مخزونات الأسماك العالمية تحت وطأة الصيد الممنوع
يعرقل انتشار صيد السمك غير المتتبع الجهود العالمية لحماية مخزونات السمك المستنفدة والبيئات البحرية، وفقا لدراسة وضعت خريطة للنشاطات غير المعلنة في البحر لأول مرة.
نحو 75 في المائة من سفن الصيد الصناعية في العالم لا يتم تتبعها علنا، وفقا لبحث من منظمة الحفظ جلوبال فيشينج واتش "جي إف دبليو"، ما يهدد الأمن الغذائي والمعيشة والنظم البيئية البحرية.
قال ديفيد كرودسما، أحد المؤلفين الرئيسين للدراسة ومدير البحث والابتكار في جي إف دبليو، إنه في حين أن بصمة الصناعات الاستخراجية الأرضية مثل الزراعة تتوقف عند آخر متر مربع تقريبا، فإن المحيطات كانت "لا تزال كالغرب المتوحش".
يجعل هذا التفاوت الحكومات والمنظمات تعمل في الظلام، ما يعرقل تحقيق الالتزام العالمي الذي اتفق عليه في قمة التنوع الحيوي "كوب 15" في 2022 لحماية 30 في المائة على الأقل من اليابسة والبحر بحلول 2030، كما قال.
استخدمت دراسة جي إف دبليو، التي نشرت في مجلة "نيتشر" الأربعاء الماضي، نظام تحديد المواقع العالمي لمعرفة مواقع مئات الألوف من السفن العابرة للمحيطات، إضافة إلى صور رادارات الأقمار الاصطناعية والذكاء الاصطناعي لتتبع النشاط في البحر بين 2017 و2021.
وجدت أن 63 ألف سفينة في المتوسط كانت ترصد في أي وقت. كان نحو نصفها سفن صيد صناعية، وثلاثة أرباعها كانت خارج تغطية الرادارات، بما فيها الكثير حول إفريقيا وجنوب آسيا.
أما الربع المتبقي منها، بما في ذلك سفن الحاويات وناقلات الوقود وسفن الركاب والإمداد، فلم يتم تتبعها.
قال كرودسما إن بعض هذه السفن التي تسمى السفن الأشباح لم تحتو على أجهزة الإرسال والاستقبال ذات نظام التعرف الآلي الذي يرسل موقعها وهويتها إلى السلطات الساحلية والسفن الأخرى. وأطفأت بعض السفن الأخرى هذه الأجهزة، في الأغلب لأنها انخرطت في أنشطة غير مشروعة مثل الصيد غير المنظم أو غير القانوني أو العمل القسري، كما أضاف.
وقدر أنه من المحتمل أن ما يصل إلى 20 في المائة من الصيد كان غير منظم أو غير قانوني "لكن الحقيقة هي أننا لا نعلم حقا لأن البيانات ضعيفة للغاية".
كما وجدت الدراسة أن التوزيع العالمي للصيد الصناعي يختلف عن النمط المفهوم عموما.
وفقا لبيانات نظام التعرف الآلي، لدى أوروبا وآسيا مستويات نشاط متشابهة من حيث ساعات الصيد. لكن إذا أخذت السفن منعدمة الإرسال في الحسبان، فقد شكلت آسيا 70 في المائة من نشاط الصيد العالمي، مقارنة بنسبة 12 في المائة في أوروبا.
كان مجموع الصيد المتتبع وغير المتتبع في أمريكا الشمالية وإفريقيا 7 في المائة لكل منهما من المجموع العالمي، بينما في أمريكا الجنوبية وأستراليا فقد كان 4 و2 في المائة على التوالي.
أحد الاستنتاجات الرئيسة هو أن سفن الصيد غير المتتبعة كانت تدخل المناطق البحرية المحمية بشكل روتيني، بمتوسط خمس سفن تعمل في محمية غالاباغوس البحرية و20 في الحيد المرجاني العظيم كل أسبوع.
لحماية مثل هذه المناطق ومخزونات الأسماك، على الحكومات فرض أن تكون جميع السفن قابلة للتبع علنا، وفقا لمجموعة أوشيانا للحملات. "إذا كنت تصطاد في المحيط، فأنت تصطاد في مورد عام ويجب أن يطلب منك إثبات أنك تفعل ذلك بشكل قانوني"، كما قال الرئيس التنفيذي أندرو شاربليس.
وفقا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، ثلث المخزون العالمي من الأسماك يتم استغلاله بإفراط، بمعنى أن الأسماك يتم اصطيادها بوتيرة أسرع من وتيرة تكاثرها. كما يتم استنفاد المواطن البحرية المهمة، حيث فقد 30 إلى 50 في المائة منها بسبب النشاط البشري.
انخفض نشاط الصيد عالميا 12 في المائة خلال جائحة كوفيد- 19 ولم يتعاف تماما حتى الآن، لكن الصيد المفرط السابق يعني أن كثيرا من المخزونات كانت عند أقصى حدودها رغم ذلك، وفقا لجي إف دبليو. "نحن نصطاد كل الأسماك التي يمكننا اصطيادها بالفعل"، كما قال كرودسما.
لا يشكل الصيد المفرط خطرا على النظم البيئية البحرية فقط، بل يشكل خطرا أيضا بالنسبة إلى 500 مليون شخص حول العالم الذين يعتمدون على قطاع صيد الأسماك لكسب رزقهم، كما حذر. كما أن مخزونات الأسماك مهمة بالنسبة إلى الأمن الغذائي العالمي.
تواجه المحيطات ضغطا أكبر حيث تزداد النشاطات الصناعية الأخرى في البحر، وفقا للدراسة. ارتفع عدد سفن الحاويات وناقلات الوقود ومنشآت الطاقة البحرية خلال فترة البحث، فقد تخطت توربينات الرياح منصات النفط لأول مرة، باستثناء البنية التحتية في بحيرة ماراكايبو في فنزويلا.
تتوقع جي إف دبليو أنه مع نمو الطلب على الطاقة المتجددة، ستشهد البحار مزيدا من التنمية. وقال كرودسما إن هذا قد يوجد صراعا يجب التعامل معه حول المساحة.
"تدل الصورة الأكبر لهذا الموضوع على أن اقتصاد المحيطات ينمو أسرع من الاقتصاد العالمي"، كما قال، مضيفا أن الدراسة ستساعد على منع ذلك من الحدوث "دون تخطيط بالكامل".