بعد عامين من الحرب .. صلابة مفاجئة للاقتصاد الروسي في مواجهة طوفان العقوبات

بعد عامين من الحرب .. صلابة مفاجئة للاقتصاد الروسي في مواجهة طوفان العقوبات
بعد عامين من الحرب .. صلابة مفاجئة للاقتصاد الروسي في مواجهة طوفان العقوبات
بعد عامين من الحرب .. صلابة مفاجئة للاقتصاد الروسي في مواجهة طوفان العقوبات

فيما يتهيأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لخوض الانتخابات الرئاسية في العام 2024 سعيا للفوز بولاية جديدة، يؤكد سيد الكرملين أن الأسوأ بالنسبة للاقتصاد الروسي قد ولى، وسط تساؤلات تطرح حول مدى صحة هذا الاستنتاج.
فبعد نحو عامين على بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، يظهر الاقتصاد الروسي صلابة مفاجئة في مواجهة طوفان من العقوبات الغربية.
لكن خبراء اقتصاديين يعتقدون أن اقتصاد روسيا في زمن الحرب ربما بدأ يظهر مؤشرات إنهاك، في حين يأمل قادة غربيون أن يكون الوقت قد حان لتفعل العقوبات فعلها.
وأعرب مصدر دبلوماسي فرنسي عن أمله أن تبدأ مفاعيل العقوبات الاقتصادية بالظهور في أواخر العام 2024 أو أوائل العام 2025.
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في تصريح لوكالة فرانس برس إن العقوبات "أشبه بثقب صغير في إطار. تأثيره ليس فوريا لكنه يفعل فعله".
بحسب آغات دوماريه المختصة في قسم البحوث والاستشراف في مجموعة "ذي إيكونوميست" "إنه ماراثون وليس سباق سرعة".
وشددت على أن الهدف من العقوبات ليس إطلاق شرارة انهيار تاسع أكبر اقتصاد في العالم، وهو ما يمكن أن يتسبب بأزمة عالمية، وليس إحداث تغيير في النظام.
بحسب دوماريه "الهدف منها هو الحد من قدرات آلة الحرب الروسية".
فقد فرض الاتحاد الأوروبي 11 حزمة من العقوبات على روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا فبراير 2022، لا سيما على صادراتها من النفط والغاز.
والحزمة الثانية عشرة قيد الإعداد حاليا، وتشمل حظر استيراد الألماس الروسي.
بحسب بيانات رسمية، تطول العقوبات 49 في المائة من الصادرات الأوروبية إلى روسيا و58 في المائة من الواردات الروسية.
وباتت روسيا البلد الأكثر استهدافا بالعقوبات في العالم، إلا أن هذا الأمر لم يدمر اقتصادها بالكامل بل ألحق به ضررا جزئيا.
يقول مراقبون إن الأزمات الاقتصادية الماضية والحزمة الأولى من العقوبات الغربية على خلفية ضم موسكو شبه جزيرة القرم في العام 2014، لقنت الفريق الاقتصادي لبوتين كيفية إدارة الأزمات بشكل أفضل.

- "عوارض إنهاك"

يخطط الكرملين لزيادة الإنفاق العسكري بنحو 70 في المائة في العام 2024، في مؤشر يدل على أن موسكو ربما تتهيأ لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا.
في أكتوبر قال بوتين "لقد تخطينا كل المشكلات التي برزت بعدما فرضت علينا العقوبات وباشرنا المرحلة التالية من التنمية".
بحسب إحصائيات رسمية روسية، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا بنسبة 5.5 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي، مع توقع نمو اقتصادي بنسبة 2 في المائة في العام المقبل.
وشددت الباحثة المتعاونة مع "مركز كارنيغي روسيا وأوراسيا" ألكسندرا بروكوبنكو على أن أداء الاقتصاد الروسي كان جيدا لكن مؤشرات أدائه مضللة.
وقالت بروكوبنكو التي عملت في المصرف المركزي الروسي بين 2019 وأوائل العام 2022 "كلها مؤشرات إلى الإنهاك. فثلث النمو مدفوع بالإنفاق العسكري"، مشيرة إلى حالة إدمان اقتصادي على الأموال التي يضخها الجيش.
وأشارت في تصريح لفرانس برس إلى أن الاعتماد على النفط ازداد وأصبح أقوى مما كان عليه قبل الحرب.
وأنشأت روسيا بنى تحتية مالية موازية لمساعدتها في الالتفاف على العقوبات المفروضة على المبيعات النفطية.
وقالت بروكوبنكو إن المدخول الأساسي لروسيا من الصادرات لا يزال يتأتى من بيع المشتقات النفطية.
بحسب المنظمة البيئية غير الحكومية "جلوبل ويتنس"، ارتفعت واردات الغاز الروسي المسال إلى الاتحاد الأوروبي 40 في المائة في الأشهر السبعة الأولى من العام، وهو ما يوازي نحو 5.3 مليار يورو (5.7 مليار دولار).
وهناك شركات في بلدان عدة بما فيها تركيا والإمارات والصين وجمهوريات سوفياتية سابقة على غرار كازاخستان، ضالعة في مخططات لمساعدة روسيا في الالتفاف على العقوبات.
وهناك أبحاث تظهر أن روسيا استحصلت على تقنيات أسلحة غربية عبر دول ثالثة كالصين.
بحسب بروكوبنكو، هناك شركات أوروبية أيضا مستعدة لمواصلة التعامل التجاري مع روسيا، لا سيما فيما يتصل بسلع ذات استخدام مزدوج في حال أمكن تنفيذ الاتفاقات عبر بلدان ثالثة.

- "الأموال تتدفق"

 تقرّ دوماريه بـ"عدم اتساق" السياسات الأوروبية المتصلة بروسيا، لكنها تشير إلى صعوبة في تقدير مدى صلابة موسكو على المدى الطويل.
وقالت "في الوقت الراهن، هم (الروس) في وضعية حرب، لكن إلى متى يمكن أن يستمر هذا الأمر؟ من الصعب معرفة ذلك"، مضيفة "السلم الاجتماعي مكلف أيضا".
ففي حين عقدت العقوبات حياة الروس العاديين، يعيش بعض من أثرياء موسكو في رخاء، مستفيدين بشكل مباشر من الحرب، بحسب مراقبين.
وكتب المحلل السياسي سيرغي مدفيديف في حسابه على فيسبوك "الأموال تتدفق في موسكو"، مشيرا إلى صفقات عسكرية وازدياد المبيعات النفطية.
يقول شهود إن أعدادا متزايدة من السيارات الفارهة تسير في شوارع موسكو، كما أن التسوق في متاجر السلع الفاخرة لا يشهد أي تباطؤ وكذلك ارتياد المطاعم الفاخرة.
وأشار تقرير أعده الباحثان دينيس جولكوف وأندري كولسنيكوف لصالح "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي" الشهر الماضي، إلى تأقلم الروس مع الظروف الاقتصادية "خلال عام واحد فقط".
واعتبرا في التقرير أن معظم الروس يعتبرون أن الحرب في أوكرانيا لن تنتهي قريبا، ويحاولون ألا يركزوا كثيرا على مواضيع عسكرية أو التطورات على الجبهة.
وخلصا إلى أن المجتمع الروسي تعلم أن يتوقف عن القلق بشأن الحرب.

سمات

الأكثر قراءة