الموظف روكي .. روبوت يختبر طرقا جديدة للعمل المكتبي
في مقهى ستاربكس في المقر المتطور لشركة نافير، أكبر شركة إنترنت في كوريا الجنوبية، يوجد صف من الروبوتات على أهبة الاستعداد لإحضار القهوة لموظفي الشركة.
يتجول نحو 100 روبوت على عجلات - يطلق عليها اسم روكي - حول المكاتب، وتقوم بمهام بسيطة مثل توصيل الوجبات والطرود واختبار حدود التفاعل البشري مع الآلات، في أحد الأمثلة الأولى للمباني الصديقة للروبوتات.
تجرب "نافير" دمج روبوتات الخدمة في الحياة المكتبية منذ أكثر من عام في المبنى المكون من 36 طابقا في الضواحي الجنوبية لمدينة سيئول. تتجول هذه الروبوتات حول المبنى، وتتحرك عبر البوابات الأمنية، وتستقل المصاعد، مدعومة بنظام السحابة لـ"نافير" الذي يمكنها من الرؤية والتعرف على ما حولها والعمل بسلاسة.
تحرص الشركة الآن على تصدير تكنولوجيا الروبوتات السحابية المتطورة القائمة على شبكة الجيل الخامس، حيث أبدى كثير من البلدان في أوروبا وكذلك اليابان والمملكة العربية السعودية اهتمامه بقياس أدائها، وفقا للمعايير المرجعية.
قال سيوك سانج-أوك، الرئيس التنفيذي لـ"نافير لابز"، وحدة البحث والتطوير التابعة لشركة نافير، في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز"، "لا توجد شركات كثيرة على مستوى العالم يمكنها تقديم خدمة روبوتات عالية الجودة بهذا الحجم".
"هذا يتطلب قدرا كبيرا من التعاون السلس مع شركات كثيرة تابعة لنا. أتاحت لنا خدمات (نافير) واسعة النطاق، بما في ذلك محركات البحث والتسوق عبر الإنترنت والشبكات الاجتماعية، تجربة مختلف تكنولوجيات وخدمات الروبوتات، كل ذلك داخل الشركة".
على غرار "أمازون"، تبيع "نافير" المنتجات عبر الإنترنت وتدير أعمالا سحابية كبيرة. كما تنفق نحو ربع مبيعاتها السنوية على البحث والتطوير مع "نافير لابز" المسؤولة عن تطوير الذكاء الاصطناعي والروبوتات والقيادة الذاتية.
كما تساعد تكنولوجيا "التوأم الرقمي" التي طورتها نافير - مسح ثلاثي الأبعاد للمدن والمباني - الروبوتات على التعرف على المناطق المحيطة بها والعثور على الطرق الأكثر كفاءة. نظرا لأنها تعمل بكاميرا فيديو عادية فقط وبدون معالجات وأدوات تنقل متقدمة، فإن تكلفة صنعها أقل بكثير، كما تقول "نافير".
"لقد اختبرنا الروبوتات لأكثر من عام، ولدينا الآن كثير من البيانات حول التفاعل البشري مع الروبوتات. سنركز على تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات، لأنني أعتقد أن تكنولوجيا الروبوتات لدينا باستخدام السحابة ستصبح أفضل بكثير خلال عامين إلى ثلاثة أعوام"، وفقا لسيوك.
من جانبه، قال بارك سانج-سو، الباحث في المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة، "إن (نافير) واجهت تحديات في مجال التصدير، مع تعقيد تكنولوجياتها، ما يعني أن الأمر لم يكن سهلا مثل بيع أسطول من الروبوتات ببساطة".
"تعمل روبوتات (نافير) جيدا في مكاتبها لأن المبنى تم تصميمه لهذا الغرض، لكن ينبغي أن تأخذ في الحسبان العوامل غير التكنولوجية في البلدان المستهدفة مثل البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات واللوائح التنظيمية لبيع الحل الذي يوفره نظامها"، كما قال.
تتمتع كوريا الجنوبية بصناعة روبوتات محلية مزدهرة، تستخدم معظمها في المصانع، حيث يرى البلد أن الذكاء الاصطناعي والروبوتات هما المفتاح لتخفيف النقص في العمالة في مواجهة أدنى معدل مواليد في العالم.
وفقا للاتحاد الدولي للروبوتات، تتمتع كوريا الجنوبية بأعلى "كثافة للروبوتات" في العالم، حيث يبلغ عدد الروبوتات الصناعية ألف روبوت لكل عشرة آلاف موظف في التصنيع، مقارنة بنحو 399 في اليابان، و322 في الصين، و274 في الولايات المتحدة.
تستخدم الروبوتات على نطاق واسع في مصانع السيارات وأشباه الموصلات في كوريا، لكنها أصبحت أيضا جزءا واضحا بشكل متزايد من الحياة اليومية. ومن المتوقع أن تتضاعف مبيعات روبوتات الخدمة في كوريا الجنوبية تقريبا من 530 مليون دولار هذا العام إلى مليار دولار في 2026، أي بزيادة سنوية متوسطة تبلغ 23 في المائة، وفقا للمعهد الكوري لمعلومات العلوم والتكنولوجيا.
تتطلع "نافير" إلى بيع مجموعة من الأنظمة للروبوتات الصناعية وروبوتات الخوادم. في الشهر الماضي، افتتحت أكبر مركز بيانات في آسيا لتسريع توجهها نحو الذكاء الاصطناعي والسحابة. في المبنى الضخم في مدينة سيجونج الذي يضم 600 ألف خادم، تحمل كثير من الروبوتات خوادم ثقيلة بين مستودعات تكنولوجيا المعلومات وغرف الخوادم، بينما يتم تشغيل حافلات مكوكية ذاتية القيادة للموظفين وزوار المقر.
قال ألبرت وانج، رئيس الباحثين في "نافير لابز"، "لدينا مجموعة كاملة من التكنولوجيات التي يمكنها تغطية كثير من حالات الاستخدام الجديدة. تركز شركات كثيرة على تطبيقات فردية. ونحن ننظر حقا إلى مستويات النظام. لدينا أنواع متعددة من أنظمة الروبوتات التي تتعاون معا".
رغم كونها قوة تكنولوجية، فإن كوريا الجنوبية لا تزال ضعيفة في تطوير البرمجيات، حيث تقتصر صادراتها التكنولوجية في الأغلب على الأجهزة مثل الرقائق والإلكترونيات وبطاريات المركبات الكهربائية. وتحاول "نافير" تغيير هذه الصورة، عبر تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات مثل التوائم الرقمية والروبوتات وأدوات الذكاء الاصطناعي، رغم أنها فشلت حتى الآن في الحصول على موطئ قدم في الخارج عن طريق محرك البحث القوي الخاص بها.
في وقت سابق من هذا العام، فاز البلد بأول عقد كبير لتصدير التكنولوجيا الفائقة إلى الشرق الأوسط لبناء توائم رقمية، أو إصدارات افتراضية، وتشغيلها لخمس مدن منها الرياض والمدينة المنورة ومكة، لمدة خمسة أعوام. كما أنها تتطلع إلى تقديم نسخ مخصصة من أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي الشبيه ببرمجية شات جي بي تي للحكومات الأجنبية القلقة من ضوابط البيانات الأمريكية.
قال سيوك "لقد بدأنا للتو في تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات، التي يمكن أن تصبح محرك التصدير الجديد للبلد. إننا نهدف لأن نصبح المصدر الرئيس لخدمات تكنولوجيا المعلومات في البلد على المديين المتوسط إلى الطويل".