2023 .. الغوص في غمار أسواق غير تقليدية
قضى كبار المستثمرين معظم عام 2023 في محاولة للانضمام متأخرين إلى الارتفاع الذي شهدته سوق الأسهم الذي لم يتوقعه سوى القليل، أو تكبد الخسائر مع عدم نجاح "عام السندات". لكن العام قدم أيضا بعض المكاسب الكبيرة للمتداولين الراغبين في الغوص في غمار أسواق أكثر خصوصية. وفيما يلي أهم الصفقات المتخصصة.
ارتفاع السندات التركية بالدولار
ارتفعت سندات تركيا بالدولار الأمريكي في 2023، مسجلة أكبر مكاسب لأي مكون رئيس في مؤشر الدخل الثابت في الأسواق الناشئة الرائدة، حيث رحب المستثمرون بالمؤشرات التي تدل على أن البلاد ستتبع مسار سياسات أكثر تقليدية.
وقد سجلت الديون التركية المدرجة في مؤشر جي بي مورجان أي إم بي أي العالمي للسندات المتنوعة، وهو مقياس يستخدم على نطاق واسع كمعيار من قبل مديري صناديق الأسواق الناشئة، سجلت عوائد بلغت نحو 16 في المائة في 2023. وتجاوزت المكاسب العائد البالغ 11 في المائة الذي حققه المؤشر الأوسع وسجل أفضل أداء لأي من المكونات العشرة الأولى في المؤشر من حيث التأثير.
وجاءت العوائد القوية لديون تركيا في الدولار خلال عام مضطرب لأصول البلاد. فقد أعيد انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو، وفاجأ عديدا من الاقتصاديين والمستثمرين عندما ابتعد عن السياسات غير التقليدية التي أدت إلى تراجع الليرة التركية واستنزفت احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية بشكل خطير.
كما قام بتعيين محمد شيمشيك وزيرا للمالية، وهو استراتيجي سابق للسندات في ميريل لينش يحظى بتقدير كبير، وعين المصرفية السابقة في بنك جولدمان ساكس حفيظة غايه إركان رئيسة للبنك المركزي. وقد اتخذ كل من شيمشك وإركان تدابير لإعادة بناء احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية، ورفعا أسعار الفائدة بشكل حاد في محاولة لإبطاء التضخم الذي يبلغ 60 في المائة.
ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة بشأن ما إذا كان أردوغان، المعارض القديم لأسعار الفائدة المرتفعة، سيلتزم بالاستراتيجية الجديدة قبل الانتخابات المحلية الرئيسة العام المقبل. آدم سامسون
اليورانيوم يقفز إلى أعلى مستوياته منذ 15 عاما
كان صعود اليورانيوم في 2023 نتاجا لاتجاهين اقتصاديين على المدى الطويل: الحاجة إلى أمن الطاقة والتوجه نحو صافي الصفر. وساعد على ذلك بعض العوامل المؤثرة.
فقد أجبرت العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا عام 2022 الحكومات في جميع أنحاء العالم على إعادة النظر في اعتمادها على واردات الطاقة، في حين أن الضغوط المتزايدة للحد من انبعاثات الكربون بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية جددت الاهتمام بالطاقة النووية كمصدر للطاقة الوفيرة وفي الغالب النظيفة.
ووصل سعر العنصر الملقب بـ"الكعكة الصفراء" إلى أعلى مستوى له منذ 15 عاما في ديسمبر عند 90 دولارا للرطل وفقا لبيانات العقود الآجلة من مجموعة سي إم إي، ارتفاعا من 50 دولارا في بداية العام.
ويقول مستثمرو اليورانيوم إن أمامه طريق طويل. وقد تسبب الانقلاب في النيجر، التي تمتلك نحو 5 في المائة من احتياطيات العالم، في حدوث ذعر طفيف بشأن الإمدادات في يوليو الماضي، حيث تردد صدى خطر انخفاض توافر هذه المادة في جميع دول الغرب.
شركة يلو كيك، وهي شركة استثمارية مدرجة في المملكة المتحدة تقوم بشراء وحيازة اليورانيوم، تحذر الآن من أن الصين تحاول الهيمنة على هذه السوق لتلبية طلبها المتزايد عليه. كما أن الاعتماد على روسيا، أكبر المصدرين لليورانيوم المخصب الذي تحتاجه محطات الطاقة النووية، يدق أجراس الإنذار في واشنطن العاصمة وأماكن أخرى. أرجون نيل عليم
سولانا تعود إلى أدائها المثالي
سولانا، العملة المشفرة التي وصفت ذات مرة بأنها مستقبل التمويل الرقمي، عادت إلى الحياة هذا العام بعد أن قضى انهيار بورصة إف تي إكس على أكثر من 90 في المائة من قيمتها.
وكان أحد أكبر داعمي سولانا هو سام بانكمان فريد، الرئيس التنفيذي لبورصة العملات المشفرة الفاشلة، الذي روج لوعدها كدفتر رقمي يمكنه التعامل مع آلاف التداولات في الثانية، وهي عقبة تكنولوجية تجاوزت عديدا من العملات المشفرة بما فيها البيتكوين. وعندما انهارت إف تي إكس، كانت تحتفظ بكومة كبيرة من رموز سولانا. وإلى جانب مشكلات الموثوقية التي ابتليت بها العملة الرمزية، دفع ذلك بالسعر الذي صعد إلى 250 دولارا ليهبط إلى 13 دولارا فقط في أوائل 2023.
