ارتفاع أسعار الفائدة سيستمر «2 من 2»
على نحو مماثل، في تقرير حديث عن المستويات القياسية للديون العالمية، الذي تم تقديمه إلى كبار محافظي البنوك المركزية في العالم في مؤتمر جاكسون هول هذا العام، تجنب سيركان أرسلان ألب وباري آيتشنجرين، بوضوح، مناقشة الآثار المترتبة على أعباء الديون الحالية، أو العلاقة بين ارتفاع الديون الحكومية وتباطؤ النمو في دول مثل اليابان وإيطاليا.
من المرجح أن يؤدي الركود المقبل، كلما حدث، إلى انخفاض كبير في أسعار الفائدة، ما قد يوفر فترة راحة مؤقتة لسوق العقارات التجارية الأمريكية المثقلة بالديون، حيث الشعار السائد اليوم هو "العمل على الاستمرار حتى 2025". إذا تمكن أصحاب العقارات من تحمل عام آخر من انخفاض الإيجارات وارتفاع تكاليف التمويل، حسب هذه الفرضية، فإن الانخفاض الحاد في أسعار الفائدة في 2025 يمكن أن يوقف أزمة الديون الذي يهدد بإغراق شركاتهم.
لكن حتى لو انخفض التضخم، فمن المرجح أن تظل أسعار الفائدة أعلى على مدى العقد المقبل مما كانت عليه في العقد الذي أعقب الأزمة المالية في 2008. وهذا يعكس مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك ارتفاع مستويات الديون، وتراجع العولمة، وزيادة الإنفاق الدفاعي، والتحول الأخضر، والمطالبات الشعبوية بإعادة توزيع الدخل، والتضخم المستمر. حتى التحولات الديموغرافية، التي كثيرا ما يستشهد بها كمبرر لاستمرار أسعار الفائدة المنخفضة، قد تؤثر في الدول المتقدمة بشكل مختلف مع زيادة الإنفاق لدعم الشيخوخة السكانية السريعة.
رغم أن العالم قادر بكل تأكيد على التكيف مع أسعار الفائدة المرتفعة، فإن التحول لا يزال مستمرا. وقد يشكل هذا التحول تحديا كبيرا بشكل خاص بالنسبة إلى الاقتصادات الأوروبية، نظرا إلى أن أسعار الفائدة بالغة الانخفاض كانت بمنزلة الرابط الذي يحافظ على تماسك منطقة اليورو. بدت سياسات الإنقاذ التي اعتمدها البنك المركزي الأوروبي "بالقيام بكل ما يتطلبه الأمر" غير مكلفة عندما كانت أسعار الفائدة قريبة من الصفر، لكن من غير الواضح ما إذا كانت الكتلة قادرة على مواجهة الأزمات المستقبلية إذا ظلت أسعار الفائدة الحقيقية مرتفعة.
كما زعمت سابقا، فإن اليابان ستناضل من أجل التحول بعيدا عن سياسات أسعار الفائدة "انخفاض معدلات الفائدة إلى الأبد"، مع اعتياد حكومتها ونظامها المالي على التعامل مع الديون بوصفها خالية من التكاليف. وفي الولايات المتحدة، قد تؤدي نقاط الضعف في قطاع العقارات التجارية، فضلا عن زيادة الاقتراض، إلى موجة أخرى من التضخم. علاوة على ذلك، في حين تمكنت الاقتصادات الناشئة الكبرى من التعامل مع أسعار الفائدة المرتفعة حتى الآن، فإنها تواجه ضغوطا مالية هائلة.
في هذه البيئة العالمية الجديدة، قد يحتاج صناع السياسات وخبراء الاقتصاد، حتى أولئك الذين كانوا يدعمون سابقا فكرة "أسعار الفائدة المنخفضة إلى الأبد"، إلى إعادة تقييم أفكارهم في ضوء حقائق السوق الحالية. رغم أنه من الممكن توسيع البرامج الاجتماعية أو تعزيز القدرات العسكرية دون تكبد عجز كبير، فإن القيام بذلك من دون زيادة الضرائب ليس بالأمر السهل. ومن المرجح أن نكتشف ذلك بالطريقة الصعبة أكثر من أي وقت مضى.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.