الولايات المتحدة .. التضخم يهبط والمعنويات تحلق
تراجع التضخم في الولايات المتحدة مجددا في نوفمبر، ما أعطى مزيدا من الأمل بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد صمم هبوطا سلسا لأكبر اقتصادات العالم، وجعل الأسهم تقترب من بلوغ مستوى قياسي جديد.
ارتفع مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.2 في المائة بعد أن أظهرت البيانات الفيدرالية أن ارتفاع الأسعار كان أبطأ مما كان متوقعا في نوفمبر، ما وضع مقياس الأسهم القياسي في وول ستريت في حدود 1 في المائة من أعلى مستوى إغلاق وصل إليه على الإطلاق في يناير 2022.
حقق المؤشر مكاسب لثمانية أسابيع متواصلة - رقم قياسي حققه آخر مرة في 2017 - وهو متجه نحو ثالث أفضل عام له في العقد السابق بعد 12 شهرا متقلبة.
قال أندرو هنتر، اقتصادي في شركة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث، "توجد أدلة متزايدة على أن الخوف من تضخم ما بعد الجائحة قد انتهى ونتوقع أن يتم تخفيض أسعار الفائدة بشكل كبير العام المقبل".
أشاد الرئيس جو بايدن بالتقرير الصادر الجمعة الماضي من مكتب التحليل الاقتصادي ووصفه بأنه "علامة فارقة" في الجهود لإعادة التضخم إلى مستويات ما قبل الجائحة.
"مع دخول فترة العطل، انخفضت أسعار السلع المهمة، بما فيها جالون الوقود، وجالون الحليب، والألعاب، والأجهزة المنزلية، والإلكترونيات، وتأجير السيارات، وأسعار تذاكر الطيران، مما كانت عليه قبل عام"، كما قال بايدن.
أظهر تقرير مكتب التحليل الاقتصادي أن أرقام تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية - المقياس المفضل للاقتصاديين لأنه يستثني أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة - ارتفعت 0.1 في المائة فقط على أساس شهري، أقل من المتوقع.
هذا الرقم يخفض المعدل السنوي لمدة ستة أشهر إلى 1.9 في المائة، أقل بقليل من هدف التضخم الرسمي للاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.
يأتي آخر انخفاض فيما يسمى بالتضخم الأساسي بعد أكثر من أسبوع من مفاجأة البنك المركزي الأسواق بالإشارة إلى أنه سيبدأ تخفيض أسعار الفائدة العام المقبل، بعد أن كان 2023 أكثر تفاؤلا من المتوقع.
"بمجرد تحول الاحتياطي الفيدرالي، جعل ذلك المستثمرين يفكرون بطريقة إيجابية"، كما قال تيم موري، استراتيجي أسواق رأس المال في شركة تي رو برايس. "لقد شهدنا ارتفاعا نتيجة لذلك ومن الصعب الجدال في ذلك".
تحتسب أسواق العقود الآجلة الآن رهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة بما يصل إلى ست مرات في 2024، ما يخفض المعدل الذي يهدف إليه من أعلى مستوى له حاليا منذ 22 عاما البالغ 5.25 في المائة إلى 5.5 في المائة.
دفع المزاج المتفائل في وول ستريت، إلى جانب انخفاض معدل البطالة في الولايات المتحدة، المحللين إلى توقع أن الاقتصاد مهيأ الآن لأن يهبط هبوطا سلسا بعد أن أجبر التضخم المرتفع الاحتياطي الفيدرالي على رفع الفائدة إلى مستويات توقع الاقتصاديون أنها ستؤدي إلى الركود.
أظهرت آخر بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن الاقتصاد الأمريكي توسع بمعدل سنوي بلغ 4.9 في المائة في الربع الثالث، مع توقع واضعي الأسعار والاقتصاديين الآن أن يتباطأ النمو بشكل طفيف فقط في 2024.
تعني هذه الأرقام أن الولايات المتحدة أقوى الاقتصادات الكبيرة أداء في العالم، حيث سجلت نموا أسرع وانخفاضات أشد في ضغوط الأسعار من معظم الدول الأوروبية. من المتوقع بشكل كبير أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة قبل البنك المركزي الأوروبي أو بنك إنجلترا.
أصبح الأمريكيون أقل تشاؤما بشأن الاقتصاد في الوقت الذي يبدأ فيه السباق الرئاسي لعام 2024، ما يعزز فرص انتخاب بايدن.
ارتفعت معنويات المستهلكين 14 في المائة الشهر الماضي، وفقا لاستطلاع راقبته من كثب جامعة ميشيجان، ما يشير إلى زيادة الثقة بين العامة بأن أسوأ موجات التضخم لجيل بأكمله قد ولت.
يتوقع 55 في المائة من المشاركين الآن أن ترتفع دخولهم على الأقل بسرعة الأسعار نفسها خلال العام المقبل، ارتفاعا من 49 في المائة في أكتوبر.
"ارتفعت المعنويات بين السكان، وكان هذا الارتفاع بين المستهلكين من جميع الأعمار والدخول والمستويات التعليمية والتوجهات السياسية ومناطق الدولة"، كما ذكر تقرير جامعة ميشيجان.
تنبع بعض التحسينات في التضخم الكلي من انخفاض حاد في تكاليف الوقود الأمريكي في الأشهر الأخيرة، ما دفع متوسط الأسعار إلى أدنى مستوياته منذ صيف 2021.
بينما أسعدت الأرقام وول ستريت، حذر اقتصاديون في بنك سيتي من تفسيرات البيانات مفرطة التفاؤل، قائلين "إن الأسعار لا تزال ترتفع سريعا في قطاع الخدمات".
"أصبح التضخم الأساسي أضعف بسبب تراجع التضخم في السلع بشكل كبير. قد يبقي ذلك الأرقام الأساسية أضعف في الأشهر المقبلة، لكنه ليس طريقة مستدامة لإعادة التضخم إلى الهدف"، كما قال أندرو هولينهورست، اقتصادي في البنك.
يتوقع واضعو الأسعار في الاحتياطي الفيدرالي إجراء ثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة العام المقبل. تحول حاد بالنسبة إلى المسؤولين الذين أمضوا شهورا مصرين على أنهم لن يبدأوا تخفيف السياسة النقدية حتى يتأكدوا من القضاء على التضخم.