عصرنا المعرض للخطر بالتهديدات الاقتصادية «2 من 4»
حذرت سابقا من أن ارتفاع وتزايد نسب الدين في القطاعين العام والخاص، التي بلغت 330 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عالميا في 2022، "420 في المائة في الاقتصادات المتقدمة وأكثر من 300 في المائة في الصين"، تمثل تحولا جذريا عن فترة ما قبل 2021، عندما كانت نسب الديون مرتفعة، مع انخفاض نسب خدمة الديون. كان العقد الذي شهد الركود المزمن بعد الأزمة المالية العالمية يتسم بانخفاض نمو الطلب الكلي، وضخامة المدخرات في القطاعين الخاص والعام، وانخفاض معدلات الاستثمار. وقد أدى تباطؤ النمو إلى انخفاض أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم، في حين أدت أسعار الفائدة القريبة من الصفر أو حتى السلبية، إلى جانب التيسير الكمي والائتماني، إلى الإبقاء على أسعار الفائدة الاسمية والحقيقية منخفضة للغاية ـ وسلبية في كثير من الأحيان ـ سواء على المدى القصير أو على المدى الطويل لمنحنى العائد.
لكن هذه البيئة التي تتسم بسهولة الحصول على الأموال قد ولت. أدت صدمات العرض السلبية الناجمة عن الجائحة، إلى جانب سياسات التحفيز استجابة لها، إلى ارتفاع معدلات التضخم بدءا من 2021. ثم استجابت البنوك المركزية "في نهاية المطاف" من خلال رفع أسعار الفائدة الاسمية والحقيقية. لكن في ظل ارتفاع نسب الديون في القطاعين العام والخاص إلى هذا الحد، فستجد البنوك المركزية صعوبة كبيرة في خفض معدلات التضخم إلى المستوى المستهدف عند 2 في المائة. إنها عالقة في "فخ الديون"، ولا تواجه معضلة كيفية تحقيق معدل تضخم بنسبة 2 في المائة من دون التسبب في هبوط اقتصادي حاد فحسب ـ بل إنها تواجه "معضلة ثلاثية"، كيفية تحقيق استقرار الأسعار مع تجنب الركود والأزمة المالية.
أكدت التطورات التي حدثت منذ نشر كتاب التهديدات الضخمة أن هذه المعضلة الثلاثية تشكل قضية خطيرة. وإذا استمرت البنوك المركزية في زيادة أسعار الفائدة بهدف خفض معدل التضخم إلى مستوى 2 في المائة، فإن احتمالات حدوث ركود وعجز عن تسديد الديون بين المقترضين من القطاعين العام والخاص الذين يستخدمون الاستدانة العالية تصبح أكثر ترجيحا. ولكن إذا استسلم صناع السياسات وتخلوا عن هدفهم المتمثل في استقرار الأسعار، فقد تتراجع معدلات وتوقعات التضخم، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى دوامة ارتفاع الأجور والأسعار.
حتى الآن، لم تتراجع البنوك المركزية عن هدفها. ولكن إذا ظل معدل التضخم أعلى من الهدف ـ كما يبدو مرجحا، نظرا إلى نمو الأجور المرتفعة واستمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية ـ فقد تستسلم في نهاية المطاف لتجنب التسبب في انكماش اقتصادي وانهيار مالي. وتشير حقيقة قيامها بالفعل بإيقاف رفع أسعار الفائدة مؤقتا على الرغم من التضخم الأساس المرتفع للغاية "الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة" إلى أنها ربما تستعد لقبول مستوى تضخم أعلى من الهدف.
وبشأن الحديث عن الحروب الضرورية فإنه علاوة على صدمات إجمالي العرض السلبية، تشير اتجاهات إجمالي الطلب المختلفة أيضا إلى أن معدلات التضخم ستكون أعلى. وبالنظر إلى نمو العجز، قد تضطر البنوك المركزية في نهاية المطاف إلى تحويل الدين العام إلى نقد. وسينمو العجز نظرا إلى أن عديدا من الدول الرئيسة تخوض ست معارك على الأقل "بما في ذلك بعض الحروب الحقيقية" والتي ستتطلب مستويات أعلى من الإنفاق.. يتبع.