لكن سولانا بدأت ببطء في إصلاح أعطالها المعتادة - كان آخرها في فبراير - وانفصلت تدريجيا عن بانكمان فريد في نظر المستثمرين. وحتى الآن هذا العام ارتفعت بنسبة 560 في المائة لتصل إلى 87 دولارا.
لكن الطموح بأن تصبح سولانا في يوم من الأيام " فيزا بالنسبة للأصول الرقمية"، على حد تعبير أحد بنوك وول ستريت، لا يزال بعيد المنال. حيث تم إرسال 2 في المائة فقط من 52 مليار دولار التزم بها المستثمرون لمشاريع الشبكات المالية اللامركزية إلى المشاريع المبنية على العملة الرمزية. سكوت شيبولينا
شركة هايدروإلكتريكا تتألق وسط ظلمة طروحات الاكتتاب العام في أوروبا
قلة من المستثمرين كانوا على استعداد لدعم شركة رومانية للطاقة الكهرومائية لتتصدر قائمة أكبر الطروحات العامة الأولية في أوروبا في 2023.
فقد تفوق الطرح العام الأولي لشركة هايدروإلكتريكا المملوكة للدولة بقيمة ملياري دولار في بوخارست في يوليو - وهو أكبر مبلغ في أوروبا منذ طرح شركة بورش في سبتمبر 2022 - على شركة الأدوية الألمانية شوت فارما ومجموعة المقامرة الإيطالية لوتوماتيكا، اللتين جمعتا مليار دولار و660 مليون دولار في أول ظهور لهما في سوق الأسهم هذا العام.
ومنذ ذلك الحين ارتفعت أسهم هايدروإلكتريكا، وهي واحدة من أكبر مجموعات الطاقة المتجددة في أوروبا، بأكثر من الخمس، لتمنح بذلك مكاسب كبيرة للمؤسسات الداعمة لها ومن ضمنها شركة إم آند جي إنفيستمنت مانجمنت، وفانغارد، وفييرا كابيتال.
وكان الاكتتاب العام قد "تجاوز المعروض بعدة أضعاف" بسعر العرض، وفقا لشركة هايدروإلكتريكا، التي ارتفع صافي أرباحها وإيراداتها في الربع الثالث بنسبة 42 و32 في المائة على أساس سنوي. وارتفع إنتاج الكهرباء بنسبة 38 في المائة ليصل إلى 14101 جيجاواط/ساعة.
ومع ذلك، لا تزال سوق الاكتتابات الأولية في أوروبا في حالة ركود، مع محدودية شهية المستثمرين بسبب المخاوف المتزايدة من تباطؤ النمو الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، أثبت الوعد بمجمعات أعمق من رأس المال في الولايات المتحدة أنه مغر للغاية بالنسبة لشركات مثل شركة آرم لصناعة الرقائق ومجموعة سي آر إتش لمواد البناء، وكلاهما تتخذان من المملكة المتحدة مقرا لهما.
واستأثرت أوروبا بـ5 في المائة فقط من عائدات الاكتتاب العام العالمي في 2023، خلف الصين والولايات المتحدة بنسبة 54 و25 في المائة على التوالي، وفقا للبيانات التي جمعتها شركة أي واي. جورج ستير
قفزة في أسعار الكاكاو
ارتفعت العقود الآجلة للكاكاو إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث دمرت الأحوال الجوية القاسية المحاصيل في غرب إفريقيا، ما أدى إلى انخفاض الإمدادات ورفع أسعار الشوكولاتة للمستهلكين العالميين.
يتم تداول العقود الآجلة للكاكاو الآن في بورصة إنتركونتيننتال في لندن - وهي معيار عالمي يسمح للمتداولين بشراء وبيع الطلبيات الفردية حتى ألف طن - عند 3570 جنيها استرلينيا للطن المتري الواحد، بزيادة 91 في المائة منذ بداية العام. وفي مجال السلع الخفيفة، فقط عصير البرتقال هو الذي ارتفع أكثر في 2023.
ويقول محللون إن هطول أمطار غزيرة أكثر من المعتاد على أجزاء من غانا ونيجيريا وساحل العاج، وهي المورد الرئيس للكاكاو في العالم، أدى إلى تفاقم انتشار مرض القرنة السوداء وتأخير المحاصيل. ويشعر التجار الآن بالقلق من أن الطقس الحار والجاف المعزز بظاهرة إل نينيو قد يزيد من ضعف الإنتاج في أوائل العام المقبل.
ومع ذلك، إنه "لمن الصعب تبرير حجم الحركة للأعلى " في أسعار الكاكاو، كما قال وارين باترسون، رئيس استراتيجية السلع في بنك أي إن جي. وقال: "إذا لم تكن الإمدادات من غرب إفريقيا سيئة كما كان يخشى لها، فمن المتوقع أن يحدث شيء في السوق يصحح الأسعار هبوطيا". جورج ستير