بدأت الهزة .. شركات البث تتهاوى والفائز "نتفليكس"

بدأت الهزة .. شركات البث تتهاوى والفائز "نتفليكس"

تواجه أكبر شركات الترفيه التقليدية في العالم حسابا في 2024 بعد خسارة أكثر من خمسة مليارات دولار العام الماضي من خدمات البث عبر الإنترنت التي أنشأتها للتنافس مع شركة نتفليكس.
تواجه شركات ديزني، ووارنر براذرز ديسكفري، وكومكاست وباراماونت - تكتلات الترفيه الأمريكية التي تنمو أكبر منذ عقود- ضغوطا لتقليص الشركات القديمة أو بيعها، وتقليص الإنتاج وخفض التكاليف بعد خسائر بالمليارات من منصاتها الرقمية.
وضعت شاري ريدستون، المليارديرة المساهمة والمتحكمة في شركة باراماونت، الشركة للبيع فعليا في الأسابيع الأخيرة. لقد أجرت محادثات حول بيع استوديو هوليوود لشركة سكاي دانس، شركة الإنتاج التي تقف وراء فيلم توب جن: مافيرك، كما يقول مطلعون على الأمر.
كما ناقش بوب باكيش، الرئيس التنفيذي لشركة باراماونت، عملية دمج محتملة أثناء تناول الغداء مع ديفيد زاسلاف الرئيس التنفيذي لشركة وارنر، منتصف ديسمبر. وفي كلتا الحالتين، قيل إن المناقشات كانت في مرحلة مبكرة وحذر مطلعون على المحادثات من أن الصفقة قد لا تتحقق.
بعيدا عن خسائر خدمات البث، تواجه مجموعات الإعلام التقليدية سوقا إعلانية ضعيفة، وعوائد تلفزيون آخذة في الانخفاض وتكاليف إنتاج مرتفعة في أعقاب إضرابات هوليوود.
قال ريتش جرينفيلد، المحلل في شركة لايت شيد بارتنرز، إن مناقشات صفقة شركة باراماونت كانت انعكاسا "للذعر الكامل والمطلق" في الصناعة.
وأضاف: "الإعلانات التلفزيونية تتراجع كثيرا، ويستمر استبدال التلفاز بالإنترنت بالتسارع، وتكاليف الرياضة ترتفع وقطاع السينما لا يبلي حسنا. كل شيء يمكن أن يسير على نحو خاطئ يحدث. الشيء الوحيد الذي تعرف الشركات فعله من أجل النجاة هو محاولة الاندماج وخفض التكاليف".
لكن بينما يناضل أصحاب وسائل الإعلام التقليدية، فقد برزت شركة نتفليكس، المجموعة التكنولوجية التي كانت رائدة في نموذج البث قبل أكثر من عقد، كونها الفائزة في معركة إعادة تشكيل توزيع المرئيات.
وكتب المحلل مايكل ناثانسون في نوفمبر: "على مدى معظم الأعوام الأربعة الماضية، أنفقت صناعة الترفيه أموالا مثل بحارة مخمورين لخوض أولى حروب البث. الآن، بدأنا أخيرا نشعر بالترنح وعبء الفاتورة غير المدفوعة".
وأضاف ناثانسون أنه بالنسبة إلى الشركات التي كانت تحاول التنافس مع شركة نتفليكس، فقد "بدأت الهزة".
بعد عام 2022 المليء بالعقبات، ميزت "نتفليكس" نفسها عن المنافسين - وعلى الأخص بكونها تحقق أرباحا. فقد ارتفعت أرباحها في الربع الأخير بشكل تجاوز توقعات وول ستريت، حيث أضافت تسعة ملايين مشترك جديد - وهو أقوى ارتفاع منذ أوائل 2020، عندما أدت عمليات الإغلاق الناجمة عن كوفيد- 19 إلى قفزة في عدد المشتركين.
يقول جون مارتن، المؤسس المشارك لشركة بوجيليست كابيتال والرئيس التنفيذي السابق لشركة ترنر برودكاستنج: "لقد سبقتهم نتفليكس". وقال إن السؤال الموجه لمنافسيها هو "كيف يمكنك إنشاء خدمة بث مجدية بنموذج أعمال مجد؟ لأنهم لا ينجحون".
