"المحاسبة الأمريكية" تدير ظهرها لتدقيق الشركات العامة
انسحب عدد من شركات المحاسبة الأمريكية متوسطة الحجم من تدقيق حسابات الشركات العامة في 2023، حيث أدى النقص في الموظفين الجدد والبيئة التنظيمية الصارمة إلى إعادة التفكير في هذه الأعمال.
تركت الانسحابات بعض الشركات الصغيرة تسعى جاهدة للعثور على شركة تدقيق حسابات جديدة قبل نهاية العام المالي، وقالت مجموعة تعمل في صناعة المحاسبة "إن الشركات الأخرى يمكن أن تحذو حذوها في 2024"، فيما يكثف مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة عمليات التفتيش على عمليات التدقيق الأعقد.
أخبرت شركة إيدي بيلي، وهي إحدى أكبر 20 شركة محاسبة مقرها في ولاية داكوتا الشمالية، عملاءها المصرفيين الإقليميين الخمسة في نوفمبر بأنها ستنسحب من تدقيق شركات الخدمات المالية المدرجة، وفقا للملفات التنظيمية.
جاءت هذه الخطوة بعد أن أنهت "كليفتون لارسون ألين"، شركة أخرى من بين أفضل 20 شركة محاسبة، آخر أعمال تدقيق حسابات الشركات العامة، التي كانت تركز على عملاء مصرفيين، في وقت سابق من 2023.
قالت جين ليري، الرئيسة التنفيذية لشركة كليفتون لارسون ألين، "إن الاستثمار الكبير اللازم لخدمة العملاء من الشركات العامة، بما في ذلك بناء البنية التحتية المناسبة لإدارة المخاطر، كان من الأفضل إنفاقه على خدمة الشركات الخاصة الصغيرة ومتوسطة الحجم والمنظمات غير الربحية". وأخبرت "فاينانشيال تايمز"، "هذا هو المجال الأفضل".
اتخذ مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة، الذي يشرف على عمليات تدقيق الشركات العامة، نهجا أكثر فاعلية في تطبيق معايير التدقيق في ظل إدارة بايدن، ما أدى إلى زيادة عدد عمليات التفتيش التي ينفذها وفرض غرامات قياسية على شركات المحاسبة.
وفي الأسبوع الماضي، قالت الهيئة التنظيمية "إنها ستجري عمليات تفتيش أكثر في 2024، مع تركيز منصب على البنوك، نظرا للاضطرابات الناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة". كما أنها في منتصف عملية إعادة كتابة معايير التدقيق، بهدف تشديد تدابير الحماية للمستثمرين.
قالت سو كوفي، الرئيسة التنفيذية للمحاسبة العامة في المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين المعتمدين، الذي يمثل هذه المهنة، "إن شركات التدقيق تواجه تحديا يتمثل في جعل الناس يرغبون في مزاولة العمل. والتفتيش الذي يجريه مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة جزء منه".
وقالت "لدى الشركات أعمال كثيرة أخرى مهمة لاحتياجات عملائها وبدأت تتراجع وتنظر إلى نماذج أعمالها وتقول، ما المجال الذي نريد أن نتخصص فيه؟".
هناك نحو 1,600 شركة محاسبة على مستوى العالم مسجلة لدى مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة، منها 258 شركة راجعت حسابات شركات أمريكية عامة من مايو هذا العام، وفقا لشركة إيديجين أودتي أناليتكس.
قال آلان كولتين، مستشار صناعة المحاسبة، "إن الشركات اتخذت قرارات بشأن مكان تركيز الموارد المحدودة على أساس المخاطر والمكافآت، كما أن مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة الذي أصبح صارما أكثر أدى إلى زيادة المخاطر التي كانت جزءا من العمل لفترة طويلة".
وقال "إن مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة يريد خروج الهواة، وسيحقق مراده. في هذه الأثناء، تتساءل الشركات، ما الخطر الأبرز الذي قد يقضي علينا، مثلما حدث مع شركة آرثر أندرسن بعد فضيحة شركة إنرون. الأرباح جيدة، لكنها ليست عظيمة".
وهناك عامل آخر، لقد انخفض عدد الذين أصبحوا محاسبين قانونيين مرخصين إلى أدنى مستوى له منذ 17 عاما على الأقل، ما أدى إلى تفاقم نقص المواهب الذي يغذيه تقاعد المحاسبين من جيل الطفرة.
تظهر الإيداعات التنظيمية في الأسابيع الأخيرة أن بعض الشركات لا تزال تعمل خلال تداعيات تقليص شركات التدقيق.
في الثامن من ديسمبر، تم الإعلان عن شركة كيه بي إم جي مدققة جديدة لـ"فورتي بيوسينزيس"، وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية مقرها دالاس، إحدى الشركات العامة الكثيرة التي تخلت عنها شركة ماير هوفمان ماكان في وقت سابق من هذا العام، وهي ذراع التدقيق لواحدة من أكبر 20 شركة محاسبة، "سي بي آي زد".
في ملفات سابقة قدمها عملاء آخرون، أكدت "ماير هوفمان ماكان" أنها "تعتزم التوقف عن تقديم خدمات تدقيق سجلات الرقابة الداخلية على التقارير المالية للعملاء" - وهو جزء مهم من تدقيق شركات عامة كثيرة - وفي حالة أخرى، كانت تتخلى عن أعمال التدقيق "بسبب قيود مواردها".
كما أعلن بعض العملاء السابقين لشركة أرمانينو، من بين أفضل 20 شركة انسحبت من تدقيق حسابات الشركات العامة هذا العام، عن مدققين جدد أخيرا. وقال مات أرمانينو، الرئيس التنفيذي للشركة، للموظفين "إن الشركة ستتخلى عن العمل الذي يمثل 2 في المائة من إيراداتها،" وألقى اللوم على "البيئة التنظيمية الحالية وظروف السوق المتغيرة".
وخضعت شركة أرمانينو للتدقيق التنظيمي بعد أن عملت مدققة للذراع الأمريكية لبورصة العملات المشفرة المنهارة، إف تي إكس.
قالت ساندي بيترز، مستشارة مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة ورئيسة المناصرة العالمية في معهد المحاسبين الماليين المعتمدين، "إن المدققين يجب أن يعترفوا بأنه يجب أن يكونوا بمستوى مناسب من الخبرة، وإن المعايير الأعلى التي تفرضها الجهات التنظيمية بالغة الأهمية. يعتقد المستثمرون أن هذه المعايير ضرورية، وإذا لم تستوفها شركات التدقيق، فلن نكون محميين تماما".