اليورو الاختيار الأفضل لأسواق السندات .. مفضلة على الأمريكية
بالنسبة للمستثمرين الذين تحدوا دعوة "عودة السندات" في عام مضطرب، كانت ديون منطقة اليورو الرابح الأكبر، ويعني تدهور الاقتصاد مع تشديد القيود المالية أن جاذبيتها ستستمر في 2024.
وبحسب "رويترز" من المنتظر أن تعود سوق السندات الحكومية في منطقة اليورو، التي تبلغ قيمتها نحو عشرة تريليونات دولار، بنسبة 6.5 في المائة هذا العام، مما يقود إلى انتعاش من عامين من عوائد السندات العالمية السلبية مع ارتفاع التضخم.
لقد تفوق أداء السوق بشكل حاد على سندات الخزانة الأمريكية، بزيادة 3.5 في المائة هذا العام، وسندات المملكة المتحدة، بزيادة 2.4 في المائة.
وعادت السندات الإيطالية، التي كانت في بؤرة المخاوف بشأن تأثير الزيادات القياسية في أسعار الفائدة، بنحو 9 في المائة، وبالنسبة لبعضهم، هذه مجرد البداية.
وقال مايك ريدل، كبير مديري المحافظ لدى أليانز جلوبال إنفستورز، الذي انتقل من الولايات المتحدة وكندا إلى أوروبا: "نحن الآن نأخذ معظم وجهات نظرنا الصعودية الكبيرة بشأن السندات عبر أوروبا، لأن هذا هو المكان الذي تكون فيه صورة النمو ضعيفة للغاية".
ويتراجع التضخم في منطقة اليورو بسرعة ويلوح في الأفق الركود في نهاية العام، ومن المتوقع أن ينمو الاتحاد الأوروبي بنسبة 0.6 في المائة فقط العام المقبل، أي نصف معدل النمو في الولايات المتحدة، مما يعزز مبررات السندات الألمانية التي تعد ملاذا آمنا.
يمكن أن تؤدي ضربة بقيمة 60 مليار يورو لميزانية ألمانيا من قبل المحكمة الدستورية إلى تقليص نمو العام المقبل بنسبة تصل إلى 0.5 في المائة، حيث تخفض برلين الإنفاق للعودة إلى "كبح الديون" الذي يحد من الاقتراض الجديد.
وقال كريس جيفري، رئيس أسعار الفائدة واستراتيجية التضخم في شركة Legal and General Investment Management، إن حكم المحكمة الألمانية يدعم قراره بتفضيل السندات الأوروبية على سندات الخزانة الأمريكية.
وأضاف "ستكون سياسة مالية أكثر تشددا كبيرة بما يكفي لتكون ذات صلة بالاقتصاد الكلي"، مشيرا إلى أن تخفيضات الإنفاق الألمانية تأتي في الوقت الذي يحاول فيه وزراء مالية منطقة اليورو إصلاح قواعدهم المالية لدول الأعضاء التي تسعى للحد من العجز.
ميزة أخرى: على عكس الولايات المتحدة، لن تجري أي من الاقتصادات الكبرى في الكتلة انتخابات العام المقبل، مما يزيل مصدرا محتملا لضغوط الإنفاق الإضافية في عام يشهد ارتفاع احتياجات التمويل مع استمرار البنوك المركزية في خفض ميزانياتها العمومية.
ويشير بنك أوف أمريكا إلى أن احتياجات التمويل باليورو مرتفعة أيضا، لكن الديون الجديدة المتبقية للمستثمرين بعد شراء البنك المركزي الأوروبي تشبه إلى حد كبير هذا العام، في حين سيحتاج المستثمرون إلى التكيف مع إصدارات الديون الأمريكية المرتفعة بشكل حاد.
وقد أدى قرار البنك المركزي الأوروبي الخميس الماضي بالتخلص التدريجي من إعادة استثمار السندات بموجب مخططه الوبائي بحلول نهاية 2024، بدلا من إيقافها في وقت سابق، إلى زيادة المعنويات الصعودية.
وقال فريدريك دوكروزيت، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في بيكتيت لإدارة الثروات، إن هذه الخطة " تدريجية أكثر من المتوقع ويجب أن تكون قابلة للإدارة، وذلك أيضا لأن البنك المركزي الأوروبي سيحتفظ بخياره في استخدام إعادة الاستثمار بطريقة مرنة طوال العام المقبل".
وتدعم عمليات إعادة الاستثمار هذه دولا مثل إيطاليا المثقلة بالديون، حيث يختار البنك المركزي الأوروبي سندات الدولة التي يرغب في شرائها، وأثار العجز المرتفع في إيطاليا تساؤلات حول أهليتها للحصول على خطة شراء السندات من البنك المركزي الأوروبي، التي ستزداد أهميتها عندما ينتهي برنامج شراء الطوارئ الطارئة.
أولا، التقلبات العالية، وتأتي مكاسب نهاية العام في أعقاب بعض التقلبات الشديدة في الأسعار، حيث تضررت السندات بشدة في فبراير وسبتمبر، وقالت رابطة الأسواق المالية في أوروبا الإثنين إن الأرباع الثلاثة الأولى لحجم تداول السندات اليومية الأوروبية منذ 2014 جاءت جميعها هذا العام.
ويقول رؤساء وكالات الديون إن صناديق التحوط تساعد في ملء الفراغ الذي تركه البنك المركزي الأوروبي، إضافة إلى ذلك، فإن الارتفاع الممتاز في نهاية العام يعني أن عائدات السندات الألمانية، التي تتحرك بشكل عكسي مع الأسعار، قد انخفضت إلى مستويات توقعت بعض البنوك أنها ستكون عليها في نهاية 2024، لذلك قد يكون المزيد من الانخفاضات محدودا.
وقد تفقد إيطاليا بريقها، خاصة إذا أدت قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة إلى تجديد التدقيق في مواردها المالية، ويتوقع كال الوهاب رئيس تداول أسعار الفائدة الخطية في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في بنك أوف أمريكا، أن يركز الأداء المتفوق لمنطقة اليورو على ألمانيا، مع احتمال أن تؤثر احتياجات التمويل المرتفعة في إيطاليا.
ويحذر باركليز من أن أي علامات على تراجع الطلب من مستثمري التجزئة، وهو أمر أساسي لخفض التمويل الإيطالي هذا العام، يمكن أن تؤثر أيضا في ديونها.
ومن المتوقع أن تنمو بريطانيا بنسبة 0.4 في المائة فقط، لذا فإن أمثال ريدل من أليانز يراهنون أيضا بشكل كبير على السندات البريطانية.
مع ذلك يظل التضخم الذي يكرهه مستثمرو السندات، يمثل تحديا كبيرا، حيث يتوقع أن يصل إلى 3 في المائة العام المقبل، مقارنة بـ2.5 في المائة في منطقة اليورو و2.6 في المائة في الولايات المتحدة.
كما تعد احتياجات التمويل في المملكة المتحدة، وهي ثاني أعلى مستوى على الإطلاق للعام المالي المقبل، أكثر صعوبة.
وقال بنك أوف أمريكا: "لقد شهدنا نقصا في الطلب طوال العام، وهو أحد أسباب ضعف أداء السندات في المملكة المتحدة"، في إشارة إلى المستثمرين الذين يحركهم الالتزام بالمسؤولية والذين يستثمرون في صناديق التقاعد في بنك أوف أمريكا، مركز أزمة "الميزانية المصغرة" العام الماضي.