ماذا تخبئ الأسواق للعام الجديد؟
مع بداية كل عام تصدر بيوت المال والمصارف تنبؤاتها للعام الجديد. التنبؤات في الأغلب لا تصدق لكنها مهمة، لأن توصيات وإدارة مديري المحافظ لا تبتعد عنها كثيرا. سأركز على السوق الأمريكية بسب توافر المعلومات، لكن سأنوه بالسوق السعودية، خاصة أن هناك تقاطعات.
هناك عدة ملاحظات، الأولى: أن التوقعات لا يمكن أن تكون علمية، لكن تؤخذ جديا ولا يمكن أخذها حرفيا، الثانية: أن طبيعة الوسط المالي أن يتبع الماضي القريب، فإذا كان هناك نزول حاد توقع كثيرون استمراره، والعكس صحيح، الثالثة: أن التوقعات في الأغلب للمؤشرات ولذلك لا تعكس محفظة أحد إلا من يستثمر في صناديق تتبع المؤشر، الرابعة: توقعات عام لا بد أن تكون مضللة لأن الأداء في الأغلب يتبع ما سبقه من تهيئة اقتصادية ومالية ونقدية لذلك فإن المستثمر الحقيقي لا يراهن على أداء عام واحد. بعد هذه الاحتياطات لنغص في التوقعات.
أغلب التوقعات لمؤشر S&P 500 في نهاية 2022 كانت بارتفاع 6.2 في المائة، لكن جاء الارتفاع عند 24 في المائة عند إغلاق العام، عند 4770. وسيط التوقعات 2024 عند 4750. وسيط توقع 2022 كان ارتفاع 3.9 في المائة، لكن المؤشر خسر 19.4 في المائة، حتى لو ذهبنا إلى توقعات أطول، فمثلا وسيط التوقعات للفترة من 2000 إلى 2023 كانت عند 9 في المائة ربما امتثالا لتاريخ الأداء في المدى البعيد، لكن متوسط أداء الفترة كان عند 6 في المائة. سجلت السوق ارتفاعا مؤثرا في نهاية هذا العام بسبب الإجماع حول انخفاض نسبة التضخم، وبالتالي فالتوقعات بخفض نسبة الفائدة قريبا، بناء على قراءة ما ذكر رئيس مجلس البنك الفيدرالي.
ارتفاع السوق في المدى القصير مرهون بتحقيق هذه التوقعات للتضخم وركود بسيط ـ يسمح بتخفيض الفائدة لكن لا يؤثر سلبا بقوة في البطالة والأجور وربحية الشركات. توافر هذه المعطيات في الأغلب يرفع السوق، لكن تعودنا أن تغالطنا الظروف لأسباب لا يمكن أخذها في الحسبان، لذلك لا تصدق أغلب التوقعات. فمثلا تلقى الفيدرالي لوما بعضه مستحق بسبب تأخره في رفع الفائدة العام الماضي "2022" لكبح جماح التضخم، لذلك وارد أن يخطى مرة أخرى، خاصة أن هناك من يرى أن التضخم سيرتفع مع نهاية هذا 2024. أحد الاحتمالات أن يحدث ركود حاد سيؤثر سلبا في السوق. فضلا عن المفاجآت الجيوسياسية التي ممكن تعصف بكل توقع دون مقدمات.
الحل ألا يغامر الفرد باستثمار أموال سيحتاج إليها لعامين أو أقل لسببين، الأول، لأن المغامرات والمضاربات ستشوه النظرة الاستثمارية، والثاني، ألا تكون تحت ضغط وتبيع في الوقت الخطأ. خاصة أن كثيرين لا يستطيع تسعير السيولة بما يناسب احتياجاته. من أقدم وأهم النصائح التوزيع على مدى الأسواق والأدوات، لكن لا بد من معرفة أن التوزيع أيضا يعتمد على حجم المبالغ لأن هناك تكلفة في الدخول والخروج، والقدرة على المتابعة. ربما آخر نصيحة أن تعرف مدى قدراتك، إذ يقول مارك توين ما يضرنا ليس ما نعرف ولكن ما نحن متأكدون من معرفته بينما ليس صحيحا.
كلمة أخيرة عن السوق السعودية، جاء الارتفاع بنحو 13 في المائة لمؤشر تاسي لعام 2023، بينما مؤشر نمو سجل ارتفاع أعلى 26 في المائة "أداء المؤشر عادة لا يشمل الأرباح الموزعة" بسبب التجاوب مع الانخفاض في الفائدة أسوة في الأسواق العالمية، وربما ارتداد على ما سبق من نزول بسبب أرباح بعض الشركات وتزايد العرض، لكن يصعب قياس أيهما أكثر تأثيرا.