلاث حالات حصل المستثمرون على سهمين مقابل كل سهم يملكونه. في مرة حصلوا على سبعة أسهم مقابل كل واحد، ومرة أخرى حصلوا على أربعة أسهم مقابل واحد.
لم يهتف أحد بهذه الأحداث بوصفها انتصارات في زيادة الأسهم ـ وهم على حق في ذلك. فقد تم تعديل سعر سهم شركة أبل لمستوى أقل في كل مرة.
وعلى نحو مشابه، هل ينبغي لنا أن نعاقب وارن بافيت ـ الذي شجع عددا أكبر من الناس على الاستثمار أكثر من أي شخص آخر ـ لأنه لم يقسم قط أسهم شركة بيركشاير هاثاواي الممتازة؟ أو لماذا لا نجبر جميع الشركات العامة على التفرع وإدراج أحد أقسامها على أساس أن هذا من شأنه أن يوجد أسهما جديدة؟ وهذا من شأنه أيضا أن يزيد عدد الشركات العامة - وهو أمر آخر يثير قلق أنصار تقلص معروض الأسهم لسبب ما.
إن العلامة الحقيقية للنجاح هي عوائد المساهمين، وليس عدد الأسهم أو الشركات. لدى اليابان ضعفا عدد الأسهم المدرجة مقارنة بالمملكة المتحدة. ولا حاجة للقول إن عوائد المساهمين السنوية ليست ضعفي المملكة المتحدة، ولا نموها الاقتصادي كذلك.
تفسر العوائد أيضا سبب عدم نمو الأسواق بشكل أكبر خلال العقد الماضي - وهي شكوى قدمها فريق تقلص معروض الأسهم. تدفع معظم الشركات بعض أرباحها الزائدة، ما يقلل من أي ارتفاع في قيمتها السوقية.
مثلا، في حين أن العائد الأخير لم يزد إلا بمقدار العشر لمؤشر فاينانشيال تايمز 100 في العقد الماضي، فإن إجمالي عوائد المساهمين، التي تشمل توزيعات الأرباح، يبلغ 60 في المائة. ويبلغ العائد على الشركات الصغيرة في المملكة المتحدة أكثر من ضعف الارتفاع في قيمتها السوقية.
وحتى لو كان عدد الأسهم مهما، فإن تشجيع المستثمرين على شراء الأسهم المحلية - ربما عن طريق بيع الأسهم الخارجية - لا يساعد. وهذه هي المغالطة الثانية في تقلص معروض الأسهم، التي نشأت من الخلط بين الأسواق الأولية والثانوية.
شجع بكل الوسائل المستثمرين المحليين على المشاركة في الطروحات العامة الأولية، فهي تساعد الشركات وتعزز النمو. لكن شراء الأسهم الصادرة بالفعل لا يفعل شيئا من هذا القبيل. يجب أن يساوي النقد الداخل النقد الخارج.
على نحو مشابه، فإن أسواق الأسهم لا تصبح رخيصة في الأمد البعيد لأن شركات التأمين، مثلا، تحولت إلى السندات لأغراض محاسبية. اشترى شخص ما تلك الأسهم، والسعر الذي تم تداولها به، وبالتالي جاذبية السوق، في النهاية سببه التدفقات النقدية وغيرها من الأساسيات.
لكن، حسب الوسطاء مثل بنك بيل هنت، فإن عدد الطروح العامة الأولية آخذ في الانخفاض! ويؤدي هذا، كما يقولون، إلى حلقة موت تتمثل في انخفاض الفائدة، وانخفاض التقييمات، والنقص الدائم في عدد عمليات الإدراج العامة. والأسوأ من ذلك أن الشركات الأحدث تميل إلى أن تكون أكثر ديناميكية، وبالتالي تتحجر الأسواق، مثل الاقتصادات.
مرة أخرى، لا داعي للقلق. فما يهم هو إنشاء شركات جديدة، وليس ما إذا كانت الأسهم التي تم جمعها عامة أم خاصة. وفي المملكة المتحدة، ارتفعت عمليات تسجيل الشركات الجديدة 13 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ومقارنة بما كانت عليه قبل عقد، ظهرت أكثر من 90 ألف شركة جديدة إلى الوجود بين يوليو وسبتمبر - بمتوسط معدل نمو سنوي يبلغ نحو 6 في المائة.
إضافة إلى ذلك، هناك طرق أخرى يمكن للشركات من خلالها تمويل نفسها، كالقروض التقليدية مثلا، كما تعلم ألمانيا الصناعية جيدا. وعلاوة على ذلك، لماذا نثير ضجة كبيرة حول مقدار الأسهم الموجودة ونتجاهل الائتمان؟
أصبحت ديون الشركات غير المالية المستحقة أكبر 50 في المائة مما كانت عليه قبل عقد. بل نمت هذا العام مع ارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية. لقد توجه الآباء والأمهات نحو صناديق الائتمان وحققوا ثروات - وهذا أمر ينبغي الإشادة به.
بطبيعة الحال، سيتغير حب المستثمرين للسندات مقابل الأسهم بمرور الوقت، كما هي الحالة مع الشركات. ويرجع ذلك إلى عوامل كثيرة، من أسعار الفائدة وعوائد الأرباح إلى العوامل النفسية والتنظيم.
صبت أسعار الفائدة المنخفضة في مصلحة تمويل الديون على مر العصور، لكن حتى في ذلك الوقت، ازدهرت أسواق الأسهم. وفي النهاية، ليس من المهم من منظور التقييم كيفية جمع الشركات للمال، كما أثبت الأكاديميان فرانكو موديلياني وميرتون إتش ميلر في الخمسينيات. لكن ما نحتاجه دائما هو مزيد من الشركات العظيمة.
يمكن إصدار الأسهم وشطبها وتقسيمها - تماما كما تفعل الشركات. ببساطة، لا تؤرق نفسك بشأن تجاهلها.