هذا وقد رفعت خدمات البث الرائدة الأسعار بقوة في 2023. والآن، يتوقع محللون ومستثمرون ومديرون تنفيذيون أن عملية الدمج قد تتم في العام المقبل حيث تتحد بعض الخدمات الأصغر حجما أو تنسحب من حروب خدمات البث.
وحققت شركة وارنر، موطن شبكة إتش بي أوه واستوديو أفلام وارنر براذرز، أرباحا صغيرة في خدمات البث الأمريكية هذا العام، جزئيا برفع الأسعار، والتخلص القاسي من بعض المسلسلات وترخيص بعضها الآخر لشركة نتفليكس. لكن جاء ذلك بثمن باهظ: فقد خسرت شركة وارنر أكثر من مليوني مشترك في خدمات البث في الربعين الأخيرين.
وقد ترددت شائعات منذ فترة طويلة عن الشركة، التي اندمجت مع منافستها شركة ديسكفري العام الماضي، بوصفها مرشحا محتملا للاستحواذ، حيث ينظر إلى شركة كومكاست على أنها المشتري الأكثر احتمالا. لكن زاسلاف ألمح في نوفمبر إلى أن مجموعته تريد أن تصبح المستحوذة لا أن تكون هدفا.
وقال في مكالمة أرباح: "هناك كثير من الجهات الزائدة في السوق. لذا، فإن هذا سيمنحنا فرصة ليس فقط للكفاح من أجل النمو العام المقبل، بل وامتلاك ميزانية عمومية واستقرار نوعا ما (...) بحيث يمكننا أن نكون انتهازيين حقا خلال الـ12 إلى 24 شهرا المقبلة".
منعت شروط اندماج وارنر-ديسكوفري المجموعة من عقد صفقات لعامين. تنتهي هذه الفترة في ثمانية أبريل.
إن "ديزني"، أكبر شركة إعلامية تقليدية، في خضم عملية إعادة هيكلة قاسية شهدت خفض سبعة آلاف وظيفة وهجوما من المستثمرين الناشطين. لقد خسرت أكثر من 1.6 مليار دولار من أعمال البث في الأشهر التسعة الأولى من 2023، اكتسبت خلالها خدمة ديزني بلس ثمانية ملايين مشترك. وتقول الشركة إنها ستحقق أرباحا من خدمة البث في أواخر 2024.
وفكر بوب إيجر، الرئيس التنفيذي لشركة ديزني، هذا العام علنا فيما إذا كانت بعض أصولها لا تزال تناسب الشركة، الأمر الذي أثار تكهنات بأنه كان يفكر في التخلص من هذه الأصول. لكن لم تظهر أي صفقات، ما دفع بعض المستثمرين لاستنتاج أن هناك شهية قليلة بين شركات الأسهم الخاصة أو شركات التكنولوجيا للاستحواذ على الشركات القديمة.
وقد ارتفعت أسهم شركة باراماونت 40 في المائة تقريبا منذ أوائل نوفمبر مع تزايد التكهنات بالبيع. وارتفع السهم بشكل حاد بعد الإعلان عن محادثات شركة سكاي دانس، لكن أسهم كل من شركتي باراماونت وورانر انخفضت بعد انتشار أخبار مناقشاتهما.
وقال محللون إن مستويات الديون المرتفعة لدى الشركتين كانت مصدر قلق مباشر للمستثمرين. وكتب محللو بنك سيتي في مذكرة الأسبوع الماضي: "نعتقد أن المستثمرين سيركزون على فاتورة الاستدانة قبل أي شيء آخر". وقد قدروا أن اندماج جميع الأسهم بين شركتي وارنر وباراماونت يمكن أن يحقق ما لا يقل عن مليار دولار نتيجة الاتحاد.
لكن جرينفيلد قال إن دمج شركتين مع خدمات بث خاسرة ومحافظ كبيرة من الأصول التلفزيونية المتراجعة ليس الحل لمشكلاتهم.
وقال: "ينبغي أن يكون الحل الصحيح: دعونا نتوقف عن محاولة العمل في مجال خدمات البث. الحل هو، دعونا نصبح أصغر حجما ونركز ونتوقف عن محاولة أن نكون شركة ضخمة. دعونا ننكمش بشكل جذري".

الأكثر قراءة